العدد 214 - الإثنين 07 أبريل 2003م الموافق 04 صفر 1424هـ

فخرو: الهدف من الحرب تقسيم العراق وإضعافه

ناعيا الوضع العربي وداعيا إلى قيام جبهتين

بدا الوزير السابق والناشط السياسي الحالي علي فخرو ناقما على الوضع الرسمي والأهلي في العالم العربي في محاضرته التي ألقاها ليل أمس الأول في مجلس شويطر بالمحرق (مدينة النضال والعروبة) ـ كما أسماها فخرو ـ الذي استعرض سيناريو ما بعد حرب الخليج الثالثة التي رفض أن يسميها بالحرب وأسماها بـ «العدوان والقرصنة»، وقال فخرو: «إن ما ينتظر المنطقة هو التقسيم ولا شيء غيره، وإن الأنظمة العربية الحالية ليست مؤهلة لإيقاف المشروع الأميركي الصهيوني. كما أسماه ـ ولا النظام الإقليمي أو المجالس العربية في الخليج أو المغرب العربي.

ووصف القوى السياسية العربية بأنها قوى بليدة بل شديدة البلادة ليست هي الأخرى مؤهلة لمقاومة المشروع الأميركي». واقترح فخرو قيام جبهة عربية موحدة تسمى بـ «حاسم» أي أنها ستحسم الأمر مع المشروع الصهيوأميركي. وأكد فخرو أن الأنظمة اتجهت إلى البحث عن شرعيتها في الخارج لأنها تفتقد الشرعية، وحتى النظام الدولي هو ضعيف أيضا ـ بحسب فخرو ـ الذي أكد أن الشعوب العربية تنتظر القيادة المؤهلة التي تثق الناس بالموت تحت إمرتها، وأن عدم مقاومة المشروع الأميركي الآن يعني الانتظار عشرات السنين قبل أن يحدث أي شيء.

بدأ فخرو محاضرته بالقول: «سأمرّ سريعا على السيناريو، وأعتقد أن المهم هو ما يجب أن نفعله تجاه هذا السيناريو فنحن دائما نتحدث عن التحليل، وإذا وصلنا إلى ما يجب أن نفعله تسكت شهرزاد عن الكلام المباح!». وتابع: «أنا ضد استخدام كلمة الحرب الثالثة بل هي عدوان وقرصنة تقوم بها أميركا وبريطانيا.

هذا الغزو هو مشروع أميركي ـ صهيوني وحتما إذا سيطروا على العراق فسيجعلونه عراقا ضعيفا مقسما إلى أكراد وشيعة وسنة، وحتى لو تم إيجاد ما يسمى بالنظام الفيدرالي فلن يعدو نظاما فضفاضا جدا يشبه الحكومة المركزية في سويسرا. وهو بداية لتقسيم سورية التي تحكمها الأقلية وإخراجها من لبنان بعد ذلك لإضعاف حزب الله وتحريك الموارنة هناك، وأما الخليج فقد قالوها إنهم لن يتركوا السعودية ففيها صرا عات طائفية ومناطقية وحتما بعد أن تتم تقوية الأكراد سينقلبون على تركيا ليكون عنقها في يدهم، وفي المغرب العربي سيثيرون مسألة الأقليات وسيحاولون تقسيم السودان وفصل الجنوب عنه ليقبضوا على رقبة مصر بذلك. نحن لا نتعلم، فقد كان الاستعمار دائما يطمئن بأنه لن يمس بعض الأمور ثم ينقلب بعد ذلك إلى عكس ما يقول، نحن هنا نتكلم عن مشروعين، أولهما تفتيت العالم العربي، وثانيهما إضعاف العالم الإسلامي ولن يسلم أحد من هذا المشروع الذي يبقى لعشرات السنين. وهنا نسأل: ماذا يجب أن نفعل؟».

الضعف رسمي وأهلي...

فخرو: «طبعا يجب علينا مواجهة هذا المشروع، ولكن قبل أي شيء يجب علينا معرفة القوى التي ستواجهه. فهناك ضعف قُطري وهناك خذلان وعجز عربي، فلم يتخيل أحد أن تنطلق طائرات القراصنة من أرض عربية لتضرب أرضا عربية أخرى؛ فالخزي والعار لهذه الأرض وهذه القوى التي سمحت بضرب العراق من أراضينا فلم يكن لأميركا غزو العراق، فالحرب حرب برية وليست حرب طائرات فقط، وللأسف نحن المحيطين بالعراق ساعدنا في تمرير المشروع الأميركي.

مشكلة أنظمتنا العربية في شرعيتها فهي لم تنتخب ولم يتم تعيينها بالتراضي بل أتت بالانقلاب والغلبة وبسبب ضعفها في التنمية وفي كل شيء. وجدت حكوماتنا أن الأرض تهتز من تحتها فلهذا لجأت إلى الخارج لتبحث عن سند لشرعيتها، وهذا هو تفسير الاتفاقات الأمنية والسياسية والعسكرية مع أميركا. وبالتالي هل نستطيع الاعتماد على هذه الأنظمة في مواجهة المشروع الأميركي؟ بالتأكيد لا نستطيع ذلك، أما التنظيمات الإقليمية مثل مجلس التعاون والاتحاد المغاربي أو الثلاثي السوري المصري السعودي فقد أثبتت التجارب أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء، والأمر كذلك إذا جئنا إلى النظام القومي المتمثل في الجامعة العربي نجد أمينها العام يتحدث عنها بأنها في طريقها إلى الانهيار فهذه الجامعة تطالب العراق بالانصياع للقرارات الدولية ولا تطالب أميركا بذلك. الجامعة العربية لا توجد فيها قيادة فصرنا نرى الدول القزمة تتحدث عن الأمين العام للجامعة وكأنه سكرتير لديها.

ونأتي الآن لنسأل: هل التنظيمات السياسية الموجودة لدينا قادرة على فعل شيء؟الجواب: لا، لأن هذه القوى بليدة بل شديدة البلادة فلا مذابح فلسطين جمعتهم والعراق اليوم لم يجمعهم أيضا فهانحن نرى مظاهرة تخرج في المنامة وفي يوم آخر مظاهرة في القاهرة من دون تنسيق بينهما بينما العالم حولنا ينظم مسيراته في معظم دول العالم في يوم واحد، لقد عجزنا ونحن نتكلم مع هذه التيارات ونقول لهم كونوا من دون حزازات، هؤلاء أصحاب دكاكين... قلنا لهم: الفيتناميون شكّلوا جبهة من المتدينين وغيرهم، لكن نحن عندنا نقاشات ونزالات، وكأننا نتعرض لحريق وبدلا من أن نطفئه نتكلم عن أسبابه وكيف سنطفئه؟، فالبلادة شديدة في هذه التيارات وكذلك النظام الدولي ضعيف والدول الأوروبية تريد النفط وهو ليس في أيدينا الآن لأنه صار في يد أميركا. إذا نحن أمام مشروع واضح المعالم وأمام مواجهة ضعيفة جدا فأين الأمل إذا؟ ليس لدينا أمل بعد الله سبحانه إلا في الناس فقد قلت لمحمد حسنين هيكل ذات يوم إن الشعب العربي مستعد أن يموت بالملايين ولكن إذا توافرت القيادة مثلما حصل في الجزائر وفلسطين وفي حزب الله لبنان. لكن الناس إذا لم ترَ مشروعا وقيادة فلا تلُمْهم إذا ما جلسوا في بيوتهم فهم لا يدرون لماذا سيموتون؟، إن أملنا في الشعب العربي الذي يسانده المد الإسلامي، لكن بأية طريقة يستطيع هؤلاء أن يموتوا؟».

أين قيادة «حاسم» ؟

فخرو: «أعتقد بضرورة قيام عدة جبهات فلا أمل في العمل على المستوى القُطري فلقد حاولنا والنتيجة كانت صفرا، أولا هناك حاجة إلى قيام جبهة لإفشال المشروع الأميركي الصهيوني، ونستطيع تسميتها بـ «حاسم» أي سنحسم الأمر والهدف هو إفشال هذا المشروع الأميركي.

نحن بعض الأحيان نتكلم عن المقاطعة السياسية والاقتصادية، وهذه المقاطعة لا تعني مقاطعة الهامبورجر فأميركا تريد المال العربي أن ينفذ في شراء السلاح وفي الفساد حتى ترجع بلادنا صحارى لا مياه فيها. فبالتالي عندما نتكلم عن مقاطعة اقتصادية فنحن نتكلم عن عدم شراء السلاح الأميركي عن طريق هذه الجبهة، ومنع ذلك بكل الوسائل؛ فأميركا تريد قيمة النفط الذي تدفع ثمنه من خلال السلاح الذي نشتريه من عندها، وأيضا هل نستطيع إفشال المشروع العسكري الأميركي؟ نعم نستطيع إذا قامت جبهة واسعة الأطراف منسّقة الجهود تقوم بالتعرية الأخلاقية للمشروع الأميركي؛ فالعالم الآن يكره أميركا وسينتهي هذا الكره إن لم نستغل الفرصة» وأضاف «وأيضا آن الأوان لقيام جبهة تسمى بجبهة الديمقراطية فما عاد من المقبول أن تستمر الأنظمة الاستبدادية التي بواسطتها تحكم الأقلية وحولوا الناس إلى عبيد. فالناس لهم الحق في تقرير مصيرهم أو من يحكمهم والمبدأ الذي يريدون العيش تحته ويجب ألا نسقط أبدا فباسم فلسطين تنازلنا عن الديمقراطية وخسرناها.

وقال: «العراق نفسه لو كان ديمقراطيا لما حصلت الأخطاء ولما قبل بغزو الكويت (...) وحتى عندنا في البحرين فلقد كنت أتصور أن النواب سيتصدّرون المظاهرات(...)نحن بحاجة إلى قيام جامعة للشعوب العربية تحل مكان النظام الرسمي العربي بعد موته».

وركز على «قيام جبهة لإفشال المشروع الأميركي، وإلا علينا الانتظار عشرات السنين قبل أن يحدث أي شيء»

العدد 214 - الإثنين 07 أبريل 2003م الموافق 04 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً