أعلن وزير الخارجية الأميركي كولن باول أنه سيقوم بزيارة سورية في وقت لم يحدد بعد من أجل البحث مع المسئولين السوريين في الكثير من القضايا الخلافية وأهمها مزاعم واشنطن تطوير دمشق أسلحة كيماوية وتأمينها المأوى لبعض القادة العراقيين الذين تلاحقهم الولايات المتحدة، وما تقول واشنطن انه انتهاك لقرار الأمم المتحدة بشأن التعاون الاقتصادي مع العراق ودعمها لحزب الله.
ويذكر أن وزير الحرب الصهيوني شاؤول موفاز ذكر في مقابلة مع صحيفة «معاريف» الصهيونية «ان لدينا قائمة طويلة من القضايا التي نفكر في مطالبة سورية بها ومن الأفضل القيام بذلك عن طريق الأميركيين». فالقوات العسكرية الصهيونية فشلت في الإبقاء على احتلالها لجنوب لبنان، وغير قادرة على تحقيق رغبات موفاز غير المحدودة والطويلة بدءا من إخراج القوات السورية من لبنان ووقف دعم منظمات المقاومة الفلسطينية وحزب الله وتجريد سورية من أسلحتها بصورة فعالة.
وتأمل الحكومة الصهيونية في أن تركب موجة بروز الهيمنة الأميركية الآخذة في البروز من أجل إعادة التعمير الإقليمي وفق الخطوط الإسرائيلية، وهو هدف القيادة المدنية لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التي ترى أن هناك تماثلا فعليا بين المصالح الأميركية والإسرائيلية.
ويجري دعم أو تعويم آمال ارييل شارون بجدول أعماله عن طريق بروز وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الذي يوجه فترة التحولات في المنطقة العربية بعد غزو واحتلال العراق.
وذكر مسئولون في وزارة الخارجية الأميركية أن إعلان باول الأربعاء الماضي زيارة سورية فاجأهم، إلا أنهم أوضحوا أن هذه الزيارة لو تمت ستكون في إطار جولة شاملة يقوم بها باول في المنطقة العربية لتنشيط محادثات تسوية المسار الفلسطيني- الإسرائيلي. وقال أحد المسئولين في وزارة الخارجية إن باول «يمكن أن يتوجه إلى سورية، لكنه لم يتم تنظيم رحلة حتى الآن».
وقال باول إن واشنطن أرسلت رسائل إلى دمشق عبر وسطاء من بينهم بريطانيا وفرنسا وإسبانيا تدعوها إلى عدم توفير ملاذ آمن للقادة العراقيين، مشيرا إلى أنه سيجري مباحثات مكثفة مع وزير الخارجية السوري بهذا الخصوص ومع الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان باول خفف يوم الثلثاء الماضي من طبول الحرب على سورية حين قال إنه «لا توجد خطة حرب الآن مباشرة لمهاجمة جهة أخرى». لكن أيا من بوش أو رامسفيلد لم يقدم مثل هذا الضمان.
وتقول مصادر أميركية مطلعة: إنه في الوقت الذي أعلن فيه باول اعتزامه زيارة سورية فإن هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية أمرت القيادة الأميركية الأوروبية بإعداد خطة لسورية. وهو ما أثار رعب الكثير من الدول العربية. وترى هذه المصادر أن هذا كان هدف رامسفيلد وليس باول الذي يريد عودة الرئيس بوش بعد احتلال العراق إلى الدبلوماسية. وأن رصيد باول في هذا الشأن هو «خريطة الطريق» لإقامة دولة فلسطينية على جزء من الأراضي المحتلة في العام 1967، إلى جانب الكيان الصهيوني وهو لا يحظى برضا شارون وأصدقائه في البنتاغون.
وتحدث باول الذي كان زار سورية مرتين، عن آمال الولايات المتحدة في إدخال سورية في عملية صنع السلام مع «إسرائيل». وقال: إن زيارته لسورية ستكون جزءا من تبادل دبلوماسي قوي للغاية.
وعلى رغم تطوير سورية أسلحة كيماوية لتكون ندا على ما يبدو للمخزون النووي الإسرائيلي، فإن الخبراء العسكريين لا يعتبرونها «أسلحة دمار شامل» كما أن امتلاكها لا ينتهك القانون الدولي طالما أن سورية لم توقع معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية. غير أن الرئيس بوش وأركان حكومته لا يستحضرون القانون الدولي كما فعل عندما سعى إلى إقرار الأمم المتحدة التدخل العسكري في العراق. وعلى رغم عدم الإعلان رسميا عن زيارة باول لدمشق، فإن السفير السوري في واشنطن رستم الزعبي أبدى ارتياحه لهذا النبأ داعيا الرئيس بوش إلى وقف حملة الاتهامات ضد سورية. وقال لشبكة التلفزيون الأميركية (سي.إن.إن) «إنه نبأ جيد وخطوة في الاتجاه الصحيح؛ لأن الحوار المباشر بيننا وبين الولايات المتحدة أفضل من توجيه الاتهام عن بعد». وأضاف: «ننتظر إجراء حوار بناء مع الولايات المتحدة بدلا من الاتهامات والتهديدات»، وأكد أن سورية لن تستقبل أي شخص من نظام صدام حسين، مذكرا بأن دمشق وبغداد لم تقيما علاقات دبلوماسية منذ فترة طويلة
العدد 227 - الأحد 20 أبريل 2003م الموافق 17 صفر 1424هـ