العدد 223 - الأربعاء 16 أبريل 2003م الموافق 13 صفر 1424هـ

قانون المطبوعات ورائحة العسكر

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

قانون المطبوعات والنشر سيدخل هذه الأمة في «طبعة» لا ناجي فيها... بمن فيهم المبحرون بالقانون. «طبعة» لن يقرأها أحد، لأنها وبصريح العبارة ستكون نسخة تفوح منها رائحة العسكر والزنازين الانفرادية والاستجواب على الطريقة العربية المحضة!.

قانون كهذا يجرجر الأحرار إلى أروقة المحاكم، ليكونوا فرجة أمام اللصوص وتجار المخدرات وبائعات الهوى والمزورين وسراق المال العام. أي قانون ذلك الذي من أهم بنوده «الجرجرة» - من «الجر» - فيما «الرفع» خارج الحسبة، و«نصب» المشانق للكلمة يكاد يراه حتى كفيف البصر!.

قانون كهذا، هو محض افتراء على الحرية والانفتاح، هو محض فخ للقلاقل والأزمات، هو محض بؤرة للتسلط على قامات الفكر والأدب والحقيقة، ولا يملك جرأة المباهلة أمام قوانين محاكم التفتيش سيئة الذكر لو قدر لها أن تعود وتهيمن.

قانون كهذا هو احتجاج محض على مرحلة الإصلاح والشفافية التي دشنها جلالة الملك، احتجاج على تعدد الأطياف السياسية وتنوعها، كما هي الحال احتجاج على تعدد الأطياف الإبداعية، هو محض قتل للتعدد!.

يصر القانون ذاته على إقناعنا بأن بنوده ومواده تكاد تضاهي وتزاحم أعرق القوانين في هذا الشأن على مستوى أمم هذا الكوكب!. هل القانون إياه موجه إلى مجموعة من البشر أم أكوام من الأشياء؟. يبدو انه موجه إلى الأخيرة منها!.

على المسرحيين في ظل القانون المذكور أن يراعوا الموسيقى التصويرية قبل النص، فالقانون إياه لم يدع مجالا إلا وحرص عليه للإمساك بترميزاتها وتوظيفاتها، وعلى الفنانين التشكيليين مراعاة اللون لأن القانون ذاته يحوي في تفسيراته الخاصة، و«الخاصة جدا»، أدلة وبراهين وقراءات «هبطت» ببراشوت، تدين اللونين الأسود والأحمر على سبيل المثال! فاحذروا من ألوانكم قبل الحذر من القانون إياه!. وعلى الشعراء أن يحترسوا من الكمائن والشراك اللغوية التي قد تدفع القانون إياه إلى جرجرتهم إلى الزنازين أولا وإلى مكاتب النيابة العامة وقاعات المحاكم ثانيا!. وعلى المغنين تفقد حنجراتهم وعرض حبالهم الصوتية على الرقيب قبل البدء بتدشين أي مشروع غنائي!. وعلى المصورين أن يتحسسوا زوايا اللقطة قبل البدء بالضغط على زر التصوير، لأنهم ليسوا على مبعدة من سطوة ذلك القانون!. وعلى النحاتين التروي في اختيار الخامة التي سيعمدون إلى تشكيلها، عدا عن الشكل الذي يراد تجسيده والخروج به ، فكل ذلك تحت سطوة وطائلة القانون المذكور!.

القانون إياه، لم يمهل فرصة لموهبة النيات، فوضع لها بنودا تقود نيات اصحابها إلى جحيم قد تظل فيه خالدة مخلدة!. لا تهويل في الأمر، فمن تجارب كثيرة أصبحنا مستوعبين للتدرج في القوانين وتفسيراتها، بدءا بقانون أمن الدولة، وليس انتهاء بقانون المطبوعات والنشر!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 223 - الأربعاء 16 أبريل 2003م الموافق 13 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً