إن لم تخنّي ذاكرتي أو لم يخيبني ظني، فقد كتبنا عبر هذه الصفحات منذ عام كامل عن خلل حقيقي في إدارة الفعاليات والأنشطة الثقافية في هذا البلد، ورغم ذكر هذا الخلل في السابق، فنحن اليوم على مشارف انقضاء عام على تلك الملاحظة، إلا أنها تعود وتتكرر مجددا مع بدء دماء الحياة الثقافية في التدفق بعد خمول فترة الصيف التي طال أمدها، ولم نرَ خلالها أية فعالية أو أمرا ثقافيا يذكر.

تقديرنا للوضع الثقافي، أن الحجم الهائل للندوات والمحاضرات والمعارض والأمسيات الموسيقية والشعرية التي يغص بها جدول فعاليات الثقافة البحريني دائما ما تكون موزعة بصورة غير متناسقة، فتغيب طوال فترة الصيف تلك الفعاليات ويعيش الجسد الثقافي حالة ركود لما لا يقل عن ثلاثة أشهر، ثم يتجدد نشاطه فجأة، فتتزاحم الفعاليات كلُّ على رأس الآخر، ويبدو أن مثل هذا الأمر بقدر ما هو مؤشر جيد، إلا أن سوء التنظيم لو حل في مكان لجعله يبدو كسلطة تبولة، لا يعرف من يأكلها أي مذاق هو المسيطر في فمه.

ولأن البحرين مملكة غالية علينا، وصورتها أمام العامة هي أهم ما يمكن أن يسعى بشأنه، فلابد من تجديد وتشديد على ضرورة حصر فعاليات المؤسسات الثقافية ككل، وتوزيعها على مدى العام، وفي تنسيق لكي تشغل هذه الفعاليات طوال أيام الأسبوع، لا أن تتزاحم كلها في استغلال أيام العطلة الأسبوعية، وسائر الأيام من الأحد إلى الخميس هي انحناءة للأسفل في مؤشر تخطيط القلب.

بنظري أن مثل هذا الأمر يجب أن يتم التأكيد عليه، إذ ما أجمل أيام ربيع الثقافة، الذي تعمل كل المؤسسات الثقافية للاستفادة من أيامه القلائل كي يقيموا فعالياتهم، بما لا يتضارب مع الفعاليات الأخرى، وذلك حتى على حساب التخلي عن عطلة نهاية الأسبوع، فمجددا نكرر، لما يضطلع قطاع الثقافة والتراث الوطني بخلق عام من ربيع الثقافة للبحرين، يقدم فيه الرسام والنحات والشاعر والقاص كل ما لديهم ضمن أجندة ثقافية موحدة للجميع؟