حين يصبح المثقف كـ «الوقف» لنزوات السلطة وذهنيتها، يتحول وبشكل منطقي الى موضوع... فكرة... نزوة، مرتهنا لذهنية لن ترسله على أي حال إلى فردوس رحب، بل إلى محرقة مؤثثة بالتشويه ونسف الملامح!.
(2)
حال المثقف اليوم شبيه بحال الجمعيات والمنظمات المدافعة عن البيئة أو أطباء بلا حدود... أو صحافيين بلا حدود... أو ربما عاطلين بلا حدود! اذا كان للأخيرة أي منشأ أو وجود حقيقي... إذ تظل الجمعيات الثلاث تحلم وتتطلع (وليس في ذلك جريمة) إلى تغيير سياسات قامت على السطوة والمال والنفوذ، فيما هي لا تملك غير نيتها من جهة وإرادتها من جهة ثانية وإيمانها بما تسعى وتدافع عنه من جهة ثالثة، في الوقت الذي تشتري فيه السطوة والمال والنفوذ، النيات والإرادات والإيمان غير القائم على ما يدعمه ويحفزه ويخندقه حتى النفس الأخير في خط المواجهة!.
(3)
يظل المثقف «شيئا» في حدود جغرافية من الكرة الأرضية... شيئا قابلا للتحريك والتشكيل على أكثر من مستوى... بدءا من القناعات وليس انتهاء بالثوابت. فيما يظل في حدود جغرافية أخرى تبدو لا علاقة لها بحال التناقض الصارخ على هذا الكوكب... يظل إنسانا مهمته الإنقاذ وفي الخط الأمامي للمواجهة والدفاع عن مكتسبات شعبه أولا وثانيا وثالثا دونما كبير اهتمام للإقتراب من دائرة السلطة بمعناها (الاحتوائي)... إذ تظل سلطته مركزة في التعرية والفضح والتهكم بل والتحريض على تجفيف منابع الفساد والتهميش للإنسان باعتباره كائنا مخولا بـتصحيح مواضع الخلل .
في الحدود الأولى تكمن سلطته في الصمت والصمم والعمى! ومتى ما استشعر استعادته لأي من تلك الحواس عليه أن يدعي خلاف ذلك في جلسات فحص تمتد من (صنعاء) إلى (طنجة). هو كائن طالما ظل على مصالحة مع مواضع الخلل وتعامى عن التعرية والفضح والتهكم والتحريض !.
(4)
يبدو المثقف ضمن دائرة العالم الثالث منذورا ومخلوقا لاستقبال بل وابتلاع وهضم كم هائل من الصدمات التي لو تحولت إلى حزام لطوق الكرة الأرضية!.
ويصحو المثقف ذاته على شريط هو الآخر هائل في حجمه من المجاعات والكوارث والخبراء الشقر الذين لا يكتفون ببتر أحلامه بل يمتد بترهم ليطال كوابيسه. أليست كارثة ألا تملك الحق في أن تكمل شريط كوابيسك؟
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 202 - الأربعاء 26 مارس 2003م الموافق 22 محرم 1424هـ