العدد 238 - الخميس 01 مايو 2003م الموافق 28 صفر 1424هـ

تحديات الحركة النقابية في المرحلة الراهنة

عبدالله حسين comments [at] alwasatnews.com

تواجه الحركة النقابية العمالية البحرينية تحديات وصعوبات عظيمة في المرحلة المقبلة، وذلك بعد تدشين حق التنظيم النقابي في البلاد بصدور مرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002 بإصدار قانون النقابات العمالية، والبدء بتشكيل النقابات العمالية في الكثير من منشآت القطاعين الخاص والحكومي.

ويمكن تلخيص هذه التحديات والصعوبات في العنوانين الآتيين:

1- وحدة الحركة النقابية العمالية: إذ تواجه النقابات الفتية جملة من الصعوبات الداخلية والخارجية، فعلى الصعيد الداخلي أكدت التجربة القصيرة الحاجة إلى تطوير الوعي النقابي لدى العمال إضافة إلى وجود أعداد من العمال مازالوا غير مستوعبين أهمية وجود النقابات والانخراط فيها كمؤسسة تدافع عن مطالبهم وحقوقهم، كما أن التجربة أوضحت النقص في الكوادر النقابية المؤهلة والمتمكنة في قيادة النقابات قيادة واعية وشجاعة ومرد تلك القطيعة الطويلة الممتدة ثلاثة عقود من الزمن أن القيادات النقابية التاريخية التي ناضلت في مرحلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي كانت مغيبة أو مقموعة أو بعيدة عن أرض الوطن، ومن بقى منهم أو تعلم منهم اكتسب الخبرة والدراية إلى جانب أنهم كانوا قلة فإنهم كانوا يمارسون نضالهم بشكل سري أو تنظيري بحكم غياب الحريات بشكل عام وحرية العمل النقابي العلني بشكل خاص. ومن المعروف أن تراكم الخبرة والتجربة النقابية لا يتحقق إلا بالممارسة اليومية مع مشكلات العمل وقضاياهم المهنية والمطلبية، ولم تكن في الساحة العلنية العمالية سوى قلة من العمال مارسوا نضالهم اليومي عبر اللجنة العامة لعمال البحرين قبل أن تتحول إلى الاتحاد العام لعمال البحرين الذي كان بتحوله التاريخي رافعة عجلت بإصدار قانون النقابات العمالية.

هؤلاء العمال/ الكوادر النقابية القليلة الذين تمكنوا عبر سنوات عملهم ونضالهم في هذه اللجنة أن يؤسسوا لأنفسهم تراكما ووعيا وخبرة ودراية نقابية لا بأس بها، ومهمتهم في المرحلة المقبلة صعبة ومضاعفة، إذ تقع على عاتقهم المساهمة والمساعدة في نقل الخبرة والدراية النقابية التي لديهم إلى العمال المنخرطين في النقابات. وكذلك على الصعيد الداخلي مازالت هذه النقابات التي تأسست حديثا لم تبدأ بعد في تفعيل هياكلها التنظيمية ولجانها وبرامجها وخططها. وعلى الصعيد الخارجي فالصعوبات والتحديات كثيرة فمازالت هذه النقابات تتلمس طريقها وسط الغام عدة بعضها من أفراد ذوي نوازع فردية وبعضها من أرباب العمل ومحاولات تقزيم دور وتأثير النقابات في صفوف العمال، وبعضها حكومية إذ بدأت في إصدار تعميمها الإداري الذي تضمن منع العمال والموظفين في القطاع الحكومي من تشكيل نقابات، وهي خطوة أربكت الحركة النقابية في القطاع الحكومي، والتي كانت منطلقة نحو تشكيل نقابات في وزارات الدولة.

إن جملة هذه الصعوبات والتحديات تحتم على جميع العمال ونقاباتهم التي تشكلت أو التي في طريقها إلى التشكيل أو التي شكلت لها لجانها التحضيرية، وخصوصا في القطاع الحكومي، أن يرصوا صفوفهم ويوحدا لغتهم ويحصنوا ذاتهم ويبتعدوا عن الحساسيات الفردية أو المرتبطة بأشخاص لهم رؤى مختلفة، ويعملوا معا تحت مظلة الاتحاد العام لعمال البحرين بالتنسيق والتشاور معه حتى يتمكن الجميع من الخروج منتصرا، فبالوحدة وحدها تتمكن النقابات من مواجهة إدارات بعض الشركات التي تتعمد تهميش وتقزيم أدوار النقابات، وبالوحدة وحدها تتمكن من اسقاط تعميم ديوان الخدمة المدنية الخاص بحظر النقابات في القطاع الحكومي، وبالوحدة تتمكن من افشال أية مخططات تهدف إلى إضعاف أدوارنا والتشكيك في صدقيتنا واخلاصنا للطبقة العاملة، وكلما شعر المتربصون والمتآمرون بأن جميع النقابات والنقابيين يتكلمون لغة واحدة، ويمثلهم اتحاد واحد وتضامنت جميع النقابات معهم، تيقنوا أن الطبقة العاملة متراصة ولا يمكن اختراقها أو شراؤها أو تأسيس نقابات صفراء في صفوفها. الوحدة هي الطريق نحو الانتصار والانتقال إلى المرحلة المقبلة.

2- الدفاع عن العمال في كل القطاعات: السياسات الاقتصادية وبرامج الخصخصة وإعادة الهيكلة وشروط اتفاقات منظمة التجارة الدولية والدعوات الهادفة إلى تحرير السوق وترك المنافسة تأخذ مداها وغيرها من الإجراءات... كل هذه أخذت تؤثر بشكل مباشر على أوضاع العمال واستقرارهم الوظيفي، والحركة النقابية مطالبة بأن تكون في طليعة المدافعين عن كل العمال والموظفين المتضررين من هذه السياسات ابتداء من تأثيرات إعادة الهيكلة في شركة بتلكو والتي شكلت البداية لفتح الباب أمام الشركات الكبرى الأخرى في القطاعات الانتاجية أو الخدمية بأن تحذو حذو هذه الشركة، ومرورا بمحاولات الحكومة في إجهاض حركة واندفاعة تأسيس النقابات في القطاع الحكومي. الأمر الذي يحتم على الحركة النقابية وقياداتها أن تواجه هذه الإجراءات الحكومية بمحاولة الاقناع بأهمية عدم التمييز بين العمال في القطاعين الخاص والعام مع نصوص وروح الدستور والميثاق وقانون النقابات العمالية، وإذا أصرت الحكومة على مواقفها فالمطلوب اللجوء إلى منظمة العدل الدولية ومنظمة العمل العربية، إضافة إلى القيام بإجراءات عملية وقانونية من أجل تحقيق المطالب.

كما ان هذه السياسات الاقتصادية أفرزت جملة من المشكلات المؤثرة على العمال. منها نتائج الفصل التعسفي أو التقاعد الاجباري أو زيادة المنافسة غير العادلة، والتي هي بحاجة إلى دعم كسواق الأجرة والنقل أو الصيادين البحرينيين أو غيرهم من الفئات والشرائح العمالية الضعيفة التي تواجه السهام في رزقها ومعيشتها، والمعتمدة على جهودها الخاصة ولن تكون قادرة على منافسة الشركات الكبيرة التي يعمل بعض كبار المسئولين على إنشائها تحت تبريرات الاقتصاد الحر والمنافسة، متناسين أهمية النظرة التكاملية للواقع الاقتصادي، وأن أي إضرار بالفئات الشعبية سيؤدي إلى عدم استقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي في البلاد

العدد 238 - الخميس 01 مايو 2003م الموافق 28 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً