العدد 208 - الثلثاء 01 أبريل 2003م الموافق 28 محرم 1424هـ

الحريات العامة تعزز الامن والاستقرار

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تتزاحم الأولويات أمام أي طرف سياسي، سواء كان ماسكا بزمام العالم أو بزمام دولة ما، أو كان السياسي يعمل ضمن جهة تعارض الحاكم والمسيطر على الشأن العالمي أو الإقليمي أو المحلي أو المتفرع من الوضع المحلي كالجمعيات الأهلية وغيرها. الأولويات السياسية تتحدد بحسب الأهمية التي يوليها القائمون على الأمر للمنطلقات الأساسية لمؤسساتهم.

ويمكن إرجاع تلك المنطلقات الاساسية إلى أربعة توجهات تتعارض فيما بينها، هي: الايديولوجيا، الاقتصاد، الأمن، والحقوق. فإذا قيل إن هذه الحكومة تغلب الايديولوجيا على الاقتصاد فإن ذلك يعني أن الأفكار والمبادئ التي يؤمن بها الماسكون بزمام الأمر تعتبر من الأهمية بمكان بحيث تتم التضحية بالاقتصاد والتنمية من دون التنازل عن سياسة ايديولوجية محددة.

وكذلك أيضا إذا صرّح أحد المسئولين السياسيين على المستوى الدولي أو المحلي بأنه يعير موضوع الأمن والاستقرار الأولوية، فإن ذلك مؤشر على أن هذا المسئول مستعد للتضحية بحقوق الآخرين حتى لو كانت تلك من الحقوق الأساسية والطبيعية. والتطرف في أي جانب من الجوانب يسبب ضعفا في الجوانب المقابلة، والحكمة تكمن في الاعتدال بين جميع هذه الأولويات بما يحفظ التوازن والعدالة والذوق الإنساني والسمو الأخلاقي. وبما أن هذه القضايا خاضعة للظروف والإمكانات فإن الاختلاف بين البشر يعتبر أمرا طبيعيا. والأمم التي صعدت وتقدمت هي التي عرفت كيف تختلف وكيف تدير شئونها ضمن إطار معين يمثل الإجماع المتفق عليه.

وبطبيعة الحال فإن هناك وسائل غير سياسية لمنع الاختلاف، وهذه ترتبط بمنطق القوة والعنف والسلطة المطلقة. ويمكن لشخص ما أن يتحدث عن حال طوارئ مستمرة في البلاد او المنطقة، وان الأمن والاستقرار هما الموضوع الأهم الذي توظف له جميع إمكانات الأمة . وبهذه الطريقة يمكن إخماد أي صوت وأي خلاف، وربما يكون أفضل مكان للقضاء على الخلاف والاختلاف هو «المقبرة».

التاريخ يخبرنا بالكثير من تجاربنا وتجارب غيرنا، وان اللجوء إلى أساليب حكم تغلّب منطق الأمن على منطق حقوق المواطنين في التعبير عن رأيهم نهايته انعدام الأمن والحقوق معا. وهذا ما كان يفتخر به رئيس الوزراء البريطاني أيام الحرب العالمية الثانية وينستون تشرتشل بقوله ان الحريات العامة والعمل البرلماني والديمقراطية التي اختفت من بلدان أوروبية مجاورة لم تنتهِ في بريطانيا على رغم مخاوف البريطانيين آنذاك من احتلال ألمانيا لهم. وقبل ذلك كان خليفة المسلمين عمر بن الخطاب (رض) ينام تحت الشجرة من دون خوف لأنه عدل فأمن فنام هانئا.

الحريات العامة تعزز الامن والاستقرار وتوثق العلاقات بين الحاكم والمحكوم وتحمي النظام في اوقات الشدة لان الانسان الحر هو الذي يفدي نفسه من اجل الصالح العام

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 208 - الثلثاء 01 أبريل 2003م الموافق 28 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً