استطاع الاعلام العربي أن يخطو خطوة مميزة منافسة لقنوات الاعلام الغربي في تغطيته حرب الخليج الثالثة وذلك من خلال نقله حقيقة ما يدور على أرض المعركة من دون شطب أو حذف للمشاهد التي في العادة تتجاهلها قنوات التلفزة الغربية الموجهة لارادة البيت الابيض واللوبي الصهيوني وهما ورقتا ضغط لطالما استخدمتا لنقل الصورة الناقصة والمشوهة للانسان العربي.
ليس هذا فحسب، فالقنوات الفضائية كالجزيرة وابوظبي والعربية، وهي محطات عربية، تميزت في نقلها للصورة الحية من قلب الحدث على عكس ما نشاهده عبر شبكات التلفزة الاميركية والبريطانية فيما يخص عملية نقل مجريات هذه الحرب علما بأن قناة مثل قناة ابوظبي تميزت بالنقل الحي للقصف المتكرر على بغداد بينما الجزيرة حتى الان تعتبر اول قناة دخلت معسكرات الفدائيين وأجرت لقاءات معهم، كما انها الوحيدة التي لديها فريق صحافي داخل مدينة البصرة التي تطوقها قوات الغزاة منذ الايام الاولى للحرب على العراق إذ لاتزال تنقل عدسة كاميرتها مشاهد من الواقع المأسوي الذي يعيشه اهالي البصرة.
وهنا لا يمكن ان نخفي أثر ودور الاعلام العربي في فضح العمليات العسكرية والجرائم التي اقترفتها قوات الغزاة على ارض العراق خلال احد عشر يوما التي كشفت عن مدى غباء واستخفاف البنتاغون بالانسان العراقي الذي صدمه بصموده وتشبثه بأرضه بل وضرب توقعاته الخاطئة القائلة "ان الجنوب العراقي سيفتح ذراعيه لمجرد دخوله أراضيه وتحريره من نظام صدام".
هذا الكلام وغيره لم يحقق حلم الغزاة وخطتهم التي ضرب بها عرض الحائط وما اعلنه امس رئيس هيئة الاركان الاميركية ريتشارد مايرز عن تغيير في الخطة الاميركية بسبب العمليات الفدائية جاء نتيجة أمر لم يذكره مايرز ألا وهو ان جندهم اصيبوا بخيبة امل بينما اعلاميا سرق الاعلام العربي انظار العالم بطرحه الحدث بصدقية ومباشرة من الميدان ما ادى الى كسب الرأي العام في العالم.
تلك مؤشرات تدعو الساسة الاميركيين والبريطانيين الى اعادة حساباتهم واستخدام اسلوب جديد للقمع على العراق... اسلوب جديد لتضليل الرأي العام في العالم... اسلوب ضرب العرب ببعضهم بعضا كالذي حدث في حرب الخليج الثانية التي مازالت آثارها متجلية حتى وقتنا الحالي متمثلة في التحول النقلي للنظرة العربية ومستقبل المنطقة من وجهة نظر البعض الذي قد يتمثل في تصريحات على الهواء متناسين جوهر السيناريو الاميركي الذي قد يدمي دول المنطقة من دون استثناء وقد يأتي الدور الذي تشهده أرض العراق حاليا على الغير لكن في الوقت المناسب... لان ببساطة فصول الفيلم الاميركي لم تنته...
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 206 - الأحد 30 مارس 2003م الموافق 26 محرم 1424هـ