العدد 218 - الجمعة 11 أبريل 2003م الموافق 08 صفر 1424هـ

الإعلام بين التجارة والسياسة في البحرين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في الندوة التي نظمتها جمعية سيدات الأعمال الاسبوع الماضي دار حوار مهم حول علاقة التاجر بالصحافة ودور السياسة والتجارة في تشويش العلاقة بين سوق الاعلانات وسوق الصحافة.

لا شك أن الصحافة لا تستطيع الاستمرار دون وجود سوق اعلانات مربحة، وهذه السوق ترتبط بعوامل عدة. فحجم التوزيع بالنسبة إلى هذه الصحيفة أو تلك وعلاقة الصحيفة بمواقع القرار السياسي وبالمؤسسات التجارية ووكالات الإعلان تحدد مدى التأثير المتبادل ومدى فاعلية الجدلية بين استقلال الصحافة عن السياسة والتجارة من جانب، واستجابتها لمتطلبات الاستمرار في المهنة بصورة مربحة.

البحرين سوقها أصغر من الأسواق الخليجية المجاورة ولكن ما لديها يسع حجم الحركة الاقتصادية فيها، الا ان التشويش في العلاقات بين الصحافة والسياسة والتجارة يرجع في جوانب كثيرة منه إلى عدم التأكيد على ضرورة الالتزام بالمهنة بصورة حرفية.

فمن جانب هناك مؤسسات تجارية تتخذ قرارات سياسية وليست اقتصادية عندما تنشر اعلاناتها. وهذا كان واضحا لنا في «الوسط» عندما قال أحد الأشخاص المسئولين عن نشر اعلانات احدى المؤسسات لأحد مندوبينا (بما معناه) «حتى لو أصبحتم أكثر الصحف توزيعا في العالم العربي وليس في البحرين فقط فلن ننشر عندكم اعلاناتنا». أما عن السبب خلف ذلك القرار فهو خليط من أمور شخصية وتسربات جاهلية.

اشكالية أخرى تواجهنا ونحن نصر على استقلالية تغطياتنا الخبرية وهي «التهديد المبطن» من هذا المصرف أو تلك المؤسسة (سواء كانت تجارية أو حكومية) بأنهم سيوجهون اعلاناتهم الى صحف أخرى. وهذا يوضح أن بعض هؤلاء يعتقد بأن الصحافة ما هي إلا وسيلة دعائية لمؤسسته أو شخصه وان عليها أن تنشر الأخبار التي يوافق عليها مسبقا واخفاء الأخبار الأخرى التي قد توضح صورة لا يريد لأحد التعرف عليها.

اشكالية أخرى وهي دور بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية التي يكون المسئول فيها عن الاعلانات وعن المصاريف الترويجية يرتبط بهذه المؤسسة الاعلانية او الصحافية، وتحدث هنا ازدواجية في المصالح، ويتم تغليب المصالح الشخصية من خلال «تجيير» المال العام لدعم هذه الصحيفة أو تلك المؤسسة الاعلانية. وبما أننا في البحرين لا توجد لدينا رقابة على المسئول الذي يسيطر على جزء من امكانات الدولة ولديه مصالح خاصة تتعارض مع امساكه بهذا المنصب، فإن الصحافة قد تكون احدى ضحايا هذا الخلط بين الخاص والعام.

وما جرى لـ «الوسط» خلال الأشهر الماضية يوضح أن حتى القانون يتم توجيهه بصورة انتقائية وانتقامية لاستهداف هذه الصحيفة بالذات لأنها وقفت ضد قانون الصحافة والنشر المخالف للميثاق وللدستور ولجميع مواثيق الأمم المتحدة ومعاهدات حقوق الإنسان. فلقد تم تسليط القانون غير العادل على «الوسط» دون غيرها أكثر من مرة امعانا في معاقبة حرية الكلمة ولتوجيه رسالة لمن يهمه الأمر بأن استقلالية الرأي أمر مكلف وتتم معاقبته بوسائل تجارية ووسائل سياسية ووسائل قانونية (غير عادلة).

صدرت «الوسط» في 7 سبتمبر/ أيلول الماضي تلبية لمجريات الحركة الاصلاحية التي دشنها جلالة الملك، ووقفت «الوسط» مع الاصلاح ودعمت خط الاعتدال والوسطية، وكان نصيبها من بعض المتنفذين هو الانتقام بشتى الوسائل المتوافرة لديهم.

غير أننا لم نكن نتوقع عدم وجود مثل هذه الصعوبات. إذ أن لدينا تركات من الماضي البائس وهذه التركات ستحاول منع الاصلاح وستحاول منع حرية الكلمة وستحاول منع المشاركة الشعبية الحقيقية في القرار السياسي. وبالتالي فإن من الطبيعي أن يتم استهدافنا بكل الوسائل المتوافرة لدى هذا البعض المتضرر من الاصلاح السياسي والاصلاح الاقتصادي.

اننا نعتقد أن السياسة الانتقائية والانتقامية الموجهة ضد «الوسط» انما هي موجهة ضد حركة الاصلاح كلها، وفيما لو نجح هذا البعض فيما يحاول تحقيقه فإن الدور سيكون على كل صحافي وكل وكالة صحافة وكل مراسل صحافي وكل شخص يحاول التعبير عن رأيه. ونحمد الله ان المشكلات التي واجهتنا انما زادتنا عزما وصلابة في طريق رضا الله وخدمة الناس بأمانة وصدق، والله وجميع المخلصين يقفون ويساندون الاتجاه الذي يخلص للمهنة ولا يأبه بالعراقيل والمعوقات

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 218 - الجمعة 11 أبريل 2003م الموافق 08 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً