العدد 228 - الإثنين 21 أبريل 2003م الموافق 18 صفر 1424هـ

مبادرات المحامين لإصلاح القضاء مرفوضة واعتمادنا على المبادرات الشعبية

الشملاوي في مجلس شويطر: القضاء سلطة وليس وظيفة

بدت الندوة التي أقامها مجلس شويطر عن النيابة العامة واستقلالية القضاء، والتي حاضر فيها عبدالله الشملاوي، وكأنها تفرغ هموم ثلاثين سنة من الهواجس والأسئلة الملحة المؤجلة، إذ طغى على الجلسة الكثير من المقترحات المقدمة من الحاضرين، الذين طالبوا بإنشاء معهد لتدريب القضاة والمحامين، وإنشاء محاكم ابتدائية في المناطق والمدن للبت في القضايا الصغيرة بدلا من وجودها في المحاكم الأم المزدحمة بالقضايا، إلا أن الشملاوي أوضح أن كل مبادرة تأتي من جمعية المحامين مرفوضة، وأن المحامين يعتمدون في ذلك على المبادرات الشعبية. وبرزت الدعوة من قبل المحامين والحضور إلى إحلال القضاة البحرينيين المدربين بدلا من الأجانب، مع إعطائهم الاستقلالية الاقتصادية ليتمكنوا من ممارسة سلطاتهم بعيدا عن دائرة الوظيفة التي تنتقص - كما قال الشملاوي - من استقلالية القضاء، «لأن القضاء سلطة وليس وظيفة»، إضافة إلى إشراك جمعية المحامين في اختيار القضاة الأكفاء.

وفي سؤال لـ «الوسط» عن صلاحية النائب العام بتكرار حجز المتهم لمدد غير معلومة وعلاقته بقانون أمن الدولة، وصف الشملاوي قانون أمن الدولة بـ «مكعب ماجي»، أصبح نفسا ونكهة تصاغ به جميع القوانين، و«نحن نشم رائحته في كل قانون يصدر».

وبخصوص النيابة العامة، أكد الشملاوي أن قانون النيابة العامة هو بداية صحيحة، لكن بقاء النيابة العامة تحت تبعية وزير العدل فيه تضييق عليها، وشدد على استقلالية عضو النيابة، وألا يعامل كموظف في دائرة حكومية، وألا يكون قد حكم عليه بجريمة ماسة بالشرف والأخلاق، وما لم تتوافر هذه الشروط فلا يمكن - حسب الشملاوي - أن يمارس النائب العام مهنته بنزاهة واستقلالية.

وأوضح الشملاوي أن النيابة العامة تقوم محل الناس في تمثيلهم في الاتهام، إذ لا يتصور أن يأتي المجتمع بكليته ليأخذ الشخص المتهم إلى دائرة العقاب، منبها إلى أن الفكر القانوني أبدع (مؤسسة الاتهام) وهي النيابة العامة لأن الناس تنفر من ذكر اسم الشرطة «بسبب الصورة الفاقعة للسلطة التنفيذية»، وعليه فمن المفترض أن تكون النيابة العامة خصما شريفا يسعى إلى تطبيق القانون.

وتابع حديثه «يجب أن تكون إجراءات التحقيق سليمة قانونيا، بأن لا ينهك المتهم في التحقيق، ولا يسأل في حال الجناية إلا بوجود محام، وإلا فإن الأحكام باطلة»، إلا أنه أوضح أن بإمكان المحاكمة أن تسير بشكل طبيعي إذا لم تكن القضية جنائية.

وبين الشملاوي أن الإجراءات الاحترازية التي تتخذها النيابة العامة - مثل حجز المتهم ومنعه من السفر في حال ثبتت عليه جناية، لكي لا يتم العبث بالبيانات والأدلة من قبله - يؤكد أن النيابة خصم شريف. إذ أشار في هذا الجانب إلى أن من حق النيابة العامة الطعن في الحكم واستئنافه من جديد لمصلحة القانون.

إلى ذلك، سلط الشملاوي الضوء على بعض القوانين التي تنظم مهنة النيابة العامة، فأشار إلى أن قول المشرع إن النيابة العامة هي سلطة أصيلة في السلطة القضائية دون غيرها، دليل على أحقيتها من دون السلطة التنفيذية في تولي مهمات الادعاء والاتهام، إلا أنه لفت إلى أن القانون ألغى حق المتضرر في ملاحقة الشخص المتضرر منه، معتبرا هذا الإلغاء بأنه إجراء غير موفق.

وانتقد الشملاوي عدم سماح القانون للمحامي بالحديث في النيابة العامة إلا بإذن النائب، وإقصار رغبته في الحديث على إثباتها في المحضر بعد منعه من قبل النيابة، معتبرا أن هذا القانون «غير دستوري، ولم تتم مشاورة المحامين فيه»، فضلا عن عدم إقراره من قبل مجلس الشورى والنواب بحسب دستور العام 2002، لأن الحكومة أصدرته ضمن حزمة القوانين التي أصدرتها قبل بدء انطلاقة المجلسين.

وأضاف «لو كنت مشرعا، لجعلت الحق للمحامي في الكلام، لأن ذلك هو الأصل في أصول المرافعات، وعلى النيابة العامة - إذا أرادت منع المحامي من الكلام - أن تثبت ذلك في المحضر»، معتقدا بأن تكرار المنع من النيابة العامة سيحرجها ويمنع تكرار المنع بعد ذلك، وكشف عن تعرضه شخصيا لموقف مشابه إثر مشاكسته في بعض المرافعات، فقال له النائب: «إذا لم تصمت، ستخرج من القاعة».

وبخصوص القضاة، أوضح الشملاوي أن على من يقوم باختيار القضاة أن يختار المتفوقين دراسيا، الذين لا تقل درجتهم عن جيد جدا، وألا يكون القاضي موظفا من قبل الحكومة، كما هو الحال في محاكم البحرين، التي يتدرج فيها القاضي من كاتب إلى قاضي، وألا يكون قد حكم عليه بقضية ماسة بالشرف والأخلاق، وألا يكون خاضعا لأية سلطة، ولا مهددا بالتقاعد أو الإقالة، مع ضرورة أن تسد جميع حاجاته الاقتصادية ليساعده ذلك على الاستقلال في إعطاء الأحكام، إضافة إلى أن يكون ممن تسند إليهم حقوق الناس وأعراضهم.

وأوضح أن الوضع السائد في البحرين بين القضاة، تدخل فيه القضايا العائلية والمذهبية بالدرجة الأساس، إضافة إلى حجم علاقات القاضي ونفوذه في الدولة، وتدرجه الوظيفي الذي يخل بسلطة القضاء التي هي إحدى السلطات الثلاث في الدولة، وليست وظيفة تمنح من أحد لاعتبارات غير مقننة، مؤكدا أن ضعف المخصصات التي تمنح للقاضي وطريقة الاختيار تؤثر على استقلالية القاضي في الحكم.

ولفت الشملاوي إلى أن القاضي يجب أن يحتك بقضايا الناس اليومية ليصدر أحكاما تناسبهم، وهذا يحتاج إلى فهم عميق كما قال، وأن يحكم القاضي بالوقائع لا بما يعلم، من خلال البيانات والشهود وتقرير الخبير القانوني، وهذا سر وجود محكمة الاستئناف والتمييز لتشخيص الحكم، وهذا سر استقلال القضاء كما قال.

وذكر الشملاوي أن قانون القضاء يجب أن يأخذ الصفة المحلية لأنه لا يمكن أن تطبق قاعدة قانونية إلا على أشخاص مخاطبين بها، منتقدا بذلك القانون البحريني الذي لم يزل يعتمد على قوانين مصرية وأردنية من دون أن يبذل جهدا في ملاءمتها مع الوضع المحلي

العدد 228 - الإثنين 21 أبريل 2003م الموافق 18 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً