كثير من الزوجات بدأن حياتهن الزوجية بدموع... بدأت حياتهن غير مستقرة ولم يعرفن في يومٍ من الأيام طعم السعادة الزوجية... سمعن عنها كثيرا لكن ما شاهدنه على الأرض كان مختلفا، كان مجرد أمنيات وأمانٍ. صور شتى لمآسي بعض من البحرينيات ظلمن تحت سطوة زوجٍ لم يعرف معنى القيم الإنسانية فضلا عن الزوجية، اللهم إلا بعض ممن قادهن الحظ إلى زواج قيمي سعيد وإلا البعض مازلن يرزحن تحت رحمة تلك العذابات التي لا يخلو البعض منها من ضرب وتحقير وإهانة. ويعجب المرء لمثل أولئك الرجال الذين امتدت يدهم لتطول نصفهم الآخر (المرأة)؟ كثير من الدموع النسائية تصل إلى الصحافة، لنساءٍ لم ينصفهن لا المجتمع ولا القضاء ولا حتى القانون... أصبحن بعد سنين طويلة في العراء... بسبب اجتماع الجميع عليهن وعدم وجود مؤسسات تدرس ملفاتهن بصدق وإنسانية وحتى بمنطلق فقهي صحيح بما أرادته الشريعة لا بما أراده مزاج هذا القاضي المتعجرف أو ذلك القاضي الجاهل... الذي لا يعرف ألف باء الفقه.
بعض النساء جئن يشتكين إلى أهاليهن فاكتشفت الأم المنكوبة أثرا لكدمات على جسد ابنتها... بعضها كان منذ زمن فذهب الجرح ولكن بقيت خطوطه السوداء التي عادة ما تبقى بعد اندماله، وكذلك صورا لكدمات حمراء وزرقاء جديدة كانت هذه الزوجة تغطيها وتخفيها خوفا من الفضيحة وانهيار صرح الأسرة... لكن هذه المرة انكسرت الجرة وبان ما فيها عندما وقع الضرب على مواقع لا يمكن تغطيتها... إذ ان الزوج «المثالي» رسم هذه المرة دائرة زرقاء حول العينين يعسر على هذه المرأة الصابرة اخفاؤها... هذه حالة لزوجة بحرينية اعترف الزوج فيها بأنه كان يضرب زوجته لأسباب تافهة... وان الضرب أصبح عنده (ثقافة)... كانت يده تمتد حتى إلى شعر زوجته... وأحيانا يضرب رأسها بالجدار... انها صورة مذهلة... يتعجب منها المرء ويتساءل: كيف يحدث ذلك؟ وأين هي المؤسسات الحقوقية التي تدافع عن الإنسان؟
- امرأة أخرى... راحت ضحية هذه السادية... فالزوج إذا ما غضب يبدأ أولا بتحمير العين وفرد الصدر والسواعد المفتولة... ثم ينتهي بضربات قاسية طالت بطن زوجته الحامل...
بعض الأزواج المعقدين والفاشلين نفسيا يجد في المرأة أقصر طريق لتلبية عقده النفسية فيستغل يتم المرأة وانشغال واهمال اخوانها ويجدها فرصة للضغط عليها ظلما وعدوانا إلى درجة الوصول إلى الانهيار، وعندما يجد الزوجة مضطرة إلى طلب الطلاق يقول لها:... لماذا أطلق... لن أطلق... إن أردته «فسخا» قبلت ذلك...
لا أريد أن أعلق كثيرا على مثل هذه الصور المأسوية ولكني أطرح ما يصلني من مشكلات... ومن صور مأسوية لواقع المرأة في مجتمعنا العربي... لعلنا نشعر بهذا الخطر الذي بدأ ناقوسه يدق...
- امرأة بحرينية تحملت كل المصائب لسنين طويلة في غرفة واحدة هي وأبناؤها الكبار، والزوج «الفاضل» كل أمواله يسلمها إلى أخواته المسرفات والزوجة والأبناء آخر من يفكر فيهم... هذا طبعا بعد سنين من الضرب التي تحملته الزوجة مع الأبناء... بحثت هذه المرأة عن حلول ومازالت تعاني...
- امرأة بحرينية... اتصلت باكية تشكو ظلم زوجها المستهتر... يعيش وكأنه في بداية الحياة... تاركا زوجته وأطفاله تحت ضغط الحياة من دون نفقة معتمدا على بعض الأموال المتبقية لدى الأسرة... منشغلا طيلة الوقت بالرحلات مع الأصدقاء أو الجلوس حتى منتصف الليل إما في السينما أو في المجمعات العامة مبذرا كل راتبه على رحلات استهلاكية... الزوجة تعبت... لكنها تخشى فتح الحديث لأن النقاش في مثل هذه القضية يعني فتح الباب لتلقي مزيد من الضربات واللكمات التي عادة ما تنتهي بزرقة في البدن... المرأة في حيرةٍ من هذا الواقع!
تلك حقيقة... ان المرأة مازالت الحلقة الأضعف في المجتمع... بعض الزوجات يشتكين من سلوكيات الزوج... إذ ان الزوج عندما أدمن المخدرات والكحول بدأ يبذر أموال الأسرة وراح يسلك سلوكا عدوانيا مع أطفاله إلى درجة أن الأطفال بدأوا لا يرون فيه «المثل الأعلى» فهم ضائعون، والضحية هي الأسرة. وحتى عندما تطلق المرأة بعد سلسلة من الضرب... أو تصبح أرملة لوفاة الزوج... فإنها أيضا ضحية إذ تغيب عنها فرص الحياة والحظ السعيد...
تشير احدى الدراسات اللبنانية إلى أن 26 في المئة من الأرامل يقمن بإعالة الأسرة بمفردهن ومن دون أية مساعدة... لماذا؟ لأن دولنا لا تعالج مثل هذه القضايا بعلمية ومعرفة.
يكاد مجتمعنا البحريني يكون أقل المجتمعات استخداما للعنف تجاه المرأة ولكن على رغم ذلك فإن هناك مؤشرات لحالات مرضية بدأت في الزيادة جراء انتهاج مثل هذه السلوكيات... طبعا ما نحن بحاجة إليه هو وجود وثبة مجتمعية مناهضة لمثل هذه السلوكيات مدعومة بتنوير اعلامي مرئي ومقروء، مشفوعا بتوجيه تربوي وثقافي في مناهج التعليم وعبر المنابر الثقافية والدينية لما نص عليه الإسلام من تعامل حضاري وقيمي مع المرأة. إضافة إلى كل ذلك لابد من خلق مؤسسات حقيقية تترافع عن حقوق المرأة، لا مؤسسات قائمة على الدعاية والاعلام. وهذا ما تحتاج إليه المرأة، فلو شعرت المرأة البحرينية بوجود مؤسسات تأخذ لها حقوقها التي فرضها الإسلام لما بلغ واقع الكثيرات إلى ما بلغ إليه... كثير من النساء المطلقات ظلما يعشن في العراء بلا مأوى وبلا سكن... ويجد بعض الأزواج التهديد بالطلاق وسيلة ضغط لتطبيق وفرض كل سلوكياته واملاءاته بما فيها الخاطئة، ومَنْ أَمِنَ العقوبة من مؤسسات الدولة والمجتمع والعرف أساء الأدب والضحية هي المرأة والأطفال
العدد 231 - الخميس 24 أبريل 2003م الموافق 21 صفر 1424هـ