العدد 238 - الخميس 01 مايو 2003م الموافق 28 صفر 1424هـ

هل يموت الحب بين الزوجين بعد إنجاب الأبناء؟

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

أسرة بلا كلمات جميلة أسرة لا يمكن أن يسكنها الحب... فالحب بين الزوجين لا يمكن أن يعيش في مناخ متخشب، فاقدٍ للإحساس وللذوق وللشعور...

الكلمات الدافئة تقي الأسرة من أنياب شتاء الحياة، وليس هذ فقط، بل حتى الكلمة الطيبة، واللفتة الحانية مشفوعة بالاهتمام والإنصات والإيثار في المعاملة، مع الاهتمام بجمال المظهور وذوق النقد والأداء، محفوفة بالابتسامة التي تظفي على المنزل نكهة خاصة وعذوبة تعيد إليه حيويته ونضارته وجماله... إذا يجب أن نعرف ونحن نبني هذه المؤسسة كيف نقويها بالحب وطهارة العاطفة، فالزوجة التي لا تشعر بعذوبة عاطفة الزوج قد تذبل وردة الحب في قلبها مع الأيام والسنين... ولا يوجد أجمل من كلمة الزوج إلى زوجته «إني أحبك» كما يقول رسوم الله (ص): «قول الزوج إلى زوجته إني أحبك لا يمحو من قلبها حتى تدفع في قبرها»... كانت خديجة (ع) تستقبل الرسل بالابتسامة... وبالكلمة الطيبة، ووفاء لها كلما تذكرها رسول الله بعد وفاتها شعر بالحزن، لأنها المرأة التي أظفت على حياته كل معاني الإخلاص والوفاء وطيب المعاشرة وحسن اللقاء.

الحياة عموما ليست وردية وصافية ولا تخلو من هموم، ولكن عندما تقوم الأسرة على الحب والعاطفة المتوازنة، فهما يبقيان عمود الخيمة لهذه الأسرة... تشفع للآخر ذنوبه... انطلاقا من قول الشاعر:

وإذا الحبيب أتى بذنبٍ واحدٍ

جاءت محاسنه بألف شفيع

لهذا نجد كل الشريعة الإسلامية تركز على دور الكلمات والمعاملة في تقوية علاقة الزوجين، كما ذكرنا ذلك في حديث رسوم الله وذلك لأهميتها، لهذا نجد الشعراء والفلاسفة والحكماء كلهم تكلموا عن دور الحب في الأسرة، واختلفوا فيه، لكنهم اتفقوا على أهميته... فالشعراء قالو: إن الحب يصنع المعجزات، والفلاسفة يرونه طاقة غامضة تذيب قلبين وروحين وجسدين في كيان واحد يرفض الذاتية، يأتي على طريقة رابعة العددية، ولكن بين الزوج وزوجته لا مع خالقه

أنا من أهوى ومن أهوى أنا

نحن روحان حللنا بدنا

فإذا أبصرته أبصرني

وإذا أبصرته أبصرتني

وإذا أبصرتني أبصرتنا

يقول الرسول (ص): «استوصوا بالنساء خيرا». والآية الكرية تقول: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف»... ومن أكبر مصاديق المعروف أن يبادل الزوج بذائقه جمالية تمكنه من انتقاء الكلمات واختيار الزمان والمكان... لأن المشاعر في توازنها هي أشبه بالخلطة الكيماوية أقل خلل في التركيبة قد تأتي بعكس ما أريد لها...

لذلك علينا ألا نعجب عندما نعلم أن من بعض أسباب الطلاق هو غياب العاطفة بين الزوجين. يقول مسئول قسم التوجيه والتعاون القضائي في المجتمع الأسري في محافظة تبريز الإيرانية، مسعود اليوسفي: «إن نسبة الطلاق الناشئ من فقدان العاطفة بين الزوجين 5,73 في المئة، كما وان هنالك عوامل أخرى ولها نسب... فسبب الطلاق الناشئ عن إدمان المخدرات هي 9,87 في المئة، وبسبب تدخل الآخرين من طرفي الزوجين 9,55 في المئة، وبسبب عدم الانسجام والتفاهم 8,91 في المئة، وبسبب البطالة 8,55 في المئة وسوء الظن: 7 في المئة، هذا على مستوى تبريز فقط.

طبعا، تكلمنا سابقا عن ثقافة «البرطوم» حتى على القضايا الصغيرة، وفي المقابل نرى لزاما أن نتكلم عن «لغة العيون» و«حكاية الوجه» من قبل الزوجين... وهذا فصل من فصول قصة الحب بينهما... فالإمام علي (ع) يقول: «البشاشة حبالة المودة» و«الابتسامة في وجه المؤمن حسنة»، ولكنها طبعا في وجه الزوجة غنيمة وسعادة وطيلة عمر.

لذلك نرى الكثير من الأزواج وهو في طريقه للعودة إلى المنزل «كوخ المحروسة»، أول ما يفكر هو في تلك الابتسامة التي ستقابله بها زوجته... طبعا الابتسامة هي عبارة عن رسالة تبعث بها ذبذبات القلب للمحبوب، لهذا نجد أن التعبير عن الوجه عبر الابتسامة، النظرة... نظرات العيون لها معانٍ خاصة... فهل يتعلم الزوجان لغة العيون كيف تكون دافئة وحانية وبريئة ورحيمة في تعاطيها مع الزوج أو الزوجة.

يقول الحديث: «خير ما يكنز المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته ـ في الحق ـ وإذا غاب عبها حفظته ـ فلا تخونه ـ».

طبعا الحب بين الزوجين ليس مستحيلا، وهو لا يأتي بالكلمات وإنما بالصدق والتفاهم والتنازل التضحية في قبول الآخر وفي محاولة تغييره نحو الأحسن... وهو لا يكون الأعبر ممارسات عملية تعمقه بذكرها بطريقة سريعة:

- اهتمام الزوجة بجمالها... للأسف بعض الزوجات تقتنع بالمظهر ليلة عرسها وربما يستمر معها حتى بعد الزواج، ولكن المشكلة الموجودة لدى كثير من النساء الشرقيات هو عدم الاهتمام برشاقة البدن، وهذه تكاد تكون ظاهرة، ففي سرعة ضوئية ـ وخصوصا عند غياب الدقة والاهتمام بالبدن يكبر جسدها وتصاب بالسمنة وكثرة النتوءات... وهذه مسألة يجب أن تنتبه لها الزوجة، فالرشاقة مسألة مهمة لكل زوج، وان ظل صامتا سنين، لذلك على المرأة العربية أن تخفف من النشويات والذهنيات، فجزء من جمال لاشك ان الزوج يبحث عنه... إذا الزينة مهمة في كل شيء يقول ابن عباس: «إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي»، وهذا القول يقودنا إلى أهمية زينة الرجل، بجمال مظهره ونظافته، فبعض الرجال تجده مبعثرا في المظهر، وكذلك في البدن تنظر إليه وهو بشكل قد لا يرضي طموح زوجته إلا انها تخشى المصارحة، وكل ذلك يحدث بسبب عدم الدقة في اللباس والمظهر وصحة البدن أيضا.

إذا الجمال يكون في كل شيء، عطر الزوجة، انتشار البخور في أروقة المنزل، ترتيب المنزل، اللمسات الذوقية التي تتركها الزوجة على الطعم، وخصوصا إذا سلمنا بالمثل القائل «المعدة أقصر طريق إلى قلب الرجل»، فالمرأة التي تجيد الطبخ لاشك انها تظفي على قلب الرجل بعض الذكريات، ولها الغذائية التي لا يمكن أن تمحى، بدلا من الاعتماد الكلي على وجبات المطاعم أو أكلات الخادمة، هناك بعض الأزواج في اليوم الذي لا يأكل من طعام صنعته يد زوجته قد يمرض، وهذه بعض من المعجزات السحرية لبعض بنات حواء ولله في خلقه شئون.

طبعا الزج مسئول عن جمال صورته وأناقة لباسه، فالمجتمع أيضا يرى ـ ولا أعلم إن كان محقا أو لا ـ ان أناقة الزوج واهتمامه بمظهره يدل على وجود امرأة تعينه على ذلك، لأن صور الزوج صورة من زوجته، ووراء كل رجل مبعثر امرأة مبعثرة.

- مدح الزوج على أمور فعلها: هناك بعض الأزواج يمتلكن ذوقا في التعاطي مع أزواجهن، والمرأة الذكية هي التي تخطف قلب زوجها بسلوكها المرهف، وهي التي تقدر زوجها، مثلا: لو قال لها الزوج... هل تريدين النزهة إلى المكان الفلاني؟ تجيبه بذوق: شكرا حبيب على اهتمامك بنا، على رغم مشاغلك، شكرا على اعطائنا من وقتك على رغم كثرة مشاغلك وعملك المتعب، على رغم أنك مرهق إلا أنك لا تنسانا... هذه كلمات تقديرية عادية، ولكن لها مفعول كبير يدل على أن هذه الزوجة تقدر زوجها، فلو أرادت الدنيا كلها نزهة لحولها لها، طبعا إذا كان هو الآخر مذواقا ومقدرا. وكل ذلك يكون بالحب الذي له انعكاسات على كل شيء... أثبت العمل الحديث أن الحب يسرع من عملية الإنجاب بين الزوجين، وإن العلاقة المتوترة قد تعمل على إجهاض المرأة إذا كانت حاملا، وانها تؤدي إلى ضعف جنسي... إلخ.

الحب يكون باهتمام كلا الاثنين، بمشاعر بعضهما... عندما تحترم الزوج نوم الزوج، وقته أناقته، وعندما توفر له المناخ الجميل، طبعا كل ذلك يتحقق إذا أعطاها الحب وضمنت منه الوفاء لها لا أن «تزوغ» عينه أمام أي امرأة أخرى، فالمرأة التي تشعر أن الزوج لا يمكن أن يخونها، لابد أنها تعشقه ويصبح هو كل شيء بالنسبة لها، إذا الحب ليس مستحيلا ويتعمق حتى بعد الولادة والإنجاب شريطة التوازن في كل شيء

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 238 - الخميس 01 مايو 2003م الموافق 28 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً