إن حرية الأبناء يجب أن تقيّد بضوابط أخلاقية وقيم تربوية إنسانية وتقاليد اجتماعية إسلامية. أي لا تعطي للأبناء الحرية المطلقة من دون مراقبة أو توجيه. كذلك سلطة الآباء لها حدود إذ يجب ألا تمس نفسية الأبناء وكرامتهم أو تجريدهم من حقوقهم وإنسانيتهم، فلا يلجأ الآباء إلى الضرب أو الشتم أو الإهانات باعتبارها وسيلة مثلى. ومن جانب آخر لم يتفق علماء النفس على أن التربية الحديثة هي الطريقة المثلى لهذه الأجيال، إذ يرون أن التربية السلطوية القديمة هي الأفضل.... كل طريقة منهما لها إيجابياتها وسلبياتها، فقد كان الآباء والأمهات يعيشون قديما في أمن وسلام مع الأبناء على رغم حزم الأم وسلطة الأب والقيود التربوية والطاعة المفروضة، فالآباء يأمرون والأبناء يطيعون.
وقد أعلن علماء النفس التربويون أن قسوة الآباء جناية، وقد تُسبب للأبناء الكثير من العقد والأمراض النفسية وتحد من قدراتهم الإنتاجية والإبداعية من أجل حياة أفضل، فتعالت الأصوات بين معارض ومؤيد وكثر الجدل والنقاش في الأسرة الواحدة، وهكذا حتى بدأت السلطة الوالدية تتراجع عن أساليبها القدمية، وفُسح المجال أمام الأبناء لممارسة حريات أكثر.
وفي مقابل ذلك فإن أسلوب التفاهم والحنان وفك الحصار في حدود التربية أمر مطلوب، ولكن ترك الأبناء وشأنهم أمر مرفوض. لقد انقلبت الصورة عند البعض إذ تحولت الأم إلى صديقة تخلت عن واجبها باعتبارها أمّا وتخلت حتى عن قيود الاحترام الواجبة بينها وبين أولادها، وبدلا من أن ترسم لهم طريق الحياة بدأت تسير وفق إرادتهم وكيفما يطلبون... كذلك الأب يعود من عمله وعلى رغم ما يعانيه من جهد طول اليوم فهو يعتذر عن تأخره على ابنه بضع دقائق. أما الابن فإنه يخاصم والده ويحتج ويصرخ عند الاعتراض على طلباته، وهكذا أفرط الأبناء في استخدام حرياتهم حتى أصابوا ذويهم بالعقد والأمراض النفسية وأصبح الأب ينادي بالإنصاف من قسوة الأبناء الذين كبروا وهم يعانون من انفعالات غير محدودة.
كلمة أقولها: احترموا شخصيات أبنائكم ومشاعرهم من دون إلغاء لشخصياتكم وتوجيهاتكم، فالابن بحاجة إلى سلطة حانية وتوجيهات سليمة ليعيش في راحة وطمأنينة نفسية، لا إفراط في السيطرة ولا تركه وشأنه يذهب حيث يشاء ويعود متى يشاء، يرافق هذا ويترك ذاك ومن دون أن يُعرف مكانه أو أصدقاؤه أو ما يحيط به من أخطار، ثم نلقي بالمسئولية على التربية الحديثة. نتخلى عن مسئولياتنا ونلغي دورنا التربوي في الأسرة لنتمتع بحياة هادئة من دون قيود.
على الأب أن يتناقش مع أبنائه في شئونهم المدرسية والاجتماعية والنفسية، ليبعدهم عن العناد والتذمر وبالتالي التمرد عليه باعتباره مصدر سلطة. فمن حق الأب الاعتراض على تصرفات أبنائه الخاطئة بالتفاهم والإقناع وخصوصا إذا كانت مخلة بالآداب والتقاليد.
إن أسس تربية الأبناء تبدأ وهم صغار، إذ تُغرس فيهم المفاهيم والقيم والأخلاق وبالتالي تدفعهم إلى احترامها والعمل بها والخضوع لسلطتها. فمن حق الأبناء علينا تعهدهم بالتربية ورعايتهم بالتعليم والتثقيف الصحي والاجتماعي والنفسي، فالحرية ليست عبثا وفوضى، والسلطة ليست قهرا وقسوة
العدد 208 - الثلثاء 01 أبريل 2003م الموافق 28 محرم 1424هـ
السلام عليكم. مشكورين على طرح هدا الموضوع الحساس المعاصر على ما يبدو لى ..ولكن السؤال الدى يطرح نفسه وباعتبارنا مسلمين والحمد لله ..هل مخالفة قول الاباء فيما ليس فيه معصية يعد عقوقا ومحاسبين عليه امام الله افيدونا جزاكم الله خيرا ....وهل حرية تحديد هدف المستقبل يحدده الاباء ام الابن والابنة ام اننا مجرد روبوتات بيد الاباء يفعلون بنا ما يشاءون ولا اعتبار لنا .......الا عندما نكبر ويضيع شبابنا فى تحقيق رغبات الاباء مع احترامى الشديد لهما مع عدم نسيان فضلهما .....وما هى الحياة ان لم تكن هكدا اصلا؟؟