العدد 221 - الإثنين 14 أبريل 2003م الموافق 11 صفر 1424هـ

وفاء بن لادن... استكمال الحضور الحضرمي

ما لا تسمح به السياسة يجيزه الفن

كيمبردج - أحمد العبيدلي 

تحديث: 12 مايو 2017

نشرت قبل أيام صحيفة «الصن» البريطانية مقالا عن وفاء بن لادن وهي ابنة يسلم بن لادن الأخ غير الشقيق لأسامة بن لادن، والسبب في ذلك هو أن وفاء التي باتت تعاني من تسميتها العائلية توجد في بريطانيا من أجل المضي في إنتاج ألبوم لها بعد أن قررت أن تسلك طريق الفن والغناء كمستقبل مهني لها. وأفردت الصحيفة حيزا واسعا للحديث عن الفتاة التي حصلت على الجنسية الأميركية بحق الولادة أثناء دراسة والدها هناك. وإذ تختار وفاء ذلك العمل فكأنها تستكمل عنصرا غاب حين الحديث عن الأصول الحضرمية لتلك الأسرة التي لربما أوقعتها المقادير لتصبح من أشهر الأسماء مع انعطافة القرن.

حضرموت هي منجم العالم العربي ومخزن ذهبه في مجال الموسيقى والغناء، ومنها نبع العديد من الشعراء والمغنون والذين أثروا ولا يزالون في مجال الغناء في منطقة الخليج، يذكر المرء على سبيل المثال وليس الحصر: محمد جمعة خان وحداد بن حسن وأبو بكر سالم والشاعر الملحن حسين المحضار. ويعود إلى هؤلاء وغيرهم من حضرموت الكثير مما سمعناه ونسمعه من محمد بن فارس وضاحي بن وليد ومحمد زويد والكثير من مغنينا المعاصرين.

جمعت حضرموت في تراثها بين أمور شتى: باع في الدين وطلب العلم وباع طويل، طويل في التجارة ثم أضافت إلى ذلك شيئا عظيما في الفن والموسيقى وأضافت لتلك الأرضية الثقافية إتقان حس النكتة والفكاهة مذكرة في ذلك أحيانا بالحس المصري والإنجليزي في السخرية وتذوق النكتة.

وهكذا وعلى مدى السنين الماضية أظهرت عائلة بن لادن، والتي عرف عنها حبها للمخاطرة والجرأة حين ترعرع أفرادها وسط السعودية، أظهرت العائلة الكثير من العادات التي تشير إلى تقاليد كانت منتشرة في البيئة المنشأ: حضرموت. غاب عن تلك المظاهر، مظهر الإعتناء بالغناء، فكأنما أرادت المقادير لوفاء بن لادن أن تجعل من قدراتها القنطرة التي تبرز من خلالها دلالات المنشأ الثري بالفن والغناء.

طبعا ليس من المتوقع أن يكون لما ستقدمه وفاء بن لادن علاقة بالدان الحضرمي أو بأداء محمد جمعة خان بشعره العربي وألحانه الهندية. فهي مهتمة أساسا بغناء البوب. ولكن لربما أتاح أداؤها للحضارم أن يشيروا إلى أصول تلك العائلة، وأن يقولوا إن كل ما أتت به من تميز يجد جذورا له ثابتة في مدن ومزارع وصحاري تلك البقعة المتفردة من الجزيرة العربية. وحتى الآن أبقى الحضارم العلاقة في شيء من العلانية المحدودة تيمنا بحذر حضرمي شهير في مواجهة حوادث الحياة ومتغيرات الأزمنة. ولقد مكنتهم تلك الصفات من تجاوز الكثير من محطات مريرة في تاريخ طويل يمتد لألفي عام.

ولكن ما لا تسمح به السياسة يجيزه الفن، وما تحضره لياقات المال والتجارة وعالم الاستثمارات يجد متسعا في السماع والطرب والأداء الغنائي، والأيام حبلى، ورحم الله شاعرنا الفقيد الملحن حسين المحضار حين قال:

«زمانك يعلمك بالناس

وبالناس تعرف زمانك





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً