العدد 208 - الثلثاء 01 أبريل 2003م الموافق 28 محرم 1424هـ

رهينة مقابل «إسرائيل الكبرى»

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

«انها الرغبة في النيل من القدس والقاهرة، فكان هدفنا الوصول إلى الاراضي المقدسة للمسلمين واقتحام المسجد النبوي الشريف واخذ رفاة النبي رهينة لنساوم عليه العرب من اجل استرداد القدس...».

هذا الكلام الذي نورده لقائد الحملة الاستعمارية البرتغالي البوكيرك هنا كما جاء في مذكراته في اواسط القرن السابع عشر الميلادي بعد ان هزمه العمانيون اليعاربة فوق المياه الخليجية الدافئة انما يستحضرني الآن لانه يشبه الى حد كبير اهداف الحملة الاستعمارية الجديدة التي تشنها الادارة اليمينية الاميركية الحالية الواقعة تحت تأثير اللوبي الصهيوني الاسرائيلي الى حد كبير بشكل لم يسبق ان حصل في تاريخ الادارات الاميركية السابقة.

وبعد ان تشن العدوان السافر على العراق، خلافا لكل الاعراف والقوانين الدولية وخروجا سافرا على الاجماع الدولي الذي دوى في كل انحاء العالم وعلى المستويات كافة بضرورة وامكان تحقيق تسوية سياسية وسلمية للأزمة العراقية، بدأت تتبين شيئا فشيئا اهداف هذه الحملة الاستعمارية الظالمة. والايام والاسابيع القليلة المقبلة ستبين لنا ما كنا أشرنا اليه في اكثر من مرة وما لخصناه في بداية المقالة من هدف كلي على رغم اختلاف الظروف والحيثيات والاسماء والاطراف المتحاربة.

فعصابة الخمسة المتطرفة المحيطة بجورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني والتي تقود الحملة الاستعمارية الراهنة ضد المنطقة انطلاقا من العراق انما تستهدف في نظر الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين ما يلي:

اولا: النيل من مقدرات العراق الاستراتيجية وفي مقدمتها النفط ومياه دجلة والفرات.

ثانيا: وضع اليد بصورة كاملة على صناعة القرار في المنطقة انطلاقا من نتائج وتداعيات هذه الحملة الاستعمارية، ما يعني ضرب استقلال دول المنطقة بشكل نهائي لاسيما الدول ذات الثقل الكبير واهمها مصر وايران والسعودية.

ثالثا: وربما هنا يكمن بيت القصيد، تثبيت وتكريس دولة «اسرائيل» شرطيّا ووكيلا تام الاختيار وحصري الاحتكار للمصالح الاستراتيجية العليا لارباب المال واباطرة احتكارات السلاح بصورة نهائية لا تقبل بعدها اية مخاطرة أو مفاوضة أو مناكفة لا سياسية ولا عسكرية!.

انها الرغبة الجامحة اذا لاخذ نفطنا وقرارنا مجتمعين رهينة بيد عصابة الخمسة المحيطة بجورج بوش الابن وديك تشيني ليساومونا عليه بالسيطرة الاسرائيلية الكاملة والنهائية على منطقة الشرق الأوسط بمقدراتها كافة!

يبدو أن ابناء المجتمع المدني الاميركي نفسه فهموا وادركوا الهدف النهائي من وراء هذه الحملة فقرروا عصيانا مدنيا ضد عصابة الخمسة أو ما سمَّوه بالشركات الرابحة من وراء هذه الحرب في السابع من ابريل/ نيسان.

كما ادركت اوروبا والصين وروسيا الهدف الحقيقي من وراء هذه الحملة ما جعلها تقف مجتمعة ضد قرار الاحتكار هذا لانها تعرف تماما ماذا يعني لها مثل هذا القرار من اخراج كلي لها من ساحة المنافسة، فأجمعت على ضرورة الفيتو ضده ليس حبّا في العرب، ولكن لنزع الشرعية والاخلاقية عن هذه الحملة مؤملة تعثرها واضطرار عصابة الخمسة إلى اللجوء اليها مرة اخرى واشراكها في «الكعكة» النفطية وتوزيع حصص «اعادة البناء»! ولو بالفتات منها.

لقد قلت مبكرا إنهم اخذوا القائد الفلسطيني ياسر عرفات (أبوعمار) رهينة باعتباره رمز القضية وعنوانها، لما بعد فتح بغداد، وقلت انهم لن يطلقوا سراح القضية الا بعد اتمام حملتهم الاستعمارية على العراق والمنطقة.

واليوم اقول إنهم اي عصابة الخمسة وبالتنسيق المقلق مع قيادة اللوبي الصهيوني العالمي سيظلون ممسكين ببغداد - ان فتحوها لا سمح الله - حتى يرضخ العرب والمسلمون نهائيا ويسلموا بشروط الهيمنة والسيطرة الكاملة على سيادتهم واستقلالهم ونفطهم وقرارهم! وان اطلقوا سراح عرفات أو القضية أو كليهما في مرحلة ما فإنما سيكون نوعا من ذر الرماد في العيون وبشروط مذلة وقاسية جدا على الجميع.

وحدة قرار التصدي لهذه الحملة بالوسائل المختلفة وبالمستويات المتعددة وبالاجماع العربي، والسبيل الوحيد المتبقي امام الجميع، ليس حبا في نظام صدام حسين وليس دفاعا عن ممارساته أو سياساته الطائشة.

ان من السذاجة بمكان الترويج بأن القضاء على نظام صدام حسين من خلال هذه الحملة انما سيؤدي إلى استقرار أمن هذه المنطقة!!

ان الاستقرار والأمن الذي قد يترتب على هذه الحملة انما هو استقرار وأمن دولة «اسرائيل» ومصالح عصابة الخمسة الانانية المحيطة بإدارة «الشر» الاميركية الفعلية، ليس على حسابنا نحن العرب والمسلمين فقط، ولكن بالدرجة الاولى على حسابنا طبعا، وايضا وايضا على حساب أوروبا والصين وروسيا.

لقد قلنا ذلك قبل الحرب، وهاهي طلائع مثل هذا الرهان الخاسر على هذه الحملة من قبل بعض الساذجين من المعارضة العراقية او العرب أو الكرد أو... تتبين ملامحها في مناقصات حقول الرميلة وأم قصر والآتي أعظم!

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 208 - الثلثاء 01 أبريل 2003م الموافق 28 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً