قام وزير المالية والاقتصاد الوطني عبدالله حسن سيف بإلقاء كلمة المجموعة العربية في اجتماعات الدورة السابعة والستين للجنة التنمية التابعة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتي عقدت في مقر البنك الدولي في واشنطن في 12 ـ 13 ابريل/ نيسان 2003. وتعد اللجنة بمثابة منتدى يعمل على الوصول إلى تصور مشترك بين الحكومات بشأن الموضوعات المتعلقة بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم.
أكد الوزير في بداية كلمته أن الدورة السابعة والستين للجنة تأتي في وقت يتعرض فيه الاقتصاد الدولي لمزيد من الضغوط التي من شأنها عرقلة الجهود الرامية إلى الإسراع بمعدلات النمو والقضاء على الفقر في الكثير من الدول النامية، مشيرا إلى ما ذكرته التقارير الصادرة عن البنك الدولي من أن اندلاع الحرب في العراق أضاف عاملا سلبيا جديدا على استعادة أدائه الطبيعي، الأمر الذي أدى إلى تراجع عمليات التنمية التي تمت خلال الأشهر الماضية وانتشار أجواء من عدم الثقة، وبالتالي الحد من تدفق الاستثمارات الدولية إلى الدول النامية وتقليص دور وحجم التجارة الدولية في دفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الدولي.
وأوضح الوزير أن هذه الظروف الجديدة تستدعي سياسات وبرامج عمل محددة من جانب المجتمع الدولي، كما دعا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى الإسهام في عمليات التنمية على مستوى الدول وعلى المستوى الإقليمي، مؤكدا أهمية توفير الموارد اللازمة للاستجابة لهذه التحديات الجديدة والحد من المخاطر التي تحيط بجهود التنمية ومكافحة الفقر.
كما أكد الوزير أهمية التمسك بمقررات وثيقة توافق الآراء الصادرة عن المؤتمر الدولي المعني بتمويل التنمية، والذي عقد في مدينة مونتيري بالمكسيك في مارس/آذار من العام الماضي، وخصوصا في ظل الأوضاع الراهنة التي يشوبها عدم الاستقرار وتراجع معدلات الأداء الاقتصادي، مشيرا إلى ضرورة وضع إطار محدد لرصد السياسات والإجراءات التي تم اتخاذها لتطبيق أهداف التنمية في الألفية الثالثة، كما نص عليها البيان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الشأن.
وأكد وزير المالية والاقتصاد الوطني مجددا أن لجنة التنمية مؤهلة تماما للقيام بدور محوري في هذا الصدد بالنظر إلى طبيعتها الدولية وخبرتها الواسعة في مجال العمل التنموي، معربا عن أمله في أن تحقق عملية الرصد الأهداف المرجوة وان تتم بأسلوب عملي بعيد عن التعقيد، بالإضافة إلى أهمية توفير الموارد اللازمة لمساعدة الدول النامية ومدها بالقدرات المؤسسية اللازمة، مشيرا إلى ضرورة تهيئة الظروف المواتية لمشاركة الدول بفعالية في هذه العملية، وان تتم في إطار من الإفصاح والشفافية.
وأشاد الوزير بالتصور المقترح للأولويات التي يتعين على الدول النامية الأخذ بها في المرحلة المقبلة، والتي تنطلق من إيجاد البيئة الملائمة للنمو والاستثمار في العنصر البشري، كما دعا إلى أن تركز عمليتي الرصد والتقييم على مدى التقدم الذي تم إحرازه في مجال دعم القطاع الخاص وتطوير نظم الإدارة ومستويات الأداء في القطاع الحكومي مع إعطاء أهمية خاصة للدول متوسطة الدخل للتقليل من احتمالات تعرضها لأزمات مالية.
أما فيما يتعلق بالدول المتقدمة فتتركز مجالات التقييم في عمليات الدعم الفني ومدى إمكان الوصول إلى أسواق هذه الدول، بينما تستمر الأولويات الخاصة بالموسسات المالية الدولية كما هو مقرر لها مع أهمية التركيز على طبيعة أداء هذه المؤسسات للدور المنوط بها في نقل الموارد المالية، وخصوصا في هذه المرحلة التي تشهد تراجعا في معدلات تدفق رؤوس الأموال ومستويات الدعم الفني، الأمر الذي من شأنه زيادة حجم الفجوة التمويلية التي تحول دون تحقيق الأهداف التنمية للألفية الجديدة.
وقال الوزير إن تجاوز هذه الفجوة يتطلب جهودا كبيرة من كل من دول العالم المتقدم وجهات التمويل المختلفة، كما يعتمد بشكل أساسي على زيادة معدلات النمو وتطوير نظم الإدارة، وأوضح أن تحقيق أهداف الألفية في قطاعات التعليم والرعاية الصحية وتوفير مياه الشرب النقية ومكافحة مرض الإيدز يتطلب دعما فنيا رسميا تتراوح قيمته بين 20 و39 مليار دولار سنويا، مشيرا إلى الدول النامية قادرة على تحقيق الاستقلال الأمثل لهذه الموارد بفضل ما استحدثته من سياسات وآليات مؤسسية جديدة، ويظل الأمر متوقفا على مدى استعداد الدول والمؤسسات المانحة لتوفير هذا التمويل.
ونوه عبدالله حسن سيف بضرورة مشاركة الدول النامية والاقتصادات الانتقالية بشكل أعمق في عملية صنع القرار في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إذ ستؤدي هذه المشاركة الإيجابية إلى تعزيز هاتين المؤسستين على الساحة الدولية والمهمة المنوطة بهما في دعم عملية التنمية في هذه الدول. ويأتي ذلك في إطار أوسع يشمل توسيع دائرة مشاركة الدول النامية في عملية صنع القرار على المستوى الدولي عموما.
كما أشاد الوزير بالتقدم الذي تم تحقيقه في مجال تنفيذ المبادرة الخاصة بتخفيف عبء المديونية عن كاهل الدول الفقيرة، مؤكدا أن هذا التقدم سيتيح لهذه الدول إمكان توجيه المزيد من الموارد لمكافحة الفقر، وهو الهدف الرئيسي لهذه المبادرة، لكنه أكد في الوقت نفسه أن تحقيق النجاح الكامل في هذا المجال يتوقف على امتداد مظلة هذه المبادرة إلى كل الدول التي ترزح تحت وطأة الفقر المدقع
العدد 222 - الثلثاء 15 أبريل 2003م الموافق 12 صفر 1424هـ