ذهل الاميركيون والبريطانيون عندما قام العراق بعرض شريط فيديو للأسرى والقتلى من الجنود الاميركيين، وهو كابوس بالنسبة إلى كل من بوش وبلير. لقد ظهرت جثة جندي أميركي مصاب بجرح بليغ في عنقه، بينما ظهر اسيران اميركيان على الشاشة، ذكر احدهما أنه كان يتبع الاوامر فقط.
وقال الجندي الأسير - الذي يبدو انه من ولاية كانساس - انه لا يكنّ كرها للشعب العراقي، بينما رفض صديقه التحدث. واجريت المقابلة مع الجنديين من قبل مراسل التلفزيون العراقي في المكان الذي تم فيه القبض عليهما في مدينة الناصرية جنوب العراق.
لقد كان العراقيون يتفاخرون طيلة اليوم بأنهم اسروا قوات اميركية، مع ان احدا لم يصدقهم.
واحتشد آلاف العراقيين أمس الأول على ضفاف نهر دجلة بينما كان رجال الأمن العراقيون يبحثون عن طيارين اميركيين يقال انهما هبطا بالمظلة في النهر بعد اسقاط طائرتهما فوق بغداد.
واحتشد المدنيون على الجسور وضفتي النهر بينما كان رجال الضفادع البشرية يبحثون عن الجثث في مياه النهر. وسيزيد هذا الفيلم من التأييد الداخلي لصدام حسين إذ سينظر إليه بوصفه دليلا على مزاعم صدام بالنسبة إلى الحرب بـ (ان القوات الانجلو - اميركية ستهزم ويبقى النظام). وكان الرئيس العراقي قد اكد قبل ساعات قليلة من عرض الفيلم ان اسرى الحرب سيعاملون طبقا لاتفاق جنيف، وهي ملاحظة اعتبرت اجراء شكليا إلى ان تم عرض الفيلم المدهش عدة مرات على التلفزيون الرسمي العراقي. وبدت بغداد طيلة اليوم مثل الكويت العام 1991 بعد ان قام العراقيون باشعال النار في آبار النفط الكويتية. فالخنادق المليئة بالنفط التي أشعلها الجيش العراقي حول بغداد مازالت مشتعلة، وأصبحت المدينة تحت سحابة كثيفة من الدخان، مع ان ذلك لا يمنع من وصول صواريخ «كروز» إليها، وأصبحت السماء سوداء ما جعل من المتعذر رؤية الشمس إلا عند النظر إلى اعلى. وإذا كان الناس في بغداد يزعمون بأن الحرب غير موجودة فإنهم ذاقوا لهيبها يوم الجمعة الماضي.
لقد دوت الانفجارات طيلة اليوم وأمكن سماع صدى الانفجارات في الضواحي وصوت الطائرات النفاثة ثم صوت انفجار آخر. وتلا ذلك (كما هو الحال اثناء الحرب) صوت هادئ من بعض السيارات والباص الأحمر ذي الطابقين الذي يقوم برحلته الاعتيادية عبر الجسر النهري إلى الكاظمية.
ولفهم الحقيقة - على الأقل الوقائع الاستراتيجية طبقا للعراقيين - عليك ان تجازف بالذهاب إلى الفيلا إذ كان الجنرال هزيم الراوي من قيادة الجيش العراقي يتحدث في مؤتمر صحافي على طريقة الجنرال تومي فرانكس.
والجنرال الراوي يعدنا بالمزيد من المؤتمرات الصحافية بشكل اكبر من الجنرال فرانكس إلى ان يستسلم الراوي لفرانكس أو - وهو الأقل احتمالا - ان يستسلم فرانكس إلى الجنرال الراوي!
لقد اخبرنا الجنرال العراقي بأن ميناء أم قصر مازال صامدا وأن العراق سيصبح مستنقعا للاميركيين. ومضى الجنرال العراقي قائلا: «اود ان اخبركم انه قبل قدومي إلى هذا المؤتمر الصحافي قمت بالاتصال هاتفيا بالفرقة 51 في جنوب العراق التي تسمى «سرية الجبل». وابلغني الضباط ان قائدهم ونائبه مازالا يقاتلان وليس صحيحا ما تتناقله وكالاتكم من أن آلافا من الجنود استسلموا». وهكذا حاول الجنرال العراقي ان يفند التقارير التي أوردتها هيئة الاذاعة البريطانية عن اسر 6000 جندي من الفرقة.
ومضى الراوي يقول: «بإمكان مراسليكم في البصرة إجراء مقابلات حية على الهواء مع قائد قواتنا ومعرفة الحقيقة. إن الفرقة 51 لاتزال تكبد القوات المعتدية خسائر جسيمة. وهذه الأكذوبة عن قواتنا هي جزء من الحرب النفسية».
ثم يأتي الجزء المألوف في كل حرب عربية: المزاعم باسقاط طائرات. «لقد قامت قواتنا الباسلة باسقاط خمس طائرات مقاتلة وطائرتين مروحيتين. لقد تم اسقاط مقاتلة بالقرب من بغداد واخرى بالقرب من الموصل وثالثة في اختر رشيد ورابعة في منطقة التاجي واخرى في البصرة. وتم ايضا اسقاط مروحية في الموصل واخرى في منطقة سماوة». وكما يقول المراسلون فإنه لا يوجد تأكيد مستقل لهذه المزاعم.
اما وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف فقد ابدى ملاحظات ازدرائية بالنسبة إلى الحرب إذ قال: «انهم يسمونه الصدمة والرعب. يبدو انهم هم الذين يعانون من الصدمة والرعب. دعوني استخدم عبارتهم مع انني لا افضل ذلك».
وتلا ذلك بيان مطول من نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان تركز معظمه على طلب دعم من الجماهير العربية - تلك المجموعة المترددة التي لا تظهر الوحدة عندما يحتاج العراق أو اية دولة اخرى إلى المساعدة. ولكن بيان نائب الرئيس العراقي لم يكن سوى عبارات بلاغية قديمة. ومضى رمضان قائلا: «مهما كان موقف القادة العرب فإن على الجماهير ان تقف في خندق واحد ضد المعتدي. يجب على كل مواطن عربي ومسلم ان يكون رصاصة مصوبة في صدر المعتدي حتى يرحل عن ارض العرب والمسلمين».
ان المزاعم بتقديم القوات الانجلو - اميركية على الأرض تنم عن الغرور. يقولون انهم توغلوا ما بين 160 و180 كيلومترا. اريد منكم ان تذهبوا إلى 300 كيلومتر، فإذا كانوا قد وصلوا إلى مدينة أو قرية فسيواجهون المصير نفسه الذي يواجهونه الآن في ام قصر.
انكم ستشاهدون في التلفزيون صورا لدباباتهم المدمرة في «سوق الشيوخ». ويرحب نائب الرئيس العراقي بالاميركيين إلى بغداد إذ انهم سيلقون نفس المصير. وسيستخدم العراقيون هذا الفيلم لدعم مزاعم القادة العراقيين بالنسبة إلى خسائر الدول المعتدية.
خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط
العدد 200 - الإثنين 24 مارس 2003م الموافق 20 محرم 1424هـ