اليوم تزدحم جوانب الطرقات بمئات الفتيات والفتيان في استعراض كبير، وللأسف الشديد أخص بالذكر تلك الفتيات اللواتي يعتبرن هذه المناسبة المقدسة مهرجانا بالألوان يلتقين فيه ويتبادلن الأحاديث والأخبار من دون مراعاة لما تحمله هذه المواكب من عبر وعبرات الأولى بنا أن نستذكرها دائما ونطيل البحث فيها ونستسقي منها الدروس الزاخرة بملاحم البطولات الاستشهادية والإيمان الثابت في الدفاع عن الحق ورفع راية الإسلام عالية، وتفعيل دور المرأة الإيجابي الذي تمثل في الحوراء سيدتنا زينب بنت أمير المؤمنين (ع)، إذ وقفت ثابتة العقيدة والمبدأ في وجه الطغاة، وقفت رابطة الجأش صابرة على بطش الطغاة ثابتة في وجه السيوف والحراب والأخبار تتواتر عليها بفقد أحبتها وذويها وأهلها جميعا فتحلت بالصبر ولم يهزمها المنون، بل زادها إيمانا وثباتا، وحاربت، نعم، حاربت، إذ ليس المحارب من يحمل السلاح ويمضي إلى ساحة الوغى فقط، ولكنه من يحمي ويدافع ويناصر ويصمد ويصبر على كيد الأعادي في سبيل إعلاء كلمة الحق، ومن دون تراجع أو هزيمة، لقد حاربتهم بقوة العزيمة والإرادة، حاربتهم بقوة البلاغة والبيان، حاربتهم بالموقف والكلمة والرأي السديد.
ما أعنيه هو أنت أيتها المرأة، ألا ترين انه يجدر بك أن تتخذي من هذه الجليلة الطاهرة العظيمة مثلا أعلى لك ومن مواقفها الشجاعة دروسا تقودك إلى الصبر على مقارعة اعداء الله ورسوله والإيمان بكلمة الحق والدفاع عن دين الله ونصرة الإسلام وقبل هذا وذاك، التحلي بالأدب والعفة والفضيلة، لتكوني جديرة بالانتماء إليها، وانني إذ أقول هذا، أدعو بعض الفتيات اللواتي يدرعن الطرقات ذهابا وإيابا، وهن بكامل زينتهنّ، وعطرهنّ يفوح حيث تحركن، إلى مزيد من التفاعل مع هذه المناسبة الفاضلة والتحلي بالوقار والفضيلة. فإذا كانت مناسبة كهذه، لا تجعلهن يتخلين عن التبرج والاستعراض، فالأَولى بهنّ البقاء في بيوتهنّ، وهذا أحفظ لكرامتهنّ، فذكرى عاشوراء أسمى من أن نتخذها وسيلة لأغراض كهذه
العدد 228 - الإثنين 21 أبريل 2003م الموافق 18 صفر 1424هـ