في فاصل لا يتجاوز الثلاثين ثانية... تعمد محطة ICCI نقلا عن محطة ABC التلفزيونية الأميركية، إلى بث عدد من اللقطات هي على حال من المفارقة والتناقض:
- العلم العراقي وقد تم إنزاله من على سارية ميناء أم قصر... يقابلها رفع العلم الأميركي.
- إسقاط تمثال لصدام حسين في العاصمة العراقية في بغداد، فيما اللقطة التالية تركز على تمثال الحرية في نيويورك.
- الأسواق الشعبية في العالم الإسلامي... وتحديدا المناطق الكردية في شمال العراق، مع صور هي «لزوم ما يلزم»... تركز على برك ومستنقعات وأسراب من الذباب... إضافة إلى أطفال صفر الوجوه من سوء التغذية... تقابلها صورة لساندويتش الهامبورغر يقدم بأيد غاية في النعومة والطراوة.
- امرأة ريفية تطحنها الحياة والوجود في هذا الجزء من العالم (العربي والإسلامي)... في المقابل، تبرز صورة نجمة الإغراء الأميركية مارلين مونرو.
- خطباء بلحى غليظة ووجوه متجهمة، يصدر عن صراخها رذاذ لعاب يغطي شاشة التلفاز... يقابلها نجم الروك الأميركي ألفيس بريسلي.
- مندوب العراق الأسبق لدى الأمم المتحدة... وهو يعلن «انتهاء اللعبة» مع تمنياته للعراق بسلام دائم... في المقابل جنود أميركيون يمرون بعرباتهم أمام حشد من اللصوص الذين يقتحمون عددا من الأبنية الحكومية... والأبنية التابعة للأمم المتحدة، دونما أدنى اكتراث من قبل الجنود الذين (جاءوا لحفظ الأمن وإعادة الاستقرار إلى العراق)!
- صور لمساجد ومقامات عراقية، قبل أن يطول بعضها القصف والعصف... في المقابل... صور لكازينوهات وأندية القمار في لاس فيغاس!.
- المقاومون على جبهات القتال بكل يأسهم وجوعهم وانهيارهم... في المقابل... مشهد لرعاة البقر وهم في أتم صحتهم وعافيتم وثقتهم!
- مجموعة أطفال يلعبون كرة القدم في ساحة موحلة محاصرة بالبرك الراكدة... لا تستطيع أن تميز بين وجوههم وبين تلك البرك... في المقابل، تعرض القناة جانبا من مباراة لكرة القدم الأميركية، بكل حيويتها وعنفوانها والخضرة التي تحيط بها!.
- لقطة لمجموعة من الطلبة في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا... وكذلك لقطة لعدد من الطلبة في جامعة هارفارد... في المقابل مجموعة من طلبة العلوم الدينية في باكستان وتركيا!
- لقطة لمبنى الإمباير ستيت... تقابلها لقطة لجامع الأزهر الشريف!
- صورة لصاروخ توماهوك وهو ينطلق من إحدى الحاملات الأميركية في الخليج، تقابلها صورة لـ «بعير» أعجف في إحدى صحاري شبه الجزيرة العربية!.
- صورة لموقع انطلاق مكوك فضائي... تقابلها صورة لأحد الاستشهاديين وقد تحزم بشريط من البارود ومادة الـ TNT!
- لقطة للرئيس الأميركي جورج بوش وهو يعد شعوب العالم عموما وشعب العراق خصوصا بمرحلة لم تعرفها المنطقة من الحرية والانفتاح والرخاء الاقتصادي... تقابلها لقطة لأحد الزعماء الإسلاميين الباكستانيين وهو يعد الولايات المتحدة بشر مستطير ونهاية ستدفع بكل انجازاتها إلى محارق لا آخر لها! ألم أقل ذات مقال...: إن الكاميرا وهي مُكمَّلة بالرتوش والمونتاج قادرة على ممارسة دور خطير في تحريف الوعي والتاريخ والحقائق؟ وهو ما تقوم به رائدة الكاميرا بامتياز في عالم يفتقر إلى الصورة الحقيقية لما يجري على هذا الكوكب الموبوء بالسطوة والرعب؟ نحن إزاء فقه ليس جديدا على الإطلاق... فقه الصورة وهي تحدد الشكل والمضمون المراد لهما أن يتسيدا وضمن توظيف لا يمكن أن يخفي الأهداف الكامنة وراءه
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 221 - الإثنين 14 أبريل 2003م الموافق 11 صفر 1424هـ