العدد 229 - الثلثاء 22 أبريل 2003م الموافق 19 صفر 1424هـ

رحلة الحدائق المنزلية

وتتكون هذه المحمية طبعا من حدائق السكان الذين يعيشون داخل مدينة شفيلد. ولأول مرة في تاريخ بريطانيا يتم مسح شبكة من حدائق المدن باعتبارها مصدرا بيئيا واكتشاف أعداد متنوعة كبيرة ومهمة من النباتات والحيوانات.

ويقدم هذا المسح معلومات مهمة عن دور الحدائق في المحافظة على التنوع البيولوجي في المناطق التي تقع في المدن والتفاعل بين الكائنات الحية داخل هذه الحدائق وكيف يمكن تطويرها لتصبح بيئة ملائمة للحياة الفطرية.

ويجب أن تكون المعلومات مفيدة للمختصين بتخطيط المدن وذلك لمساعدتهم في تحديد أفضل طريقة لضمان ازدهار الأنواع البيولوجية المختلفة في مدننا الكبيرة والصغيرة.

وقد تم تنفيذ هذا الفحص الفريد من نوعه من قبل علماء البيئة في جامعة شفيلد برئاسة كيفن جاستون وبالاشتراك مع زملائه كن تومبسون وفل ورن وريتشارد سميث. وقام بتمويل المشروع، الذي استغرق ثلاث سنوات، مجلس بحوث البيئة الطبيعية باعتباره جزءا من برنامجه الخاص بتطوير المدن والبيئة.

يقول جاستون: إن هناك ثلاثة أهداف رئيسية للمشروع. لقد أردنا الوصول إلى فهم أفضل لمصدر الحدائق، مساحة صفحة الأرض في المدينة المغطاة بالحدائق والسمات البيئية المهمة في هذه الحدائق. وأردنا أيضا فهم العوامل التي تعمل على زيادة التنوع البيولوجي في الحدائق. وأخيرا أردنا اختبار بعض التدخلات البسيطة التي يمكن أن تعمل على زيادة التنوع البيولوجي والمحافظة عليه.

وما يدعو إلى الاستغراب أن الحدائق لم تلق سوى اهتمام بسيط باعتبارها مصدرا بيئيا. لقد تم إهمال هذه الحدائق فيما يتعلق بالدراسة العلمية نظرا إلى أنها مناطق غير برية، كما يقول جاستون. أما السبب الآخر في إهمال الحدائق فهو أن هذه الحدائق ملكية خاصة ولا تخضع بالتالي لاختصاص مؤسسة واحدة.

وعلى أية حال فمع زيادة التحول إلى الحياة الحضرية والتوسع في الزراعة ـ والتسبب في انخفاض التنوع البيولوجي ـ فمن المحتمل أن تحظى الحدائق بالمزيد من الاهتمام على المستوى البيئي.

وقد تركزت أول نتيجة للدراسة على مجرد حجم مساحة الحدائق في المنطقة المكتظة بالمباني. وباستخدام الخرائط والصور الجوية قدر فريق البحث أن حوالي ربع ما مساحته 143 كيلومترا مربعا تضم منطقة حضرية في شفيلد تحتوي على حدائق، حوالي 175 ألف فسحة خضراء. وقد اختار الباحثون مجموعة من الأنواع المختلفة من الحدائق لدراستها ومعرفة الحياة الفطرية فيها. وقد شمل ذلك الحدائق في الفناء الخلفي للمنازل إلى الحدائق المجاورة للمباني الفخمة.

لقد اخترنا مجموعة من الحدائق تمثل الحد الأقصى من التغيير بالنسبة إلى العمر والحجم وقربها من مركز المدينة. لقد تم اختيار 61 مثالا نموذجيا وتم عمل خريطة تفصيلية لكل نموذج للحصول على فهم دقيق لتركيب كل حديقة.

أما المهمة التالية فكانت عمل دراسة لأنواع مختارة من الكائنات الحية. كان علينا القيام بالكثير من العمل على الطيور والثدييات التي تعيش في المدن، لذلك فقد قررنا التركيز على التنوع البيولوجي الخفي، كما يقول ورن. لقد قمنا بفحص مجموعة من الحيوانات اللافقارية مثل الحلازين والعناكب والخنافس والزنابير وطويل القوائم (حشرة من فصيلة العنكبوتيات). ويؤدي الكثير من هذه الحيوانات وظائف مهمة في النظام البيئي مثل التلقيح والافتراس.

وقد اضطر فريق البحث إلى الاستعانة بمجموعة صغير من علماء التاريخ الطبيعي الهواة والمحترفين للتعرف على العينات. وقد ولَّد هذا الكثير من الحماس، كما يقول جاستون. وتوجد في شفيلد شبكة ناجحة من الأشخاص المتخصصين في تدوين بيانات عن مجموعات من الكائنات الحية.

وفي الواقع، فإن أحد العناصر الغريبة الباعثة على المودة في هذه الدراسة هو مدى التعاون الذي حصل عليه العلماء من مواطني شفيلد سواء كانوا علماء تاريخ طبيعي أو أصحاب حدائق.

لقد كان اهتمام الكثير من أرباب البيوت في هذا المشروع قليلا في البداية، اقتصر على تقديم الشاي لنا فقط. ولكن عندما واصلنا العمل في المشروع زاد اهتمامهم بما يوجد في حدائقهم.

وبعد ثلاث سنوات تقريبا اكتمل الجزء العملي من الدراسة، وبدأ الباحثون في تحليل الكمية الهائلة من البيانات التي تم الحصول عليها.

يقول سميث: إن أهم نتيجة تم التوصل إليها هي أن المجموعات المختلفة من الكائنات الحية تستجيب للتغييرات الموجودة في بيئتها بدرجات متفاوتة.

لذلك فإن بعض الكائنات الحية تتأثر بصورة أكبر بما يحدث في الحديقة التي تعيش فيها مثل الأشنة والحلازين، بينما تستجيب كائنات أخرى لبيئة أوسع ـ أي ما يحدث عبر حدائق كبيرة ـ مثل النحل الطنّان والحشرات الطائرة الأخرى. وليس غريبا أن يبدو التركيب المعقد ـ المعالم المتمثلة في الأشجار والشجيرات ـ مهما بالنسبة إلى التنوع البيولوجي.

وعلى أية حال فإن القول إن الحدائق المزينة والمشذبة على نحو فني جميل والتي يوجد بها مروج مخصصة للعبة البليارد تفتقر إلى الحياة البرية لا أساس له من الصحة. ومن الواضح أن كل نوع من الحدائق يلعب دورا في وجود الحياة الفطرية، كما يقول جاستون.

خدمة الإندبندنت - خاص بـ «الوسط





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً