كشف نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الخضر الألماني الشريك الصغير في الائتلاف الحاكم، كريستيان شتروبله، عن شكه بأن هيئة الأمم المتحدة سوف تتجاوب من دون نقاش إذا طلبت الولايات المتحدة منها مساعدة لإعادة تعمير العراق بعد الحرب. وقال شتروبله في مقابلة خاصة مع «الوسط» إن الأمم المتحدة رفضت الحرب وليس هناك ما يجبرها على غسيل أوساخ الآخرين.
فيما يأتي نص المقابلة:
* بدأت حرب الخليج الثالثة، هل ترى هناك ما يجعلها مختلفة عن حرب الخليج العام 1991؟
- في العام 1991 أوكلت الأمم المتحدة إلى الدول الأعضاء استخدام القوة لتحرير الكويت، ونشأ على الأثر تحالف دولي كبير شاركت فيه دول عربية وإسلامية. اليوم يختلف الوضع تماما، الأمم المتحدة لم تناد باستخدام القوة العسكرية مما لا يكسب العدوان على العراق شرعية دولية وعجزت واشنطن ولندن عن تقديم حجج مقنعة لمجلس الأمن. هذه حرب خاصة تقودها الولايات المتحدة وليس تحالفا دوليا.
* ماذا تبادر إلى ذهنك حين سمعت نبأ بدء العمليات العسكرية؟
- ان هذه الكميات الكبيرة من الصواريخ والقنابل سوف تسقط على رؤوس المدنيين في بغداد وتفتك بهم، وأن هناك في القرن الحادي والعشرين من يفكر أن استخدام أسلحة الدمار تساعد الشعوب في الحصول على الحرية. هذه القنابل التي تسقط على بغداد موجهة أيضا ضد القانون الدولي لأن حرب بوش لا تغطيها شرعية دولية ولا تكليف دولي بل هي بصريح العبارة مخالفة لميثاق الأمم المتحدة. الدستور الألماني لا يتفق مع هذه الحرب وأرى أن من الخطأ أن تقدم ألمانيا أي شكل من أشكال الدعم للأميركان، وأرجو أن يحافظ المستشار شرودر على تعهده أمام البرلمان بعدم مشاركة الجنود الألمان في الحرب.
* ما هي النتائج التي ستنشأ بسبب الحرب على العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة وخاصة الجزء الأوروبي المعارض للحرب؟
- إنني أوافق منسق العلاقات الخارجية في المفوضية الأوروبية، البريطاني كريس باتن الرأي، أن هذه المرحلة هي أسوأ مرحلة تمر فيها العلاقات الأطلسية. من جهة أخرى هناك فرصة أن يجري استغلال المعارضة الفرنسية-الألمانية للحرب في قيام سياسة مستقلة للاتحاد الأوروبي، تعمل على المدى البعيد في مواجهة الثقل المتزايد للولايات المتحدة وتصبح أوروبا ندا لها.
* ما ردك على مزاعم واشنطن أنها ليست وحيدة في هذه الحرب وان معها دولا أوروبية؟
- هذا غير صحيح. بوش وبلير معزولان نتيجة تمسكهما بسياسة الخروج عن القانون الدولي. أما الدول الأوروبية التي تؤيد الحرب فإنها تعمل بسياسة لا تحظى بتأييد شعوبها. الناس في جميع أنحاء العالم يتظاهرون من أجل السلام. على رغم أن الأميركيين يعتقدون أنهم سيفوزون في هذه الحرب إلا أنهم خسروا تأييد الرأي العام العالمي. وبصورة أصح: لا تتحدث إدارة بوش باسم جميع الأميركيين.
* لا خلاف بين أساتذة القانون الدولي على أن هذه الحرب تتعارض مع الأعراف والمواثيق الدولية، هل تعتقد أن هناك مشكلة جديدة وخطيرة ظهرت بسبب السلوك الأميركي-البريطاني وهي في حقيقة الأمر مشكلة قانونية دولية تتعلق بشرعية الحرب؟
- هناك تعريف واضح لدى مجلس الأمن لما يوصف بالعدوان. وحين ننظر إلى الحرب الجديدة في الخليج ومجرد تحليل الحجج التي ترتكز عليها، نرى أنها تتعارض مع القوانين الدولية ومن واجب المجتمع الدولي العمل من أجل وقفها فورا. لقد رفضت الأمم المتحدة الحرب وينبغي عليها دعوة جميع الدول الأعضاء إلى العمل من أجل وقفها.
* أنت حقوقي تمارس مهنة المحاماة إلى جانب السياسة. ما ردك على مزاعم الأميركيين بأن الحرب تمت تنفيذا للقرار رقم 1441؟
- أرى أنه من واجب حكومات العالم التحقق من الوضع القانوني لهذا القرار. سوف يتعين على الحكومة الألمانية البت بهذا الموضوع والكشف للرأي العام أن هذه الحرب عبارة عن عدوان، حين تضطر محكمة الدستور للنظر بالأمر حين يبدأ الإدعاء العام دراسة مجموعة الدعاوى التي رفعها مواطنون ألمان.
* إلى أي حد تعتقد أن الأميركيين سوف يمضون في حربهم؟
- أنهم يأملون في انتصار سريع والحصول على صور تلفزيونية يظهر فيها جموع المواطنين العراقيين وهم يهللون فرحا بقدومهم، ولكنني لا أتصور أن هذا سوف يحدث.
* ما هو الدور الذي تركه الأميركيون لهيئة الأمم المتحدة؟
- كان مجلس الأمن الدولي جهة مهمة في الأزمة العراقية حتى بدء العمليات العسكرية. وكان واضحا بموقفه حين رفض طلب بوش المصادقة على قرار يدعو للحرب. لا أعتقد أن هناك دورا للأمم المتحدة خلال الحرب. المؤكد أن الأميركيين سوف يطلبون مساعدتها بعد الحرب كي تشرف على حملة إعادة التعمير والسعي في جمع الأموال للبدء بها، وأعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى النقاش لأن الأمم المتحدة لم توافق على الحرب فما الذي يدفعها إلى غسيل أوساخ الآخرين؟.
* أي دور تعتقد أن ألمانيا سوف تلعبه وقد قالت منذ بداية الأزمة أنها لن تشارك بالحرب؟
- أنني أعارض أن نقدم للولايات المتحدة وبريطانيا وعودا بتمويل ما يعملون الآن في تدميره. لكن ألمانيا سوف تقدم مساعدات إنسانية للشعب العراقي. أعتقد أن الوقت مبكر للحديث عن هذا الأمر لأننا لا نعرف حجم الدمار الذي ستسببه الحرب وكم سيطول أمدها وكيف ستتطور الأمور. إنني أطالب وبقوة أن يخرج الناس في أنحاء العالم إلى الشوارع وينادون بوقف فوري للعدوان
العدد 200 - الإثنين 24 مارس 2003م الموافق 20 محرم 1424هـ