العدد 231 - الخميس 24 أبريل 2003م الموافق 21 صفر 1424هـ

الضمان الاجتماعي للمواطنين... لجنة الدفاع عن حقوق العاطلين تسعى إلى تفعيل البند الخامس من الدستور

فيما تتصاعد المطالبات منذ حوالي عشر سنوات للتخفيف من حدة البطالة، فإن ملفا آخر بات على وشك أن يفتح، وهو المتعلق بتفعيل البند الخامس من الدستور، الذي يكفل تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حال الشيخوخة أو العجز أو اليتم أو الترمل أو البطالة.

إلى ذلك، دعت «لجنة الدفاع عن حقوق العاطلين» عن العمل ومن ليس لهم ضمان اجتماعي جميع من يقعون تحت هذا البند، و«المهتمين بهموم هذا الوطن» بحسب الدعوة، إلى اجتماع تشاوري يوم الأحد المقبل للتعريف بأهداف وفعاليات هذه اللجنة في المطالبة بإيجاد حلول لمشكلات هذه الفئة في البلاد.

ويأتي تكوين هذه اللجنة وسيلة إضافية من قبل هذه الشريحة من المجتمع في محاولة لإيصال صوتهم إلى الجهات الرسمية والعمل على تحقيق مطالبهم، وعلى رأسها السعي الجاد لتفعيل البند الخامس من الدستور.

وتطالب اللجنة بعدم إعطاء تأشيرات دخول لأية عمالة أجنبية إلا بعد دراسة مستوفاة من قبل «ديوان الخدمة المدنية» وقسم الاستخدام لمكتب التوظيف في وزارة العمل والشئون الاجتماعية وذلك من اجل حفظ الحقوق المتمثلة في توظيف البحريني، والعمل على إيجاد هيئة مختصة للإحلال وبحرنة وزارات المملكة، والحد من التمييز الوظيفي بأشكاله كافة، وطالبوا بالتنسيق مع جميع الوزارات لاستيعاب كل الخريجين والخريجات من مختلف التخصصات.


واقع البطالة في البحرين... أرقام متفاوتة... وإحصاءات متضاربة ويستقر الرقم على 27 ألف عاطل

الوسط - هاني الفردان

شهدت البحرين منذ النصف الثاني من عقد التسعينات تصاعدا مطردا في عدد الباحثين عن عمل، إذ قدرت وزارة العمل والشئون الاجتماعية عدد هؤلاء في العام 1997 بنحو 5300 شخص، ارتفعوا إلى 6800 شخص العام 1998، ثم إلى 7200 شخص العام 1999، ثم إلى 9600 شخص في إبريل/ نيسان 2001 بحسب إحصاءات الوزارة.

وقدرت آخر أرقام رسمية، والتي أعلنتها الوزارة أخيرا، أن عدد العاطلين عن العمل المسجلين لدى الوزارة حتى نهاية العام الماضي بـ 27 ألف شخصا من إجمالي القوة العاملة، هذا الرقم ـ على رغم قربه من الواقع ـ فإنه صدم الجميع عندما كشف المفارقة الكبيرة بين الأرقام السابقة والرقم الجديد، جاء ذلك الرقم (27 ألفا) بعد تصريح ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، بأن نسبة البطالة في البحرين هي 15 في المئة، وذلك في أول تصريح عالي المستوى يتحدث بهذا المستوى من الصراحة.

ان هذه الأرقام الأخيرة حملت مؤشرات مستجدة أبرزها الارتفاع الكبير في عدد الإناث المسجلات عاطلات عن العمل بعد شهر مايو/أيار من العام الماضي، إثر الإعلان عن المساعدات التي قررت الحكومة صرفها للعاطلين عن العمل، إذ بلغت نسبة زيادة الإناث المسجلات عاطلات عن العمل 300 في المئة، مقارنة بأرقام العام 2000، إذ ان كثيرات من ربات البيوت بادرن إلى تسجيل أنفسهن عاطلات عن العمل بعد الإعلان عن المساعدات التي قررت الحكومة صرفها للعاطلين عن العمل لمدة ستة أشهر. وقد عبرت أزمة البطالة - التي شهدت معدلات لا مثيل لها في سوق العمل البحريني- عن نفسها في صورة مسيرات احتجاجية نظمها العاطلون عن العمل، فبالإضافة إلى المسيرات الثلاث التي شهدها شهر يناير/كانون الثاني 2002، أمام ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل والشئون الاجتماعية، شهد شهر مارس/آذار 2002 مظاهرة انتهت داخل مكتب رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، إذ اجتمع رئيس الوزراء مع ممثلي المتظاهرين الذين قدر عددهم بـ 600 شخص.

تمويل برامج التدريب

وإزاء تصاعد معدلات البطالة في البحرين، قامت الحكومة بجملة من الإجراءات منها تخصيص مبلغ 66 مليون دولار من أجل تمويل برامج تدريبية للعاطلين عن العمل، وتقديم مخصصات مالية للعاطلين، وبرامج توظيف تتحمل الدولة جزءا من الراتب الذي يحصل عليه الموظف، مشاركة مع مؤسسات القطاع الخاص. وفي إطار هذا البرنامج بدأ صرف بدل بطالة لمدة استحقاق تصل إلى ستة أشهر في حدود 100 دينار للمتزوج و70 دينارا للأعزب. والإعلان عن توظيف 200 شخص مطلع العام بصورة فورية كدفعة أولى لحراسة المدارس والمرافق التابعة لوزارة التربية والتعليم. وقيام اللجنة الوزارية المصغرة - والتي شكلها مجلس الوزراء البحريني لمتابعة ما تم اتخاذه من خطوات في بحرنة الوظائف التي قصرها مجلس الوزراء على البحرينيين - بإقرار برنامج زمني حتى نهاية العام الجاري لتوفير سبعة آلاف فرصة عمل يشغلها أجانب حاليا أمام البحرينيين.

وكذلك قيام اللجنة العامة لعمال البحرين بتقديم مشروع لديوان الخدمة المدنية يقضي بإنشاء هيئة متخصصة تابعة للديوان، تأخذ على عاتقها توظيف البحرينيين وفق جدول زمني محدد.

وكذلك قيام الحكومة في العام 2001 بإطلاق عدة برامج منها مشروع تشغيل وتدريب الباحثين عن عمل الذين يحملون مؤهلات بالإضافة إلى المتسربين من المدارس. ويهدف البرنامج إلى توفير 400 فرصة عمل وتدريب خلال عامين.

الحد الأدنى للأجور

وفضلا عما سبق، فقد أعادت ضغوطات البطالة التي يعاني منها سوق العمل البحريني فكرة تطبيق الحد الأدنى للأجور إلى أذهان صناع القرار، باعتبار أن قانون الحد الأدنى للأجور يعتبر هو الخطوة المناسبة التالية في إدارة سوق العمل في البحرين. ويذكر أن تطبيق الحد الأدنى للأجور ليس جديدا على السوق البحرينية إذ طبق لأول مرة في العام 1965 عندما صدر عن رئيس مالية الحكومة في ذلك الوقت قرار حدد بمقتضاه الحد الأدنى أجر العامل العادي عند مستوى 800 فلس، وفي العام 1979 تم إعداد دراسة اقترحت ألا يقل راتب البحريني عن 90 دينارا والأجنبي عن 60 دينارا، ثم عدلت هذه الدراسة في العام 1983 لتقترح 150 دينارا للبحريني و60 دينارا لغير البحريني. بينما يرى الكثير من الباحثين الاقتصاديين أن الحد الأدنى للأجور في البحرين لا يقل عن 300 دينار واعتبروا ما دون ذلك تحت خط الفقر، ومع هذا الكلام فإنه إلى الآن لم تصدر أية دراسة رسمية توضح المستوى الحقيقي لخط الفقر في البحرين، ومن أين يبدأ.

وبالأخذ في الاعتبار مسح الجهاز المركزي للإحصاء بشأن نفقات الأسرة للعام 1994 فإن الحد المتوسط للأجور يبلغ نحو 180 دينارا للفرد البحريني على ان يكون خط الفقر للأسرة المكونة من ستة أفراد يعمل بها اثنان هو 309 دنانير بالمقاييس العالمية، أي 155 دينارا للفرد العامل آنذاك، على رغم عدم وجود خط للفقر في البحرين، وذلك بحسب دراسة توصل إلى نتائجها عدد من الباحثين الاقتصاديين البحرينيين، استنادا إلى مسوحات العام 1994.

وعلى أهمية تحديد حد أدنى للأجور، يرى البعض أن معالجة وضع البطالة لا يجب أن يبدأ بفرض الحد الأدنى للأجور، من دون التفكير في استراتيجية تنموية شاملة ومتكاملة تأخذ في اعتبارها المتغيرات المحلية والعالمية وإعداد هؤلاء البحرينيين العاطلين لحاجة سوق العمل ومنحهم صفة تنافسية تؤهلهم للحلول محل العمالة الأجنبية من دون أية تأثيرات سلبية على العمل جراء فقدان المهارات الفنية الأجنبية.

إلا ان كل هذه الإجراءات لم تأت بنتيجة حقيقية استطاعت من خلالها حل مشكلة البطالة المتأزمة في البحرين، فلم تستمر المخصصات المالية أو ما أسماها البعض «التأمين الاجتماعي للعاطلين» سوى بضعة أشهر، ومن ثم اختفى من الوجود، كما ان برامج التدريب توقفت هي الأخرى بعد ان أثبتت عدم قدرتها على توظيف مخرجاتها في خدمة السوق المحلية، وتوفير المتطلبات الخاصة للشركات، وملاءمة المخرجات التدريبية لمتطلبات القطاع الخاص، وعدم نجاح برنامج توظيف أربعة آلاف بحريني، أدى إلى خروج الكثير من العاطلين عن العمل للتظاهر والاعتصام من جديد أمام مبنى وزارة العمل والشئون الاجتماعية وديوان الخدمة المدنية وأمام مقر الحكومة.

ومن خلال اعتصام دام أسبوعا كاملا أمام مبنى وزارة العمل، لم يتوصل العاطلون إلى نتيجة واقعية تستطيع ـ بحق ـ إن تضعهم على الطريق الصحيح مع وزارة العمل والشئون الاجتماعية لإخراج البحرين من أزمة البطالة التي تهددها في كل لحظة بالانفجار والتأزم، على رغم المطالب التي وضعها العاطلون عن العمل لحل المشكلة والتي تلخصت في السعي الجاد إلى تفعيل البند الخامس من الدستور، الذي يكفل تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حال الشيخوخة أو العجز أو اليتم أو الترمل أو البطالة.

وعدم إعطاء تأشيرات دخول لأية عمالة أجنبية إلا بعد دراسة مستوفاة من قبل ديوان الخدمة المدنية وقسم الاستخدام لمكتب التوظيف في وزارة العمل والشئون الاجتماعية وذلك من أجل حفظ الحقوق المتمثلة في توظيف البحريني أولا، والعمل على إيجاد هيئة مختصة للإحلال وبحرنة وزارات المملكة، والحد من التمييز الوظيفي ـ بالأشكال كافة ـ ومن الواسطة في التوظيف الحكومي، وطالبوا بالتنسيق مع جميع الوزارات لاستيعاب جميع الخريجين والخريجات من مختلف التخصصات.

أسباب ارتفاع معدلات البطالة

وترجع الدراسات أسباب ارتفاع معدلات البطالة إلى مجموعتين من العوامل، أولها العوامل المرتبطة بجانب العرض، والتي يأتي على رأسها برامج التكيف الهيكلي والإصلاح الاقتصادي وما أسفر عنها من ضغط للإنفاق العام، وبيع عدة منشآت ومشروعات من القطاع العام، الأمر الذي أدى إلى نضوب فرص العمل الجديدة، بل وزيادة المعروض من العمالة بتسريح العمالة الزائدة في القطاعات التي تم تخصيصها. وأيضا ضعف معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي، الأمر الذي يعني ضعف معدلات التوظيف وعدم القدرة على خلق وظائف جديدة للراغبين فيها والباحثين عنها. وثاني هذه العوامل هي تلك المرتبطة بجانب العرض، والتي يأتي على رأسها وعدم مواكبة أنظمة التعليم والتدريب والبرامج الدراسية لاحتياجات سوق العمل المتجددة والمتطورة.

أما ثاني ما يميز مشكلة البطالة في الدول الخليجية الست، هو عدم القدرة على الفصل بينها وبين ظواهر أخرى تعاني منها المجتمعات الخليجية ومنها ظاهرة العمالة الوافدة، وخلل التركيبة السكانية في دول مجلس التعاون الخليجي. وهو الأمر الذي يعني ارتباط حل مشكلة البطالة بحل المشكلتين الأخيرتين، أو بمعنى آخر عدم وجود حل حاسم لمشكلة البطالة من دون حلول حاسمة للتركيبة السكانية والعمالة الوافدة.

فإن ثمة عوامل أخرى تشير إليها الدراسات باعتبارها الأسباب الرئيسية وراء مشكلة البطالة في المملكة ومن هذه الأسباب: الاعتماد على العمالة الوافدة الأجنبية بصورة رئيسية في بعض القطاعات العامة وأهمها (وزارتي الدفاع والداخلية) وهو أمر فرضه السياق السياسي للبلد، إلا أن الاستمرار في سياسة الاستقدام هذه من شأنها تعميق مشكلة البطالة المنتشرة بين أوساط المواطنين البحرينيين.

وكذلك وجود فجوة بين مخرجات التعليم من ناحية واحتياجات سوق العمل من ناحية أخرى، فعلى رغم أن المؤسسات التعليمية البحرينية حققت تقدما كبيرا في مجال التعليم، فإن التعليم لايزال يعاني من بعض الصعوبات التي أثرت سلبا على تحقيق المواءمة المطلوبة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل من أهمها عدم التركيز على تنمية المهارات الأساسية في مناهج التعليم وضعف الأداء المدرسي.

يضاف إليها، تشبع القطاع الحكومي في المملكة، وتقلص قدرته على التشغيل، وهو ما أدى إلى تعميق مشكلة البطالة، كون القطاع الحكومي لعب - ولسنوات طويلة - دورا أساسيا كموظف رئيسي للعمالة الوطنية. وبالتالي لم يعد أمام طالب العمل إلا اللجوء إلى القطاع الخاص الذي يمتلك فرصا وظيفية هائلة.

وهنا تثور مشكلة أخرى تتعلق بالفجوة بين ما يقدمه القطاع العام والحكومي وما يحصل عليه العاملون في بعض مؤسسات القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال يحصل العاملون في القطاعين العام والحكومي على مزايا كثيرة منها العمل لمدة 36 ساعة أسبوعيا، إضافة إلى الضمان الوظيفي، وبيئة العمل الجيدة والتأمين الاجتماعي والزيادة السنوية والكادر الوظيفي والترقية والتدريب وعدم وجود الرقابة الصارمة، وفي المقابل، تمتد ساعات العمل في القطاعات الخاصة إلى 48 ساعة أسبوعيا، مع غياب الضمان الوظيفي على النحو المتوافر في القطاع العام، ولا يتوافر في معظمها كادر وظيفي أو ترقية أو تدريب كما تتسم المراقبة بالصرامة والانضباط والإنتاج وفي معظم الأحيان يمنح القطاع الخاص رواتب متدنية.

وفي ضوء هذا التفاوت بين ظروف العمل في القطاعين، فإن المواطن الداخل إلى سوق العمل دائما يرغب في العمل في مؤسسات القطاع العام والحكومي. ونظرا الى تشبع هذه المؤسسات يفضل المواطن البقاء عاطلا عن العمل، بسبب التقاليد والأنماط الاجتماعية السائدة، التي تؤدي إلى عزوف الشاب عن بعض المهن الحرفية أو اليدوية التي لا يفضل أبناء البلاد أداءها إما لأنها غير مقبولة اجتماعيا أو لأن رواتبها متدنية للغاية، وهذا السبب يتلاشى شيئا فشيئا نتيجة الحاجة إلى وجود عمل ودخل لكل فرد في هذا الوقت.

يضاف إلى ما تقدم، غياب استراتيجية واضحة للتدريب، تأخذ على عاتقها إكساب طالبي العمل القدرات والمهارات والاتجاهات اللازمة لشغل الوظائف الخالية في سوق العمل. إذ ان غياب هذه الاستراتيجية أدى إلى تزايد شكاوى المستثمرين وأصحاب الأعمال من عدم توافر المهارة والكفاءة وسلوكيات العمل الإيجابية في كثير من طالبي العمل.

العدد 231 - الخميس 24 أبريل 2003م الموافق 21 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً