العدد 223 - الأربعاء 16 أبريل 2003م الموافق 13 صفر 1424هـ

لن نحتفل باليوم العالمي لحرية التعبير هذا العام

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قريبا سيحل علينا اليوم العالمي لحرية التعبير عن الرأي، في العامين الماضيين كان يمكن ان يحتفل المواطن البحريني بحرية التعبير عن الرأي بفضل ما جاءت به الإصلاحات السياسية بقيادة جلالة الملك. أما هذا العام فلا يبدو أن الاحتفال بهذا اليوم مناسب، لأننا نعيش مرحلة حرجة تحت تهديد مستمر من وزارة الإعلام بالإطباق على الصحافة وقمع حرية التعبير عن الرأي.

وهذا أمر مؤسف حقا، إذ ان هناك منظمات حقوقية دولية أشادت بالبحرين كثيرا خلال العامين الماضيين، أما هذه الأيام فإن عددا من هذه المنظمات بدأ يجري اتصالات وتقييمات لوضع الحريات العامة وخصوصا بعد ان قامت وزارة الإعلام بممارسة أساليب غير لائقة بالإصلاح السياسي والاقتصادي و«جرجرت» الوسط مرتين لإهانة الذين تصدوا لقانون الصحافة والنشر الذي يحاول قمع حرية التعبير والانتقام من أي شخص وأية مؤسسة بصورة انتقائية. فكل ما تحتاج إليه وزارة الإعلام لإخماد صوت ما هو إلا إرسال أحد موظفيها لتسجيل قضية لدى النيابة العامة بحسب مواد قانون الصحافة والنشر الجائر. وبعد ذلك تتحرك النيابة كما كانت تتحرك أجهزة الادعاء العام سابقا وتحضر الصحافي ورئيس التحرير وتعاملهما كما تعامل المجرمين.

والحقيقة أن النيابة العامة ليس لها ذنب. لأنها ضحية للقانون السيئ ويتوجب عليها تطبيق أي قانون سيئ أو جيد، وهي تتحرك بطلب من أية جهة أو سلطة ومن ثمة تبدأ بالتعامل مع من يعبر عن رأيه كما لو أنه سطا على المال العام، مع فرق واحد هو أن الذي يسطو على المال العام لا تتم معاملته كما تتم معاملة الصحافي. فالذين يسطون على المال العام تتم ترقيتهم أو نقلهم الى وظيفة أخرى وتستمر كل المميزات التي كانت لديه.

أما مَنْ يحاول التعبير عن رأيه فله الويل من ذلك، خصوصا إذا توجهت وزارة الإعلام إلى الانتقام منه.

كان بإمكاننا ان نحتفل هذا العام باليوم العالمي لحرية التعبير عن الرأي فيما لو لم يكن هناك قانون صحافة ونشر جائر، وكان بالإمكان ان نتحدث عن إمكان تطوير الإعلام ووسائله في البحرين، لكن - وبعدما حصل حديثا - فليس هناك ما يدعو إلى الاحتفال.

اعترف انني كنت متفائلا أكثر من اللازم سابقا الى الدرجة التي تقدمت فيها الى وزارة الإعلام باقتراح لإعداد حوار تلفزيوني سياسي تنويري. وقد تقدمت بهذا الاقتراح عدة مرات، آخرها عندما كنت عائدا من شرم الشيخ وكان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة يتحدث للصحافة المرافقة للوفد البحريني. وبعد إكمال الحوار أعدت طرح الاقتراح على وزير الإعلام نبيل الحمر، ولكن الرد كان باردا كما كان الحال سابقا.

أما الان فلا أفكر في تطوير أي شيء، وكل ما يهمني بصفتي شخصا ناضل طوال حياته من أجل حقوق الانسان والحريات العامة والديمقراطية هو الدفاع عن الحق الذي اكتسبه شعب البحرين خلال العامين الماضيين، ويتعرض حاليا لخطر «الانقراض» بسبب قانون يخالف الميثاق والدستور وجميع مواثيق الأمم المتحدة والإعلانات الدولية. والاقتراح الحالي لتعديل القانون لبّى بعض المتطلبات وأبقى على بعض الأمور السابقة، ويبدو أن المسيرة طويلة، أطول بكثير مما كنت أتوقعها. هذا التسويف في إصدار تشريعات تلتزم بضوابط الميثاق والدستور والمواثيق الدولية لا يدعونا بأي حال من الأحوال إلى أن نحتفل باليوم العالمي لحرية التعبير عن الرأي.

لقد اكتسبنا عددا من الحقوق خلال العامين الماضيين أهمها حق التجمع السلمي وحق التنظيم على رغم أنه ما زال دون التنظيم الحزبي، وحق المرأة، وحق التعبير عن الرأي، وحق العمل النقابي. إلا أن حق التعبير عن الرأي يتعرض للخطر، كما يتعثر أيضا حق العمل النقابي على المستويين العمالي والمهني.

إننا فخورون بما انجز خلال فترة وجيزة ولكن يبدو أن هناك من أزعجه اكتساب بعض الحقوق الأساسية التي ناضل من أجلها شعب البحرين منذ العام 1938، ولذلك لجأ الى أساليب «اللف» و«الدوران» للالتفاف على هذه الحقوق وإلغائها بعد أن تمتع شعب البحرين بها.

لقد كانت لدينا حقوق وحريات في مطلع السبعينات واستمرت تلك الحريات عامين، وبعد ذلك الغيت، وانتظرنا - بعد نضال مرير - حتى العام 2001 لتعود بعض تلك الحقوق... ونحن الآن نكمل عامين من التمتع بهذه الحقوق، وما نأمله هو أن نكون أفضل مما كنا عليه في مطلع السبعينات عندما استمرت الحريات لعامين فقط.

نريد حريات عامة دائمة ولا تخضع لرغبات وزير أو مسئول ربما يشعر بأن مصالحه الخاصة تتضرر من حصول شعب البحرين على حقوقه.

ربما نستطيع الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير عن الرأي هذا العام ولكن هذا الاحتمال يحتاج إلى أكثر من إطلاق شعارات رسمية. انه يحتاج إلى قانون الصحافة والنشر من دون تأخير حتى لو لم يصدر أي قانون آخر، فانعدام القيود والسلاسل مطلب إنساني أبدي ولا يمكن الإبقاء على هذه القيود في مطلع القرن الحادي والعشرين

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 223 - الأربعاء 16 أبريل 2003م الموافق 13 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً