العدد 2239 - الأربعاء 22 أكتوبر 2008م الموافق 21 شوال 1429هـ

وماذا بعد... خروج المرأة للعمل؟

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عايلات موظفات، من جميع فئات المجتمع وفي معظم الحقول... باتت المرأة تحتل أماكن كثيرة وأصبحت جزءا لا غنى عنه في المجتمعات محليا وعالميا!

فرغت البيوت منهن... لساعات طوال من اليوم، هل نتأمل؟!

من الذي يهتم بشئون المنزل والأطفال؟! قد تكون بعيدة عن أهلها ولا يوجد لديها مساعِدة... وهي بحاجة مادية ماسة للعمل.

وقد تضطر لأن تدفع نصف راتبها لخادمة غريبة محمّلة بعادات مختلفة ومشكلات لا حصر لها من جهل في أمور العمل بالمنزل وسوء التعامل مع الأطفال... أو عنادها وعدم رغبتها في العمل أو هروبها! مما يضيف عبئا آخر على أعبائها! أو قصص هي في غنى عنها! قد يكون الزوج متعاونا ولكنه ذو خبرة محدودة في المساهمة بالأعباء المنزلية، والتعامل مع الأطفال!

وبذلك يرمي على كاهلها معظم المسئولية ويكون رجلا مثل (سي السيد) وهو الآخر بحاجة إلى التدليل والاهتمام بشجونه ومتعته الخاصة، ويعتبر أن ذلك من حقوقه الزوجية وهو لايزال يعيش بعقلية القرون الماضية وقبل خروج المرأة للعمل... وهو يأمل أن يأخذ أكثر بكثير مما يعطيه في المؤسسة الزوجية! وأنه إذا لم يحصل على ما يريده قد ينحرف إلى أخرى طالبا التعويض عن رفاهيته التي كان يعتقد أن الزوج سيوفرها له غافلا عن دوره الحقيقي كزوج وأب نظرا لعدم تهيئه اجتماعيا أو تعليمه ذلك خلال فترات تعليمه وإهمالٍ كاملٍ لتلك المهمة العظيمة كأب وزوج... أو إعتماده على فحولته كرجل شرقي وأن مهمته توفير المادة فقط! أو له تطلعاته وطموحاته خارج المنزل في أعماله! وتبقى هي وحيدة تحتاج إلى المساعدة دون أن تراها، وتعاني مرارة العيش والضنى والشقاء للإهتمام بالبيت والأطفال، وبعد أن كانت وردة متفتحة مليئة بالنشاط والحيوية تنقلب إلى امرأة بائسة وكئيبة وأنه في المجتمعات الغربية عموما وأعرف في فرنسا على وجه التحديد والتي عشت فيها لفترة ورأيت الاهتمام المميز بهذه الناحية، من حيث إعطاء المرأة سنتين للعناية بالطفل بمرتب كامل وحتى عودتها بعد ذلك للعمل يتم إقتطاع ربع الراتب فقط والعمل لعدة ساعات قليلة محددة للرجوع للمنزل والاهتمام بالأطفال إلى حين سنوات المدرسة الأولى.

مع إعطاء كل طفل راتب خاص للاهتمام بشئونه من بامبرز وغذاء ولباس...الخ.

هذا وتوفير شقة مجانية لها بمجرد حملها إذا لم تكن لديها زوج... وتوفير كل الرعاية الطبية المجانية للأم والطفل مع طبيب نفسي تشكي إليه همومها بعد الولادة والصعوبات التي تنال منها عقليا أو جسديا من السهر والرضاعة والحياة الجديدة... الخ.

بالإضافة إلى توفير مساعدة متدربة تزورها في المنزل بانتظام يوميا للمساهمة في أخذ الرضع والقيام بأمور المنزل لإعطائها فترة للاستراحة والاستجمام لاستعادة قواها العقلية والجسدية في هذه الفترة الشديدة الصعوبة، كي لا تصاب بالإرهاق والانهيار العصبي!.

إن هذه الدول باتت مدركة أهمية الاهتمام بهذه المرحلة الحساسة من حياة المرأة وإنه بتوفير هذه الاهتمامات والمساعدة هي تساهم بخلق أجيال متوازنة تعيش مع الأم وتحصل على الحنان الأساسي في السنوات الأولى والرعاية وإقلال الضغوط عليها مما يؤدي بالتالي إلى الإقلال من المشكلات الإجتماعية مثل تعاطي المشروبات والمخدرات أو الإنحراف مستقبلا للجريمة أو السرقة...الخ، وإنهم بذلك قاموا بتشجيع المرأة على الإنجاب والرضاعة الطبيعية حتى في سنوات المراهقة والبلوغ وبذلك قلبوا المعادلة من ندرة الإنجاب إلى التكثيف فيه حاليا، فترى الأطفال في كل مكان بعد أن شح وجودهم في السنوات الماضية وبات احترام المرأة وإنسانيتها على قمة الأولويات.

وحكت لي إحداهن كيف أن طفلتها سقطت بالمشاية في الحضانة من فوق السلم ودون إخبارها، واكتشفتها صديقة لها وهي لا تدري مدى الإصابة العقلية التي قد تصاب بها نتيجة ذلك مستقبلا... وأخرى رأت أن العاملة تقوم بتنظيف وجوه الأطفال وأنوفهم بفوطة واحدة وتقوم بنقل الأمراض بينهم! هذا عدا نسيان الأطفال في الباصات، وأشياء أخرى كثيرة... لعدم تهيئة معظم الحضانات هنا بالإختصاصيات... وعشوائية وجودهم دون ضوابط ومراقبة يومية من قبل الجهات المختصة.

هذا وعدا هذا وذاك لا يوجد في الدنيا حضانة أحسن من حضانة الأم لأطفالها... علنا نوفر لها بعضا مما يوفره الغرب لذلك وأن توضع وزارة خاصة لرعاية شئون المرأة والطفل لما لهذا الأمر من الأهمية القصوى وأن لا نترك نساءنا وبناتنا عرضة لتحمل الجسام من المسئوليات وحيدات مكسورات القلب وهم يرون مكر الدنيا وإنكارها لوجودهن وكيف يضيع شباب الكثيرات محملين بالهموم والأمراض النفسية والجسدية ومن ثم يودعون الحياة، دون التعرف على حلاوتها أو المعنى من وجودهن فيها!.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 2239 - الأربعاء 22 أكتوبر 2008م الموافق 21 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً