الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان كان بامكانها أن تصبح أكبر وأهم جمعية أهلية في البحرين، بعد ان كانت ل
العمل الحقوقي عمل شائك ويصاحبه الكثير من التشويش السياسي، وإلى حد الآن لم تستطع الحركات الحقوقية العربية تقديم انموذج ناجح. فالمنظمة العربية لحقوق الإنسان التي تأسست في قبرص العام 1983 قبرت في العام 1993 في القاهرة عندما تم اختطاف أحد مؤسسيها وزير الخارجية الليبي الأسبق منصور الكيخيا. وقد كنت أحد الذي حضروا ذلك المؤتمر (في 1993) وشاركت في جلسات المنظمة العربية التي افتتحت بترحيب خاص وكلمة من وزير الخارجية المصري ومن مندوب الأمين العام للأمم المتحدة.
كنا فخورين أن يحضر الجلسات التقييمية لأعمال المنظمة العربية لحقوق الإنسان أشكال مختلفة واتجاهات سياسية متنوعة من اسلاميين وعلمانيين ومعارضين ومؤيدين للحكومات. الكل كان يتحدث عن حقوق الإنسان ووجوب احترامها والدفاع عنها بغض النظر عمن ينتهك تلك الحقوق. وتبنت المنظمة قرارات مهمة فرحنا بها جميعا واعتقدنا أن الأيام السوداء التي تخيم على العالم العربي في طريقها إلى الانجلاء، وخصوصا أننا كنا نتحرك في القاهرة، أهم عاصمة عربية، وأن وزارة الخارجية المصرية هي التي رحبت بانعقاد المؤتمر والأمين العام للأمم المتحدة بعث مندوبا خاصا عنه للترحيب بنا وابداء المساعدة في أي مجال تريده المنظمة العربية لحقوق الإنسان.
الحضور كانوا تقريبا من نصف البلدان العربية التي تسمح بالسفر لمواطنيها وكان بيننا اعضاء برلمان ومفكرون كبار ومحامون وصحافيون ومسئولون. وكان أحد مؤسسي المنظمة منصور الكيخيا يتحدث إلينا عن آماله وطموحاته وعما يجري في عالمنا العربي. ولكن وفي آخر يوم من الاجتماع خرج الكيخيا من فندق سفير القاهرة بعد أن طلب سيارة تاكسي واختفى منذ ذلك الحين حتى الان.
المنظمة العربية قبرت منذ ذلك الحين لأنها عجزت عن القيام بدورها تجاه أحد مؤسسيها ولم تحرك ساكنا يخشاه هذا الحاكم أو ذاك، وأصبحت منذ ذلك العام حبرا على ورق، بينما اختفى الكيخيا كما اختفى غيره من قبله لا يعلم مصيرهم إلا الله.
التجربة الحقوقية الرائدة على المستوى العربي فشلت فشلا ذريعا لأن الانتماءات السياسية لأعضاء المنظمة أصبحت هي الأساس وتم تغليب الولاءات الحزبية على العمل الحقوقي، وضاعت حقوق الإنسان، بما فيها حقوق أحد مؤسسي المنظمة.
أما التجربة الحقوقية البحرينية فقد كان الأمل أن تحدث استثناء لما للبحرين من ميزة لم تتوافر في بلدان أخرى. فالحركة المطلبية في البحرين جمعت الاتجاهات المختلفة، وكان بالامكان للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أن تحرز نجاحا باهرا على هذا الأساس. إلا أن تطورات ما حصل لاحقا خيب ظننا كما خاب ظننا مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان من قبل.
ربما بإمكان القائمين على الجمعية انقاذ سمعة العمل الحقوقي، فلا يوجد شيء مستحيل مع الإرادة، ولكن ذلك يتطلب جهودا حثيثة لاعادة بناء جسور قطعت وآمال خيبت
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 204 - الجمعة 28 مارس 2003م الموافق 24 محرم 1424هـ