العدد 202 - الأربعاء 26 مارس 2003م الموافق 22 محرم 1424هـ

ختم سار رقم 114:20:10 وامتداد الذوق

كمبريدج - أحمد العبيدلي 

تحديث: 12 مايو 2017

إثر النشر الفخم والفني الأخير لأختام سار العائدة لفترة دلمون قمت بمحاولة لدراسة المجموعة واستوقفني الختم رقم 114:20:10، لأنه وعلى حين غرة يطرح سؤال: هل يمكن لذوق ما ولمنحى فني محدد أن يمتد في بقعة ما لما يزيد على الأربعة آلاف سنة. تراءى لي حينها أنه لو قام فنان بحريني معاصر بتصميم شعار لشركة أو جهة ما مستخدما رموز دلمون كأدوات أو ما يقابلها من رموز معاصرة، وهو ما يحدث باستمرار في البحرين والكويت وخصوصا حاليا، لربما أتى بشيء مشابه. هل يمكن أن يكون للمكان، وفي حالنا جزر البحرين، وللحضارة المنبثقة عليها أن تترك هذه البصمة الفنية وأن تسم الذوق العام لما يمكن أن يستمر لتلك الآلاف من السنين؟

استوقفني الختم في البداية لسببين: إنه من الأختام البحرينية القليلة التي اختار له الحرفي/الفنان الشكل المستطيل، وثانيا لطبيعة التصميم فيه.

دأب حرفيو دلمون على إنتاج أختام بيضاوية الشكل تقترب من الشكل الدائري. وعلى رغم أنهم قد شاركوا في تقليد يزيد عمره على الستة آلاف عام وانتشر ضمن البقعة المحيطة بوادي الرافدين. فإنهم اختاروا لأنفسهم الشكل الدائري ودبجوا موضوعاتهم عليه. وإذ برزت أختام اسطوانية ورباعية الشكل إلى الشمال والشرق من الخليج احتفظوا بهذا التصميم، واختاروا لوجه القطعة وظهرها شكلا مميزا، بات بروزه خارج منطقة دلمون دليلا على امتداد العلاقات بين البقعتين.

الأهم من اختيار الشكل الرباعي هو تلك المقدرة المذهلة التي أظهرها من نقش الختم في وعيه لأهمية علاقة عناصر الموضوع بالشكل الرباعي نفسه: أي التصميمي بمعناه الشامل والإبداعي. استخدم الناقش عنصرين تشكيليين فقط: مربع (يسمى بين الآثاريين أحيانا: بوابة) وغزال. كان الغرض العملي لإنجاز هذا الختم هو إنتاج شيء متفرد يصلح لكي يؤكد حقوق صاحبه على أي منتج له ويشير بجلاء لا لبس فيه إلى منشئه. وانطلق الفنان القديم ليلعب بعناصر تشكيل الختم لينتج لوحة فنية يمكن استخدامها كختم. وإذ وثق ناقش الختم قيد البحث في نفسه، حصر الأمر في استخدام عنصرين فقط: فرسم المربع في الزاوية اليمنى وجعل من جسم الحيوان أرضية يتكئ عليها المربع ثم أطال عنق الحيوان بحيث يشكل العنصر المكمل على اليسار للمربع، فأتت القطعة كاملة البهاء.

يقع الوصف السابق كله في باب جمال تلك القطعة وصفاتها الفنية الأخاذة. على أن الأمر الأساسي هو في الشعور بأن مثل هذه العقلية الفنية يمكن أن تجد امتدادها في الإتجاه الفني الذي يشكل أرضية للفنانين والحرفيين البحرينيين حتى في عصرنا الراهن. بحيث أنه لو قام فنان بحريني معاصر لاعاد بما يزيد أو يقصر ذلك التصميم.

وإذا أردت التأكد فزيارة لمتحف البحرين، أو الإطلاع على تفاصيل الختم المنشور مؤخرا، سيكون أمرا أكثر إقناعا





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً