مطلب الحق النقابي والحرية النقابية مطلب ناضلت من أجله الحركة العمالية البحرينية منذ ثلاثينات القرن الماضي أي في العام 1938م، عندما رفع عمال بابكو مطلب التشكيل النقابي، وتواصل النضال في الخمسينات وتجسد في تشكيل اتحاد العمل البحريني كتنظيم نقابي عمالي واستطاع أن يشارك في إعداد وإصدار قانون العمل لعام 1957م وشارك في صوغ باب خاص عن النقابات من دون تمييز بين القطاع العام والخاص، وعندما نالت البحرين استقلالها رسميا في أغسطس/آب العام 1971م تم التحرك على المطلب النقابي لتشكيل نقابات في كلا القطاعين العام والخاص، وفي أعوام 1973م -1974م تشكلت النقابات من دون تمييز في القطاع العام والخاص في كل من شركة نفط البحرين (بابكو) وشركة البرق واللاسلكي وشركة طيران الخليج وألبا ووزارة الصحة ودائرة الكهرباء، ولولا تطبيق قانون أمن الدولة السيئ الصيت وحل النقابات لاستمر التشكيل النقابي من دون تمييز في كل من القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وتواصل المطلب النقابي والحرية النقابية في ظل قانون أمن الدولة من خلال العرائض التي رفعتها اللجنة العامة لعمال البحرين في العام 1996م و 1998م من أجل التشكيل النقابي ولغاية إعداد مشروع قانون النقابات واللقاء التاريخي بجلالة ملك مملكة البحرين وإصدار توجيهاته بتاريخ 28 مايو/أيار 2001م بتشكيل نقابة وطنية وفق ما نص عليه دستور 1973م في المادة 27 .
وبعد أن تجسد هذا الحق النقابي بمرسوم ملكي بموجب قانون النقابات رقم 33 لعام 2002م خرج تعميم من ديوان الخدمة المدنية بعدم جواز التشكيل النقابي في القطاع الحكومي بعد ذلك تقدم مدير عام الشئون القانونية بوزارة شئون مجلس الوزراء وصرح لأخبار الخليج في يوم الأحد الموافق 9/3/2003م «إن مملكة البحرين خطت خطوات متقدمة في تأكيد حق العمل في تأسيس نقاباتهم العمالية وتأكيد حريتهم في تأسيس هذه النقابات وبالتالي كفلت حق التنظيم النقابي وضمنت هذا الحق بموجب قانون النقابات رقم 33 لعام 2002م مسترشدة في وضع هذا التشريع بالضمانات التي تكفل حرية العمل النقابي مؤكدة عدم التمييز في ممارسة هذا الحق مستندة على ما نصت عليه المادة 27 من دستور مملكة البحرين واستكمال الفقرة الثانية من التصريح وباستطراء أحكام المادة (10) من قانون النقابات العمالية يتضح جليا ان هذه المادة قد خصصت بعد ان عممت حق العاملين في القطاع الأهلي في تأسيس نقاباتهم والعاملين المخاطبين بأحكام القانون البحري في تأسيس نقاباتهم وخصصت بعد تعميمها السابق وخاطبت العاملين المخاطبين بأنظمة الخدمة المدنية بتجديد حقهم في الانضمام إلى النقابات وليس تأسيس هذه النقابات ويختتم تصريحه مؤكدا ان الدولة حريصة كل الحرص على كفالة الحقوق التي تنص عليها القوانين لمواطنيها من دون تمييز».
إن هذا التصريح الذي يؤكد الحرية النقابية والحق النقابي من دون تمييز لهو تمييز ومساس واضح وانتهاك صريح للحرية النقابية وحق التنظيم النقابي وفقا لما ينص عليه الاتفاق الدولي رقم (87) المعني بشأن الحرية النقابية وحق التنظيم النقابي في المادة (2) التي تنص «دون تمييز بين القطاع العام والخاص ودون ترخيص مسبق» وبالاستناد إلى الوثيقة الصادرة من مكتب العمل الدولي في جنيف بشأن موجز المبادئ والقرارات الصادرة عن لجنة الحرية النقابية في مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في باب التمييز بسبب الفئة المهنية صفحات 71 ، 72 في الفقرات التالية: 212 - تنسحب المعايير الواردة في الاتفاق رقم 87 على العمال كافة دونما أي تمييز وهي تنطبق تبعا لذلك على الموظفين الحكوميين كافة إذا تم التسليم في الحقيقة بأنه من غير العادل إظهار أي وجه من وجوه الاختلاف في القضايا النقابية بين مستخدمي القطاعين الخاص والعام نظرا إلى أن لعمال الفئتين الحق في التنظيم دفاعا عن مصالحهم. 13 2- شأنهم شأن عمال القطاع الخاص يتمتع القطاع العام دونما أي تمييز ومن دون ترخيص مسبق، بالحق في تكوين منظمات وفي الانضمام إلى منظمات يختارونها بأنفسهم لتعزيز مصالحهم المهنية والدفاع عنها.
216- ينطوي إنكار حق عمال القطاع العام في إنشاء نقابات عمالية ، حيثما يتمتع عمال القطاع الخاص بهذا الحق ومع ما ينتج من ذلك من عدم اعتبار نقاباتهم «نقابات عمالية بما لها من مزايا وامتيازات، على تمييز يطاول العمال المستخدمين لدى الحكومة ومنظماتهم مقارنة بعمال القطاع الخاص ومنظماتهم، ففي مثل هذا الحال تبرز مسألة تطابق الاختلافات بحسب المادة (2) من الاتفاق رقم 87 القاضية بامتلاك العمال دونما أي تمييز ومن دون ترخيص مسبق الحق في إنشاء منظمات وفي الانضمام إلى منظمات يختارونها بأنفسهم وكذلك بحسب ما ورد في المادتين 8,3 (2) من الاتفاق المذكور.
وباستقراء الفقرات الثلاث من خبراء لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية تؤكد بشكل جلي التمييز الواضح والصريح في انتهاك التشكيل النقابي في القطاع الحكومي عندما فسرت المادة (10) من قانون النقابات على لسان مدير الشئون القانونية التابعة بالانضمام فقط وليس التشكيل أسوة بعمال القطاع الأهلي والقطاع البحري ، وهنا يكمن المساس بالحق النقابي والحرية النقابية وعدم احترام معايير العمل الدولية لاسيما الاتفاق رقم 87 المعني بالحرية النقابية وحق التنظيم النقابي هذا التراجع في التفسير للمادة 10 من قانون النقابات يفتح الباب على مصراعيه بالشكل القانوني وفقا للمواثيق والقوانين الدولية الخاصة بمنظمة العمل الدولية المعنية بالحرية النقابية بتقديم الشكاوى على حكومة البحرين بعدم الالتزام بمعايير منظمة العمل الدولية ، وخصوصا أن مملكة البحرين عضوة في تلك المنظمة ودستور ونظم وعمل هذه المنظمة وهيئاتها تجيز التحرك لتبني هذه الشكاوى من خلال لجنة التحقيق والتوافق في شأن الحريات النقابية ولجنة الحريات النقابية وبالرجوع إلى المصدر نفسه في مقدمة النص تنص الفقرة الآتية «دستور منظمة العمل الدولية ينص على الحرية النقابية والحق النقابي، وأي انتهاك أو عدم احترام للحرية النقابية يجيز للجنة الحريات النقابية بتقصي الحقائق في أية دولة من خلال البروتوكول الذي تم وضعه في فترة 1950م - 1951م بين مجلس إدارة منظمة العمل الدولية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة لحماية الحريات النقابية وبموجب هذا البروتوكول الخاص بات في وسع الحكومات أو منظمات العمال وأصحاب العمل أن تتقدم بشكاوى تتناول انتهاك دول ما للحقوق النقابية بصرف النظر عما إذا كانت هذه الدول أعضاء في منظمة العمل الدولية أو أعضاء في الأمم المتحدة من دون التمتع بعضويتها في المنظمة ، ويمكن تطبيق البروتوكول حتى لو لم يكن تم الحصول بعد على مصادقة على الاتفاقات المتعلقة بالحرية النقابة والمفاوضة الجماعية».
وبما أن الحرية النقابية شرط أساسي للحوار الاجتماعي الحر والمستقل والديمقراطي فإننا نرى أن تفسير المادة (10) من قانون النقابات أوجد تراجع سفينة الإصلاحات التي يقود دفتها جلالة الملك للوصول إلى مصاف الممالك الدستورية العريقة في ديمقراطيتها التي ترسخ فيها الحريات النقابية المدنية ونأمل أن يعاد النظر في تفسير المادة (10) من قانون النقابات وإعطاء الحق في التشكيل النقابي في القطاع الحكومي من دون تمييز لترسيخ دولة المؤسسات والقانون وإعطاء المكانة الاعتبارية للحرية النقابية والحق النقابي
العدد 237 - الأربعاء 30 أبريل 2003م الموافق 27 صفر 1424هـ