العدد 237 - الأربعاء 30 أبريل 2003م الموافق 27 صفر 1424هـ

لست ناطقا باسم المثقفين العرب... ولا الجهلة!

غازي القصيبي في حوار مع «الوسط»

أجرت الحوار- رحاب ضاهر 

تحديث: 12 مايو 2017

كما في روايته الأخيرة «سلمى» يستحضر أفكارا وأحداثا عبر وجوه متعددة لـ «سلمى» بطلة الرواية التي تمثل الأمة العربية بكل أحداثها وتاريخها منذ سقوط المتنبي وصولا إلى الوقت الحاضر.

قبل هذا الحوار كنت أعتقد أن «القصيبي» هو الماء لكني كنت كالمستجير من الرمضاء بالنار.

يقول ادخلوا الحوار وسأخرج أنا:

بدأت شاعرا، ثم كتبت الرواية متأخرا بعض الشيء، لكن شهرتك كشاعر فاقت شهرتك كروائي، لماذا؟

- لا أتفق معك في هذه الملاحظة، وما دمنا - أنا وأنت - نفتقر إلى احصاءات دقيقة فلندع السؤال بلا جواب.

رواية «سلمى» تمثل الأمة العربية بكل خيباتها وانكساراتها، كيف يمكن التخلص من داء وعقدة الهزيمة؟

- الخطوة الأولى نحو علاج أي داء، سواء كان بدنيا أو روحيا أو سياسيا أو اجتماعيا، هي الإعتراف بوجوده، وأحسب أن الأمة العربية ترفض الاعتراف أنها تعاني مرضا أو عقدة من أي نوع.

ما الرسالة التي أردت ايصالها من تفجير «سلمى» لنفسها وهي فتاة إسرائيلية وليست فلسطينية؟

- لا شيء يؤلم مثل توضيح الواضحات وكنت أعتقد أن من الواضح جدا أن سلمى كانت «متنكرة» في زي مجنّدة إسرائيلية ولم تكن مجندة إسرائيلية حقيقية.

«تقول في نهاية الرواية أليس التاريخ هو الحاضر الوحيد، هل تقصد أن التاريخ يعيد نفسه»؟

- لو كان هدفي أن أوضح العبارة لأوضحتها. كان هدفي أن أجعل القارئ يفكر.

«سلمى» نقد لاذع للأمة العربية منذ سقوط المتنبي، وحتى يومنا هذا، متى يكشف المثقف العربي عن النقد الساخر ويأتي بشيء مجد للأمة المشتتة منذ الأزل؟

- لا يوجد شيء أكثر جدية من النقد الساخر.

متى يكف القصيبي عن طرح أفكاره بين السطور ويأتي بالتصريح في رؤياه للتاريخ ومؤثراته؟.

- أنا أحترم قدرات القارئ العقلية وأرى أنه يستطيع قراءة السطور وما تحتها وما فوقها وما بينها.

عندما نتحدث عن الرواية العربية فإن أول ما يطرأ على بالنا نجيب محفوظ فلماذا لم تخرج إلى الآن الرواية العربية من معطف نجيب محفوظ؟

- يبدو أنها تشعر بالدفء هناك. ومع ذلك فهناك عشرات الروائيين والروائيات الذين يرون أن الرواية العربية تجاوزت... عملاقها.

في جميع رواياتك تنفي دائما وجود الشخصيات في الحقيقة وأنها من وحي الخيال، ومع ذلك يستطيع القارئ أن يكتشف من هم الأشخاص، فلماذا هذا التحايل على عقلية القارئ وخصوصا «شقة الحرية» التي ذكرت فيها أسماء وشخصيات حقيقية 100 في المئة؟

- في كل رواية، حتى الخيال العلمي، لابد أن تمتزج الحقيقة بالخيال على نحو ما، ورواياتي لا تخرج عن هذا السياق، والذين يعتقدون أن شخصيات «شقة الحرية» حقيقية 100 في المئة لا يعرفون شيئا عن تلك الشخصيات.

ألا تخشى ردة فعل من وراء رسم شخصيات يسهل التعرف عليها في الواقع؟

- لا، لأنه لا توجد شخصيات كهذه في رواياتي.

دائما تنفي أن «شقة الحرية» لا تمثل سيرتك الذاتية. أليس بها شيء من سيرتك الذاتية؟

- فيها من سيرتي الذاتية شيء، ومن الخيال أشياء... وأشياء!

لماذا أغلب رواياتك وخصوصا «شقة الحرية»لا توزع في المملكة كأغلب الأدباء السعوديين الذين تنشر أعمالهم في خارجها؟ هل ترى الرقابة أن بها ما يخالف طبيعة المجتمع في السعودية؟

- من الواضح أن هذا السؤال يجب أن يوجه إلى الرقيب لا إلى المراقب.

في رواية «سبعة» تتحدث عن التناص على لسان الشاعر. من يقرأ هذه الرواية يجد تشابها في الشخصيات والأسلوب والعدد مع رواية «كثبان النمل في السافانا» للكاتب النيجيري تشنوا أشبي، فهل هناك تناص بين الروايتين؟

- لم أسمع برواية كثبان النمل في السافانا ولا أعتقد أنك سمعت بها، على كل هذه محاولة جيدة وإن كانت غير ناجحة لتوريطي.

هل كان للمناصب التي توليتها دور في شهرتك الأدبية؟

- ربما! لا أدري.

سؤال دائما يطرح عليك ولا تشفي إجابته فضول القراء المتتبعين لإنتاجك الأدبي الغزير. كيف تستطيع أن توازن بين عملك كوزير، وسابقا كسفير، وبين غزارة إنتاجك الأدبي الإبداعي؟

- بالإنضباط وتنظيم الوقت يمكن تمديد ساعات اليوم أضعافا مضاعفة. إلا أن الانضباط وتنظيم الوقت عملة نادرة في الوطن العربي، ولهذا يتكرر السؤال ألف مرة وتتكرر الإجابة ألف مرة!

خضت في رواياتك في سلبيات العقل العربي ولكن كروائي سعودي لم تخض في سلبيات المجتمع السعودي وتكتب عنه أو من داخله كنت تقف على الأطراف. هل ذلك بسبب الخطوط الحمراء؟

- لا علاقة للخطوط الحمراء أو الخضراء بالقضية، لا يستطيع كاتب واحد أن يعالج كل شيء، وسلبيات المجتمع السعودي تعرض لها عدد من الروائيين السعوديين والروائيات السعوديات.

في روايتك نجد دائما استعراضا ثقافيا كمعظم الأدباء العرب. فلماذا لا يكف الكاتب العربي عن استعراض ثقافته على القراء ويأتي بالجديد. أم أن الاستشهاد بالثقافة الغربية أصبحت موضة بين الأدباء؟

- لا يوجد في كتاباتي استعراض للثقافة، ولو افترضنا، جدلا، أنه وجد ألا ترين أن استعراض الثقافة خير من استعراض الجهل.

يقال ان القصيبي عندما ينشر رواية له يشتري جميع نسخ الطبعة الأولى ويوزعها على أصدقائه حتى يقال نفذت الطبعة الأولى كما حدث في «حكاية حب» إذ نفدت في أقل من شهر وهذا أمر نادر الحدوث وإن لم يكن معدوما في تاريخ الرواية العربية إذ أخذنا بعين الاعتبار حال الرواية العربية التي تزحف ببطء بين قراء عقدهم يكاد ينفرط؟

- كفى بالمرء حمقا أن يصدق كل ما يسمع، و»شقة الحرية» أعيد طبعها مرات لم أعد أذكرها، ولا أستغرب أن تكون قد وصلت إلى طبعتها الثامنة أو التاسعة، أقول هذا لتبيان الحقيقة مع إدراكي أن أرقام التوزيع لا علاقة لها من بعيد أو قريب بقيمة العمل الفني.

لماذا مازال التطرق للجنس في الرواية العربية يشكل «حساسية» للقارئ وللناقد ويطلب من الكاتب تجاوز ذلك؟

- «التابو» في مجتمعنا وفي أدبنا متعدد الوجوه، والجنس هو وجه واحد منها.

هل استعانتك الدائمة في أعمالك الروائية بالمتنبي هي وفاء للشعر؟ ولماذا تخليت عنه في «حكاية حب»؟

- استعين بالمتنبي لأن كل بيت أشير إليه يلخص فصلا كاملا من الرواية ولم أستعن بالمتنبي في «حكاية حب» لأنه لم يقل شيئا يصلح لحكاية حب.

هل تقدمت كتابة الرواية على الشعر لديك؟

- لم تتقدم ولم تتأخر.

هل أصبح القصيبي يمثل مدرسة في الرواية العربية «الرواية الساخرة»؟

- أنا لا أمثل أية مدرسة من أي نوع. لا أمثل سوى نفسي.

هل مازال مرور الزمن والتقدم بالعمر يشكل هاجسا لديك أم استطعت التصالح مع هذا العبور المستمر لهذا الزمن؟

- هناك القليل من التصالح.. والكثير من التصارع مع هاجس العمر.

ذكرت أن تركي الحمد كان أحد طلبتك. فهل استطاع التلميذ أو الطالب أن يتفوق على أستاذه؟

- لا توجد مباراة بين تركي الحمد وبيني في التفوق. والعالم يتسع له ولي. ولكل موهوب. ويسعدني أن يتفوق أحد طلبتي عليّ.

في منتصف مارس/ آذار 2003 تناقلت وكالات الأنباء خبر مقتل الناشطة الأميركية راشيل وهي من فريق التضامن مع الشعب الفلسطيني. ألا يحرج هذا الموقف المثقف العربي وهل لديه الشجاعة لكي يضع نفسه في مثل هذا الموقف؟

- أنا لست ناطقا رسميا باسم المثقفين العرب... ولا حتى الجهلة.

هل هناك غازي القصيبي واحد أم أكثر من واحد؟ فإذا كان هناك واحد فلماذا نقرأ في رواية «أبو شلاخ» أنه من العراق؟

- من العراق؟ يبدو أن الأزمة تملأ تفكيرك





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً