العدد 2240 - الخميس 23 أكتوبر 2008م الموافق 22 شوال 1429هـ

ما بعد جيتكس 2008

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

التقيته في جيتكس 2007، في جناح حكومة البحرين الإلكترونية، وبابتسامته التي لا تفارقه، وهدوئه الذي يلازمه كظله، همس في أذني «نريدكم معنا السنة القادمة.. لن نأتي من دون القطاع الخاص»... همهمت بما يدل على الموافقة... دارت الأيام ودار معها محرك حضور قطاع صناعة الاتصالات والمعلومات وتجارتها في البحرين في جيتكس، وتحقق مع دورانهما حلم الرئيس التنفيذي لهيئة الحكومة الإلكترونية محمد القائد وشاركت مملكة البحرين: حكومة وقطاعا خاصا، في جيتكس 2008، تحت مظلة «الرواق البحريني».

كان نجاح الرواق في تحقيق هدفين أساسيين: الأول، ترويج البحرين كمركز تتخذه شركات الاتصالات والمعلومات الدولية لترويج منتجاتها وخدماتها في السوق الشرق أوسطية، بما يعني ذلك من جلب للاستثمارات العالمية من جهة، ونقل تجربة تلك الشركات وخبراتها الغنية في مجال صناعة تقنية الاتصالات والمعلومات من جهة ثانية. ويمكن النظر إلى اللقاءات التي جرت بين مسؤولي الحكومة الإلكترونية مع وفود حكومات مثل أستراليا وسنغافورة والنتائج الأولية التي توصلت لها تلك اللقاءات، والنتائج التي تمخضت عنها، على أنها خطوات متقدمة على هذا الطريق. أما الهدف الأساسي الثاني الذي تحقق، فكان فتح المجال أمام الشركات البحرينية كي تبني علاقات شراكة صناعية استراتيجية متقدمة مع شركات عالمية قطعت شوطا طويلا على هذا الطريق، الأمر الذي يعني إمكانية التأسيس، من خلال الاحتكاك المباشر مع تلك الشركات، لصناعة تقنيات معلومات واتصالات بحرينية متقدمة مقارنة مع ما هو قائم في المنطقة العربية.

هذا الإنجاز، ونظرا إلى أهميته، يضع أمام المشاركين، والقائمين على التحضير للمشاركة علامة استفهام بحاجة إلى إجابة ملتزمة. ما هي الخطوة المطلوبة بعد جيتكس 2008؟ ليس القصد من إثارة هذا التساؤل تلقي إجابة مباشرة وبسيطة تقول: ينبغي المشاركة في جيتكس 2009.

المسألة أكثر تعقيدا واتساعا من ذلك. فالبحرين اليوم بحاجة إلى وعاء، بغض النظر عن شكله وصلاحياته، قادر على احتضان، ويتولى مسئولية تطوير، قطاع صناعة تقنية الاتصالات والمعلومات وتجارتها في البحرين، تكون ضمن أنشطته اتخاذ قرارات من نمط المشاركة أو عدم المشاركة في فعاليات من نمط ومستوى جيتكس دبي.

وليس هنا مجال الخوض في تفاصيل ما ينبغي أن يقوم به مثل هذا الوعاء، لكن من الضرورة الإشارة إلى متطلبات، أو بالأحرى العناصر المطلوب توافرها من أجل نجاح هذا الوعاء في أداء مهماته.

أول تلك العناصر، ضرورة نيله المباركة السياسية والرعاية التي يحتاجهما، وخاصة في المراحل المبكرة من تأسيسه، من أعلى الهيئات السياسية في المملكة.

ثاني تلك العناصر، خلق الوعي بأهمية تأسيسه في صفوف شركات القطاع الخاص ذات العلاقة. وليس المقصود بالوعي هنا الإدراك الذهني فحسب، بقدر ما هو الإدراك الحسي الذي يبني بين الوعاء وتلك الشركات طريقا ذا اتجاهين: الأول يجعل من الوعاء هيئة قادرة على خلق فرص تجارية واستثمارية أمام الشركات ذات العلاقة، والثاني يفتح أمام تلك الشركات المجال من أجل تعزيز أركان ذلك الوعاء وتوسيع نطاق أنشطته.

ثالث تلك العناصر، هو المدخل الاستراتيجي الذي ينبغي أن يلج منه هذا الوعاء نحو أهدافه الشاملة التي يسعى إلى تحقيقها. المدخل هنا هو العلاقة المتينة الراسخة التي ينبغي أن يبنيها هذا الوعاء مع الشركات ذات العلاقة. هذه الشركات، ومن خلال تلك العلاقة ستكون القاعدة الصلبة التي سينطلق على أرضيتها ذلك الوعاء نحو قطاعات أخرى تتكامل مع ما تقوم به تلك الشركات. والمقصود مؤسسات مثل الجامعات والكليات ومراكز التدريب، وقطاع الضيافة.

ربما يعتقد البعض أن الوقت لايزال مبكرا لمثل هذا الوعاء، لكن الأمر على العكس من ذلك تماما. فاليوم، ونحن نشهد ثورة الاتصالات والمعلومات، ونلمس المخاطر التي تحف بالاقتصاد التقليدي، تكتسب صناعة تقنية الاتصالات والمعلومات أهمية متزايدة، الأمر الذي يتطلب وجود الوعاء الذي ينبغي أن يأخذ على عاتقه التصدي لمثل هذه المهمات.

وإن كان لنا أن نشيد بالحكومة الإلكترونية لأنها وضعت حجر الأساس من خلال رؤيتها للأهداف البعيدة التي يمكن أن تتمخض عنها مشاركتها مع القطاع الخاص في جيتكس 2008، فمن الطبيعي أن نناشد القطاع الخاص، كيف يستفيد من الأبواب التي انفتحت أمامه كي يجني أقصى الفوائد منها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2240 - الخميس 23 أكتوبر 2008م الموافق 22 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً