قال الأمين العام للهيئة المركزية بجمعية العمل الوطني (وعد) إن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ساهمت في تمويل قرض شركة ممتلكات بمبلغ 100 مليون دولار من دون أن تحصل على ضمانات كافية بخصوص تسديد هذا القرض ولم تراعِِ الظروف المالية التي يمر بها العالم وموجة الخسائر التي أطاحت بأعتى البنوك ما يؤثر سلبا على الهيئة ومستقبل المنتمين إليها، علما بأن هذا المبلغ من ودائع العاملين والموظفين.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها إبراهيم شريف أمس بمجلس خليفة الكعبي بالبسيتين.
وقال شريف إن الهدف الرئيسي من تأسيس شركة ممتلكات الحكومية القابضة يتعلق برغبة الحكومة في التحرر من قيود المادة (108أ) من دستور 2002 الذي يلزم الحكومة بعقد القروض العامة بقانون، أي ضرورة عرض القروض على مجلسي الشورى والنواب والخضوع لمجهر النواب.
وأكد شريف أن الحكومة بهذا الإجراء تعلمت من درس طلب إصدار سندات مالية بمبلغ 500 مليون دولار الذي رفضه مجلس النواب في العام 2003م قبل أن يقره ولكن بعد توجيه أسئلة محرجة للحكومة بشأن مشروعي دفان بندر السيف في البسيتين ومنطقة غرب الحد.
ويرى شريف أن ممتلكات القابضة تقوم اليوم بالاقتراض من الأسواق المحلية والعالمية من أجل تمويل عملياتها حتى الخاسر منها مثل حلبة البحرين وطيران الخليج وهو الأمر الذي لا تستطيعه الحكومة التي ستعرض نفسها لمساءلة مجلس النواب في حال طلبها القرض بشكل مباشر.
وذكر شريف أن شركة ممتلكات تساهم في ملكية عدد كبير من الشركات يزيد على ثلاثين شركة أهمها ألبا وطيران الخليج وحلبة البحرين وبتلكو والخليج للبتروكيماويات ومطاحن الدقيق وغيرها، مردفا لذلك تملك الشركة أهم استثمارات الدولة حيث تبلغ أصولها أكثر من 5 مليارات دينار في نهاية 2007 وتتمتع بوضع مالي جيد ورأس مال ضخم.
وأرجع شريف مخاوفه من هذا القرض الذي تورطت فيه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إلى أمور عدة يأتي على رأسها الخوف من إعادة السيناريو القديم الذي يعود إلى العام 1998 عندما تم الاقتراض من صندوق التقاعد لتمويل مركز البحرين للمعارض ومن ثم طالبت الحكومة بشطب ذلك القرض الذي شطب فعلا في 2003 ما يدل على تدخل الحكومة في التأثير على مجالس إدارة تلك الهيئات التي تخضع في النهاية لما تريده الحكومة من دون مراعاة حقوق أصحاب تلك الأموال الأصليين.
وبيَّن شريف في ندوته أن السبب الثاني هو عدم وضوح المعايير التي تم على أساسها إقرار القرض، مبينا أن من الواضح أن القرض تم وفق معايير سياسية وليست مالية تجارية لأسباب عدة منها الاعتقاد بوجود شبهة تدخل سياسي أو تأثير أو ضغوط مباشرة أو غير مباشرة أدت في النهاية إلى مشاركة الهيئة وعدد من المؤسسات المالية المحلية وبنك أجنبي واحد فقط وفي غياب تام للبنوك الخليجية.
وأشار أن العلاقة بين المقترض ومرتب القرض ليست علاقة طبيعية حيث يمتلك المقترض حوالي نصف أسهم بنك البحرين الوطني مرتب القرض ولديه ممثلون في مجلس إدارة البنك. وذكر أنه خلال حفل توقيع القرض اعترف مسئولو البنوك المقرضة للصحافة بصعوبة سوق الائتمان خلال ظروف مالية متقلبة ولكن ممتلكات حصلت على القرض في سوق صعبة من دون ضمانات وبشروط سهلة وفائدة تماثل تلك المتوافرة في سوق عادية لم تصبها الاضطرابات. وأضاف شريف أن القرض الذي استفادت منه شركة ممتلكات لم يتحدد الغرض منه حيث اشتكى ممثلو اتحاد العمال في الهيئة من أنهم لم يحصلوا إلا على النزر اليسير من المعلومات ولم يتم إطلاعهم على الغرض من القرض ولا كيفية سداده ولا التدفقات النقدية لشركة ممتلكات التي تؤهلها لتسديد هذا القرض في موعده بعد 5 سنوات. وبذلك فإن القرض يشبه إلى حد بعيد القروض بسبب الشهرة حيث تصبح الضمانات والتدفقات النقدية والإدارة والخطط والبرامج وتحليل الموازنة والأصول والشركات التابعة، تصبح جميعها بغير قيمة للمقرض لأسباب تتعلق بسمعة المقترض أو ملكيته من قبل الدّولة وهو أمر خاطئ بطبيعة الحال ويؤدي إلى كوارث مالية.
واستغرب شريف من مساهمة عدد من المؤسسات الإسلامية في القرض على رغم ارتفاع كلفة الفوائد المدفوعة للمودعين لدى بعضها حيث تصل معدلات الفائدة (تحت مسمى مرابحة أو مضاربة) ما بين 5 في المئة و7 في المئة لفترات تتراوح بين ثلاثة أشهر وثلاثة أعوام. أي أن هذه المؤسسات تحقق خسائر مؤكدة من المشاركة في هذا القرض، فهل يعقل أن يكون قرارها مبنيّا على أسس تجارية؟ وخصوصا أن ممتلكات لم تف بوعدها إلى الآن على رغم مرور شهر ونصف على تسلمها القرض حيث لم تفصح كما وعدت عن وجهة القرض التي من المؤكد أنها خارجية والتي ربما تأثرت بالأزمة المالية التي أطاحت ببنوك عملاقة.
وعن قدرة مجلس النواب على علاج الوضع أو التدخل لمنع مثل تلك التجاوزات أوضح شريف أن المشكلة أكبر من مجلس النواب نفسه الذي صبغ نفسه بالصبغة الدينية وهمش بقية الأطياف ومنعهم من تمثيله.
ودلل شريف على أن الاعتقاد السائد لدى الناس بأحقية الإسلاميين في دخول المجلس النيابي حيث يوجد لديهم حوالي 35 نائبا هو اعتقاد خاطئ لسبب بسيط هو أن الإسلاميين لم يفوا بوعودهم خلال 6 سنوات كاملة استفردوا فيها بالساحة، مبينا أنهم لم يتمكنوا من منع الخمور ولا الدعارة ولا الربا وذلك بسبب أن البحرين محتاجة إلى إصلاح سياسي لا فرق فيه بين مرشح إسلامي أو علماني حتى تتمكن من تخطي مثل هذه العقبات والمطبات التي تحيط بها من كل جانب.
كما أكد شريف استحالة تحقيق الوعود التي أوصلت جل النواب إلى البرلمان بسبب ارتباط نقاط الفساد التي يتحدثون عنها بالاقتصاد البحريني بصورة مباشرة ومن المستحيل أن نستغني عن الربا أو الخمور أو الدعارة بجرة قلم وإلا ستتعرض البحرين لانتكاسة اقتصادية كبيرة ولن تقوم لها قائمة، أي أننا بحاجة إلى برنامج عمل واضح ودقيق ووفق برنامج زمني حقيقي يراعي مصلحة البلاد وتوجهات المواطنين في آن واحد من دون أن يخل بالموازين ويؤدي إلى كارثة.
كما رد شريف على بعض تهم النواب الموجهة إليه بأنه يقول في المحاضرات ويعدد الأرقام ولكنه يمتنع عن تسليم ما لديه من معلومات وأرقام إلى النواب كي يناقشوها في مجلسهم، بأن من يقول مثل هذا الكلام بالتأكيد عاجز ولا يريد أن يعمل لأن المعلومات التي يملكها شريف لا يستقيها من المصدر مباشرة وإنما هناك قنوات كثيرة مفتوحة يمكنها توفير مثل هذه البيانات والمعلومات والأرقام لمن يريد وإن على النواب أن يسعوا بنفسهم لها ويوظفوا ما شاءوا من المستشارين والخبراء إن أرادوا أن يتحركوا بشكل صحيح وأن يضعوا عنهم جانبا تلك الاتكالية لأن من أوصلهم للبرلمان لم يوصلهم ليعتمدوا على غيرهم.
وعلى هامش المحاضرة علق مدير صندوق التقاعد السابق محمد عبدالغفار على موضوع قرض ممتلكات وخالف في رأيه ما طرحه إبراهيم شريف حيث رأى عبدالغفار أن القرض صحيح وجاء وفق رؤى مدروسة لوجود فترة استحقاق متفق عليها ووجود ضمانات حقيقية وهو ليس أول قرض تقدمه التأمينات لتمويل المشاريع الوطنية وإنما هناك قروض سابقة قدمتها وربحت من ورائها واستثمرت بها أموال المودعين.
كما شدد عبدالغفار على عدم وجود عجز اكتواري لدى الهيئة وأن ما يتداول مجرد أقاويل لا تستند إلى حقائق، مؤكدا أن مركز الهيئة المالي جيد ولا خوف من عجز يطول المتقاعدين على مدى السنوات المقبلة. وأرجع مثل تلك الأقاويل التي تتحدث عن مثل هذا العجز لأغراض أخرى ربما يكون وراءها مصالح خفية
العدد 2240 - الخميس 23 أكتوبر 2008م الموافق 22 شوال 1429هـ