العدد 221 - الإثنين 14 أبريل 2003م الموافق 11 صفر 1424هـ

بأيّ وجهٍ ستدخلون العراق؟

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

الآن وقد تم العدوان على العراق بجحافل العسكر المدججة بكل أنواع أسلحة الدمار الشامل، وجنود القوات الغازية تقدمت بسرعة نحو «فتح» العاصمة (بغداد)، وأحرقت الأخضر واليابس وقتلت وذبحت كل من وقف في طريقها، غير عائبة بأحد، والقادم من خراب ودمار... أكثر وأكثر.

من حقنا أن نسأل «المعارضة العراقية» وتحديدا فصائل الاستدعاء الستة التي بدأت رحلتها «الملطخة» بدماء العراقيين إلى بغداد انطلاقا من واشنطن الأسئلة المشروعة الآتية:

1- ما هو حجم مسئوليتكم في الخراب والدمار الذي حصل في العراق، وفي الدماء التي سالت من غير ذنب وأنتم تعرفون صدام حسين وزمرته جيدا، ولطالما صرّحتم وقلتم انه مستعد لحرق العراق بأكمله إذا ما هدد بالرحيل النهائي تحت وطأة السلاح؟

2- ما هو موقفكم المعلن والخفي تجاه زملاء قياديين من بين صفوفكم أعلنوا ومن دون مواربة بأن ما سمعوه من أصوات القنابل والصواريخ وهي تنهال على العراق «أعذب من أجمل موسيقى سمعتها آذانهم» أو الذين قالوا: «إن اليهود سيكونون درة التاج العراقي»! أو الذين باعوا النفط العراقي سلفا وقبل دخولهم العراق ـ وكأنه نفط آبائهم ـ من خلال عقود طويلة الأمد وطالبوا الأميركيين علنا «بعدم مغادرة العراق بعد سقوط نظام صدام حسين»، وما هي المناصب التي تخططون لوضعهم فيها تكريما لجهودهم الوطنية! والقومية! المتميزة؟

3- ما هو حجم مسئوليتكم عن أخطار الحروب الأهلية ـ الأهلية والفتن العرقية والطائفية التي أطلت برؤوسها في العراق بعد كل الذي حصل من انتهاك لكل أشكال الحرمات في هذا السياق؟

4- ما هو حجم مسئوليتكم في الترويج لمقولة مناشدة الأجنبي لتغيير السلطة في أقطار العالمين العربي والإسلامي وتسويق ذلك باعتباره أمرا طبيعيا بعد أن كان سابقة وبدعة يعاقب عليها في العمل السياسي ويتهم رجالها بالخيانة العظمى؟

5- ما هو حجم مسئوليتكم في إخراج العراق من محيطه العربي والإسلامي وتحويله لقمة سائغة بيد أرباب «المجتمع الدولي» ووضع سيادته ووحدة أراضيه في عهدة الدول الخمس الكبرى في أحسن الأحوال ان لم يكن في عهدة طاغية العصر الكبرى الولايات المتحدة الأميركية.

أسئلة أعرف جيدا أن لديكم أجوبة «عراقوية» عليها، أي أن تقولوا جميعا وبصوت واحد ان المسئول عن كل ما جرى وسيجري هو صدام حسين وزمرته الدكتاتورية المستبدة... إلخ، لكن ما هو قادم وهو الاخطر سيجعل البعض منكم على ما اعتقد وأعلم ولشدة بشاعته ونوع الذل الذي سيحمله معه أن يكرر بيت الشعر العربي المعروف:

دعـــــــــــوتُ علـــــــــــى عمـــــــــــروٍ فلمـــــــــــــا فقــــــــــــدتــــــــــه

بُـليــــــــــتُ بـــــــــأقــــــــوامٍ بكـــــــيـــــــــت علــــــــــى عـــــمــــــــرو

لكن هذا لن ينطبق على الجميع، لذلك يبرز هنا سؤالان أساسيان آخران، واحد موجه إلى الأخوة الكرد، وآخر إلى الأخوة في الحركة الإسلامية الشيعية، فأما إلى قادة الفصائل الكردية فهو الآتي:

- هل فكرتم مليا في معنى القرار الذي أعلنتموه بأن قواتكم ـ البشمركة ـ هي منذ اللحظة التي دخل فيها العدوان على العراق «تحت امرة الجنرال تومي فرانكس؟؟؟»، وماذا يترتب على مثل هذا القرار من نتائج وتداعيات على مستقبل الكرد في العراق وتركيا وإيران وسورية في العالم. والأهم من كل ذلك ماذا سيحمل من نتائج كارثية على مستقبل الشعب الكردي، وهو الذي سبق له أن «لدغ من هذا الحجر بالذات أكثر من مرة؟!».

وأما السؤال الأكبر والأخطر الذي ينبغي توجيهه إلى بعض الجهات في الحركة الإسلامية الشيعية من أرباب المعارضة العراقية فهو: ماذا يعني تحويل من تبقى وما تبقى من وجاهة ومكانة ومعنىَ ورمزية دينية إلى خدم لدى حفنة من الليبراليين وأشباه المثقفين من العسكر أو المدنيين المتواطئين مع الأجنبي من منظري الانقلابات واللحاق بالعولمة المتأمركة وتحويل هذه المكانة الدينية إلى «عباءة» تضفي الشرعية الدينية أو الجماهيرية أو كليهما على أعمالهم فقط، وفقط بحجة انه «لا حول ولا قوة لنا في منع ما هو آتٍ غصبا عنا ومن غير إرادتنا»، أو انه لا أحد استشارنا فيه!! وما شابه من مبررات باطلة عرفا وعقلا ناهيك شرعا؟!.

فما دمتم تعرفون من البداية كما يعرف الكثيرون بأن صدام ذاهب بكم أو من دونكم، وانكم لا تستطيعون وقف هذه الحرب الملعونة، فلماذا لم تطردوا أمثال من أشرنا إليهم من بين صفوفكم؟! ولماذا لم تقفوا وقفة عز وصدق أو حتى وقفة مصلحة سياسية وعقلية مثل الألماني شرودر أو الفرنسي شيراك أو الروسي بوتين، الذين رفضوا إضفاء الشرعية أو الأخلاقية على هذه الحرب؟ والكلام كثير وكثير في هذا المجال. ولا أريد الحديث عن الذات هنا كثيرا وسوابق التحذير التي نقلناها إلى من يهمه الأمر في هذا السياق، ولم تجد آذانا صاغية مطلقا. ولكن لمن لا يعرفني، ولسد الذرائع والحجج الواهية فإنني مضطر لأقول إنني باعتباري مسلما إيرانيا أحمل المواطنة الإيرانية ـ سواء أنكر ذلك عليَّ «الإيرانيون» الفاشيون من أشباه المثقفين البائسين والبائسين المقيمين في الخارج، والذين ينتظرون دعم الأجنبي ومساندته للعودة إلى الوطن، أو استنكره عليّ ممن حسبوني في عداد العراقيين لأنني عشت أيام شبابي وتربيت وكبرت في رُبى العراق وولدت هناك، أقول إنني مضطر للإعلان بأنني وأنا أدافع عن العراق المضطهد والمظلوم والمعتدى عليه، في الوقت الذي لدي فيه ثأر لدم أخي الذي اغتالته يد الغدر التابعة لزمر صدام حسين الاستخباراتية في بيروت، ودم أختي التي قصفتها صواريخ صدام التي انهالت على مدينة قم المقدسة في إيران، ودم خالي وابنه وأولاد ابنه الثلاثة الذين خطفوا وتم تصفيتهم أثناء انتفاضة 1991م الشعبانية.

لكنني لا أقبل ولا للحظة واحدة أن أرى صدام حسين أو أي حاكم عربي أو مسلم يخلع على يد الأجنبي الكافر، وأقول كما قال المرحوم العلامة الكبير فضل الله نوري عندما عرضت عليه أعلام كثيرة لحمايته من الحاكم المستبد الذي كان يقاتله في بداية القرن العشرين في إيران: «ردوا العلم من حيث جاء، فقد عشت سبعين عاما تحت راية الإسلام، ولا أريد أن أمضي بقية حياتي تحت راية الكفر».

وأقول لبعض أرباب الحركة الإسلامية الشيعية المعارضة في العراق: إنكم مسئولون اليوم عما يحصل للعراق الجريح والمستباح، منذ اليوم الذي قبلتم فيه سواء بالواسطة أو مباشرة الاستظلال بعلم أجنبي، ولا أدري كيف تريدون أن تدخلوا العراق بعد كل الذي حصل، وكيف تواجهون بقايا العوائل التي ذيست كرامتهم وبقرت بطون أمهاتهم بخراب المستعمرين الجدد، هذا ان سمحوا لكم أصلا أن تدخلوا العراق فاتحين!

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 221 - الإثنين 14 أبريل 2003م الموافق 11 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً