العدد 234 - الأحد 27 أبريل 2003م الموافق 24 صفر 1424هـ

الخطة الشاملة للمسرح العربي

الوسط - حسام أبوأصبع 

تحديث: 12 مايو 2017

أصدرت دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ضمن سلسلة «دراسات» المنطوية تحت عنوان أكبر وهو «السلسلة المسرحية» أخيرا كتيبا صغير الحجم، خفيف الحمل، وهو في الأساس أحد التوصيات التي خرج بها المشاركون في ملتقى المسرح الخليجي والذي انعقدت أعماله خلال الفترة من 15 إلى 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ويضم محتوى هذا الكتيب إعادة نشر للخطة الشاملة للمسرح العربي والمقتبسة من الخطة الشاملة للثقافة العربية والتي أقرها الوزراء المسئولون عن الشئون الثقافية في الوطن العربي، في مؤتمرهم الخامس، الذي انعقد بتونس العام 1985.

ويشتمل هذا الكتيب الصغير وهو من إصدارات شهر مارس/ آذار 2003 على توصيات خاصة بواقع وآفاق الكتابة للمسرح والعملية المسرحية... ولأن المثير للدهشة أن الكتيب إعادة طباعة لشيء أقر قبل 18 سنة تقريبا، ولم يتم العمل بأي شيء منه حتى اللحظة، على رغم إقراره من المسئولين المعنيين... وعلى رغم من المحاولات المنفردة التي قد نراها هنا أو هناك بسبب تحمس مسئول ما في أي من البلدان العربية... فإنها لا تستمر إلا في حالات معدودة..

ولنقرأ بعجالة بعضا من هذه التوصيات ونرى سويا كيف تجري الأمور عندنا: نشر العروض المسرحية، تنظيم الدورات التدريبية، تنظيم البعثات التدريبية والإكثار منها، الإكثار من المنح الدراسية للناشئين ومنح التفرغ للكتاب، إقامة المهرجانات المسرحية المحلية، تنظيم اللقاءات السنوية للكتاب المسرحيين والنقاد قطريا وإقليميا وقوميا... إنشاء مراكز الثقافة المسرحية، إقامة متحف المسرح، إعداد الناقد المسرحي، إقامة المركز القومي للدراسات المسرحية، تشجيع الفنون والأعمال التي يعتمد عليها المسرح... وليس بعد هناك أشياء أخرى صنفها الكتيب تحت عنوان الأطر العامة، ومنها: اعتبار فنان المسرح ثروة قومية ينبغي المحافظة عليها، إدماج مادة المسرح في مراحل التعليم المختلفة، توفير المرافق ودور العرض المجهزة تجهيزا تقنيا حديثا، العناية برفع مستوى التنظيم والأداء للفرق الوطنية، تشجيع الإنتاج المسرحي المشترك، استضافة الفرق المسرحية العربية، عقد اجتماعات دورية للعاملين في المسرح... وغير ذلك.

وإذا كانت أزمة المسرح عالمية، ولا تخص فضاء دون غيره، وهو قول عام قد لا يعني شيئا لدول يستمر العرض فيها عقودا من الزمن، فإننا ننظر بأسى وقد قارب العام الجاري على الانتصاف ولم نشاهد إلا عرضين مسرحيين، لمخرج واحد، أثبت ويثبت على الدوام أنه الوحيد الذي يمثل له المسرح حالة خاصة يبنغي الخوض والاستمرار فيها دون توقف، مهما كانت الصعوبات، وبغض النظر عن القيم الفنية والجمالية التي قد تتفق أو تختلف معها.. ودعك من عتاة التنظير عندنا، ومن جهابذة تدبيج البكائيات على علب ومعلبات إيطالية فارغة، أو من الناقمين الساخطين أبدا، ومن الكلام والثرثرة التي تتبخر في الهواء سريعا... ولنبحث ماذا يجري عندنا منذ سنوات، لماذا هذا التكاسل والتكلس؟ ولماذا احتجب من احتجب، وغاب من غاب، من أولئك الذي سكنهم الهم المسرحي فعلا حتى النخاع، وليس من الطارئين، الذين لم يكن المسرح عندهم سوى فسحة للتخلص من الالتزامات، أو للتهرب من الواجبات الأخرى الضرورية... إننا نأمل قبل أن تأتي علينا مواسم كاملة لا نشاهد فيها إلا عرضا واحدا ضعيفا، أن نعلن حالة الاستنفار القصوى... فالمسرحيون أنفسهم ليسوا براء مما حدث ويحدث، بل هم قمة هرم المشكلة، فهل من تحرك، وهل من مجيب؟

وبالعودة إلى الكتيب موضع الاستشهاد آنفا، ترى ما الذي جعل توصيات كهذه تظل حبيسة أدراج الإهمال كل هذه السنوات، ولماذا لم يتم التحرك والسعي لتنفيذ جزء منها، ولماذا تقر توصيات كهذه ويوقع عليها من يوقع، دون أن ينفذ منها سوى أقل القليل... من السبب وراء هذا التعطيل والإهمال، وهل تمت فعلا برمجة هذا التقصير في الأخذ بهذه التوصيات بطرق احترافية، بحيث جعلت مختلف المسائل عائمة مائعة لا طعم لها ولا لون... ولننظر مرة أخرى للتوصيات السابقة، هل فيها ما هو مستحيل يصعب تحقيقه طوال كل هذه السنوات، ولندقق مرة أخرى نحن الآن هنا أمام تجربة مسرحية اقترن ظهورها بالتعليم منذ مطلع القرن الماضي، أين هي هذه التجربة، كيف يمكن التعرف على ملامحها، وسياقات تطورها وتنوعها بشكل مفصل دقيق، ولماذا كل هذه الارتكاسات المتلاحقة... والسؤال الأخير هل نحن أمام مسألة وقتية فحسب حتى نعلن وفاة هذا الفن الجميل. إن 18 سنة لم تكن كافية لتنفيذ جزء ضئيل من التوصيات السابقة... فما عساه يكون الوضع، وحال الانحسار تطول هذا الفن وغيره من الفنون





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً