العدد 227 - الأحد 20 أبريل 2003م الموافق 17 صفر 1424هـ

أصدقاؤنا في الجنوب

إنها نظرية عظيمة: استناد الرسامين الفرنسيين والبريطانيين إلى أعمال بعضهم بعضا لخلق الانطباعية (حركة حديثة في الفنون).

الفرضية الأولى: الرسم البريطاني رديء جدا وضيق الأفق.

الفرضية الثانية: الرسم الفرنسي ممتاز ويشكل التيار الرئيسي للفن الأوروبي.

التعقيدات المثيرة: حدث تفاعل نشط بين فن الرسم في بريطانيا وفرنسا وأُلهم الفرنسيون خصوصا بالأسلوب والإحساس البريطانيين وكانت النتيجة على المدى الطويل بزوغ الفن المعاصر.

النتيجة الوطنية: كانت النتيجة مبهجة بشكل كبير.

وبايجاز فإن هذه هي حبكة الرواية العاطفية للحركة الفنية من معرض كونستابل إلى ديلاكروا: الفن البريطاني والرومانتيكية الفرنسية من 1820 إلى 1840 التي يبرزها المتحف القومي في لندن.

ويمكن القول بعبارات علمية ان المعرض المقام في المتحف القومي بلندن يتتبع تاريخ الرسامين والرسومات التي عبرت القنال الانجليزي وأدت إلى نوع من الإثارة مع ملاحظة العلامات التي تدل على التأثير المتبادل بين الأعمال الفنية.

إن النقطة الرئيسية في المناقشة هي أن كونستابل (مع الأضواء المتفرقة والرسوم الحرة بالفرشاة) أدى إلى الانطباعية في الفن. ويبرز المعرض هذه الحركة الانطباعية مضيفا الفن البريطاني في أوائل القرن التاسع عشر عموما إلى كونستابل مع تحديد الوسطاء الفرنسيين الذي شاركوا في نشر تلك الحركة وعلى رأسهم يوجين ديلاكروا. إن سلسلة النسب تستحوذ على دراسة الفن. ويعتقد بعض مؤرخي الفنون أنه عندما ينتهي المرء من تأليف عمل معين مع ابراز التأثيرات المختلفة على هذا العمل فإنه يكون قد قال كل شيء. إن هذه ليست فرضية مشجعة بالنسبة إلى المعرض الذي يستحق أن تذهب إلى مشاهدته لسبب واحد وهو أنه يضم مجموعة رائعة من اعمال الفنان ثيودور جيريكولت.

هناك صورتان غريبتان تم عملهما بالطريقة الساكنة في الرسم (طريقة رسم الجماد) لأجراء مقطعة من جسم الإنسان، الأولى عبارة عن رأسين والثانية تجميع هادئ لأذرع وأرجل ملطخة بالدماء. وهناك مثالان على صور هذا الفنان التي رسمت بطريقة تعشي البصر لشخص مريض عقليا إذ يبرز جزء من هذه الصور دراسة مرضية بينما يركز الجزء الآخر على طريقة التصوير.

كما أن صورة الشخص المصاب بجنون السرقة تستحق الرؤية ايضا. ويوجد ايضا رسم بالالوان لمجموعة «ميدوسا» ونسخة بحجم كبير لتلك الصورة المأسوية المعروضة هنا، كما توجد ايضا صورة أو صورتان رائعتان للفنان ديلاكروا.

وإذا كنت معجبا بكونستابل وتيريز والمناظر البحرية للفنان ريتشارد باركس بوننغتون فستكون مسرورا عند رؤية صور لهؤلاء الفنانين. وتوجد ايضا اعمال فنية رائعة منها صورة لسفر الرؤيا (نهاية العالم) للفنان جون مارتن وصورة متوهجة قرمزية اللون لغروب الشمس للفنان ريتشارد دانبي. ويوجد الكثير من الصور الغريبة الهادئة التي تصور بعض نقاط الالتقاء بين الثقافة البريطانية والفرنسية. وقد أقام متحف لندن الوطني منذ عامين معرضا باسم «الصور الزيتية العارية التي تمثل العصر الفيكتوري». كان هناك سبب قوي لإقامة هذا المعرض: كانت الصور الزيتية العارية عملا مربحا في بريطانيا في القرن التاسع عشر ولم تفرض عليها أي قيود. ولكن الصور نفسها كانت سيئة لذلك فإن الاسباب التي قدمت لرسم هذه الصور لم تؤد إلى جعل تلك الصور تبدو بشكل أفضل.

إن معرضا عالميا كبيرا يحتوي على مجموعة مستعارة مثل معرض كونستابل وديكروا يحتاج إلى جهد كبير ولباقة لتنظيمه. فلا فائدة من تنظيمه لمجرد ابراز قضية معينة. إن المبرر الوحيد لإقامة معرض بعد شرح الأسباب هو الفن الذي يريد هذا المعرض ابرازه. ولكن هناك شيئا آخر يحدث في هذا المعرض، إذ ان المعرض لا يقوم فقط على النقاش التاريخي بل على حافز اكثر إثارة: إعادة التنظيم التاريخي.

ويتجه المسئولون عن تخزين وحفظ المعروضات إلى إعادة التنظيم التاريخي وذلك بمحاولة اللحاق بالحركة الأولى للموسيقى ومركز يورفيك فايكنج. وتحاول المعارض الجديدة احياء المعارض التي كانت موجودة في الماضي. إن الأعمال الفنية التي تتذكرها الأجيال موجودة بصورتها الأصلية جنبا إلى جنب مع الأعمال التي نستها تلك الأجيال.

*خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً