العدد 231 - الخميس 24 أبريل 2003م الموافق 21 صفر 1424هـ

الأول من مايو: العمال يحتفلون بعيدهم

ان حق العمل هو أحد حقوق الانسان الاساسية وهو حق مصان بموجب المادة 23 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1948، وهو حق لم يتم الدفاع عنه بالطريقة المناسبة الا في حالات نادرة في التاريخ كما ان اهميته تم تجاهلها غالبا. ويلاحظ ان الدول التي تحترم حقوق العمال هي دائما الدول التي تحترم حقوق الانسان اما تلك التي تعاقب الحركات العمالية وتسيئ معاملتها فانها في الغالب دول قمعية. ان وجود حركة عمالية قوية ومحمية هو في الغالب عامل رئيسي في تقدم حقوق الانسان في جميع دول العالم.

تاريخ الحركة العمالية

اعتقد كارل ماركس (1818-1883) أن المجرى الرئيسي للتاريخ هو تطور العمال وتنظيمهم، وطبقا لكلامه فان التاريخ يمكن ان يفسر بشكل كبير بحسب التغيرات المتتابعة في وسائل الانتاج الاقتصادي والطريقة التي ينتظم بها العمال. ويعتقد ان التغيرات في ملكية وسائل الانتاج وطريقة العمل وممارسات استخدام العمال وتنظيم العمال (في منظمات) تحدد كل نماذج التغير التاريخي.

غيرت الثورة الصناعية مجال العمل بشكل راديكالي كما غيرت البناء الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع. ومنذ منتصف القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر، قادت التطورات التكنولوجية والحاجة لعمال بعقود الى تطور المصانع. كان نظام المصنع يوظف أعدادا كبيرة من العمال ويستخدم قوة الاجهزة والآلات المعقدة. وكان الانتاج على نطاق واسع يتميز بتقسيم أكبر للعمال وبمهمات متخصصة، بحيث تصبح المنتجات أرخص ثمنا وأكثر توفرا. هؤلاء العمال لم يأتوا من الورش فقط، ولكن كان يتم توظيفهم بشكل جماعي من مناطق ريفية. وقد أنتج نظام المصانع هذا طبقة جديدة هي طبقة عمال المصانع.

وقد أدى العمل في المصنع على الآلات الى اكساب العمال مهارات بشكل اوتوماتيكي. كما رعى المصنع التسلسل الهرمي من الاداريين والمحترفين المتخصصين مثل المديرون، والمهندسون، والمرشدون المتخصصون، والمحاسبون، وآخرون ممن يساعدون في تنفيذ قوانين المصنع الصارمة. نظام المصنع صارم ويفرض مراقبة على العمال، وجعل المالك الرأس مالي لا غنى عنه للانتاج. كما كان له تأثير تحويل العمال الى عجلات، تشبه بشكل كبير تلك الآلات التي يعملون عليها. التأثير النفسي لهذا يمكن أن يكون كبيرا، فقد كان عمال المصانع يشعرون غالبا بأنهم منفصلين عن عملهم وبأنهم ليسوا أكثر أهمية من اي آلة على آرضية المصنع ونتيجة لذلك فانهم لا يفتخرون بعملهم. وقد أطلق ماركس على هذه الحالة اسم «نفور الطبقة العاملة» وهي ذات آثار موهنة للعمال يعرفها حتى الأشخاص غير الماركسيين.

العمالة المنظمة

تبرز الصراعات بين الرأس ماليين والعمال في اقتصاديات التصنيع، بشأن توزيع أرباح الانتاج، وقد كان المصنع يعطي الملاك الاغنياء وسيلة فعالة للتحكم في العمال واستثمارهم. وقد استبدل العهد السابق الذي كان العمال الحرفيون فيه يملكون وسائلهم الخاصة بعهد يستأجر فيها العمال ويطردون من العمل بحسب أهواء ملاك المصنع.

لمحاربة الأجور الزهيدة وظروف العمل الخطرة، قام العمال بالانتظام في تجمعات عمالية على شكل اتحادات تجارية لتمثيل مصالح العمال وقد كان الهدف الرئيسي من هذه الاتحادات اقتصاديا ويتمثل في تحسين ظروف العمال سواء بشكل مباشر أو في المستقبل القريب - ولكن كان هناك هدف سياسي أيضا بحيث ان الاعضاء شكلوا مجموعة ذات سلطة جماعية، يمكن ان تركز حتى على النشاطات الاجتماعية والتعليمية لاعضائها. ويستخدم مصطلح «المساومة الجماعية» او «التفاوض الجماعي» لوصف المفاوضات بين العمال والادارة والتي عادة ما يكون هدفها الحصول على عقد عمالي يضمن فوائد معينة للعمال. ويعتبر الاضراب وهو التوقف المؤقت عن العمل اقوى آلية يستخدمها العمال لتشكيل ضغط على ملاك المصنع.

الاتحادات العمالية السابقة كانت سياسية جدا وفي العام 1864 أسس كارل ماركس جمعية العمال العالمية التي كانت تروج للتحالف بين الاتحادات العمالية والحركات السياسية. وقد أسست الجمعية على أسس اشتراكية وحملت الرأس مالية مسئولية الأمراض الاجتماعية التي انتجها التصينع. في نهاية القرن التاسع عشر تشكلت أحزاب العمال في بريطانيا واستراليا ونيوزيلندا وفي أماكن أخرى. في الكثير من الدول الصناعية حصلت العمالة المنظمة في صورة اتحادات تجارية محلية على سلطة في الحكومة. في غرب أوروبا، حصلت احزاب العمال الاشتراكية على قوة في فرنسا وألمانيا وايطاليا.

بعد الحرب العالمية الثانية، وبسبب الحركات العمالية والاجتماعية، والضغط الاقتصادي لفترة ما بعد الحرب، والخوف من ثورة عمالية في غرب أوروبا، نشأت دولة الرفاهية الاوروبية التي انتجت السياسات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي وضمان البطالة، والمساعدات الصحية العامة، وخطط اعادة توزيع الدخل.

في غرب أوروبا، اثبتت الحركات الاتحادية قوة الناشطين في مجال حقوق العمال ليشكلوا قوى لتحسين حقوق الانسان للجميع. وقد كانت الحركات العمالية، بدءا من اتحاد بولندا التضامني، أحد العوامل التي ساعدت على جعل الحكومات القمعية التي تنتمي الى الكتلة الشيوعية تتخبط في اللاوعي في نهايات القرن العشرين. وقد ظهرت اهمية الاتحادات في الحصول على الحرية في شرق أوروبا بانتخاب ليخ واليسا في العام 1990 رئيسا لبولندا في أول انتخابات حرة في البلد بعد سقوط الشيوعية، وقد كان واليسا في السابق زعيما للتضامن

العدد 231 - الخميس 24 أبريل 2003م الموافق 21 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً