يواصل العراقيون معركتهم التي أطلقوا عليها «معركة الحواسم» لدحر قوات الغزو المتحالف ضد بلادهم، فقد تمكن فلاحون عراقيون من إسقاط طائرتي «اباتشى» أميركيتين في كربلاء وتم أسر الطيارين اللذين كانا على متنهما، حسبما أعلن وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف. وأكد الصحاف ان القصف أسفر عن قتل 62 عراقيا وإصابة أكثر من 400 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
من جانب آخر لقي خمسة عراقيين بينهم امرأة أمس مصرعهم في قصف صاروخي على حي الأعظمية المكتظ في بغداد، حسبما أفاد شهود عيان، في وقت دعا فيه الرئيس العراقي صدام حسين مواطنيه في خطابه الثاني منذ بداية الحرب على العراق إلى القتال والصبر والصمود في الحرب الدائرة بين بلاده من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى ووعد العراقيين بالنصر. وعلى صعيد آخر أعرب جلالة ملك البحرين عن أمله في انتهاء الحرب المؤسفة على العراق في أقرب وقت ممكن.
سقوط طائرتي أباتشي
وعرض التلفزيون العراقي صورا لطائرة مروحية من نوع «اباتشي» وبدت الطائرة السوداء وهي تحمل صواريخ موجهة عليها علامات أميركية، وتحلق حولها عراقيون فرحون يهتفون وهم يحملون البنادق.
وقال التلفزيون العراقي إنها أسقطت قرب مدينة كربلاء. وفي واشنطن أعلن مسئول دفاع أميركي إسقاط طائرة مروحية اباتشي أميركية في العراق ولم يعلق على مزاعم بغداد عن إسقاط طائرة مروحية ثانية.
وقال المسئول «بوسعي ان أؤكد إسقاط مروحية». لكن لم يكن لديه معلومات عن مصير قائدي الطائرة المروحية التي عرض صورها؟
من جهته أعلن وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف ان العراق اسر أميركيين وبريطانيين غير اولئك الذين ظهروا على التلفزيون العراقي وان صورهم قد تبث، مؤكدا ان الفلاحين العراقيين اسقطوا طائرتي «اباتشي» أميركيتين وانه تم اسر الطيارين اللذين كانا على متنها، كما عبر عن رفضه للتنديد الأميركي البريطاني بعرض صور الأسرى على شاشة التلفزيون العراقي، قائلا: «وحاول عصابة الأوغاد الدولية ان يتباكوا على اتفاق جنيف»، متهما الأميركيين والبريطانيين بانتهاكها بعد ان عرضوا صورا لأسرى عراقيين.
وأكد ان هؤلاء الأسرى مدنيون عراقيون وليسوا جنودا في القوات المسلحة، كما أكد التزام بلاده باتفاقات جنيف الخاصة بمعاملة الأسرى، لكنه وعد بعرض صور أخرى لأسرى آخرين من الجنود الأميركيين والبريطانيين.
وأعلن الصحاف سقوط أكثر من ستين مدنيا في القصف الأميركي على المدن العراقية وجرح أكثر من أربعمئة خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، مشيدا بالمقاومة الشعبية العراقية، موضحا أنهم مدربون تدريبا عسكريا على مختلف الأسلحة، إذ أصيب في بغداد 194 شخصا في القصف لكن لم يسقط قتلى. وسقط غالبية القتلى في بابل جنوبي العاصمة إذ لقي 30 شخصا حتفهم كما قتل 14 في البصرة.
وذكر ان قتلى ومصابين سقطوا في مدينتي النجف وكربلاء الجنوب وفي محافظة القادسية الجنوبية أيضا ومحافظتي نينوى وصلاح الدين في الشمال، وقال الصحاف «حاولوا إنزال مرتزقة قرب النجف وكربلاء لكننا حاصرناهم وهربوا. وحاولوا الشيء نفسه في الشمال قرب كركوك لكننا لاحقناهم وهربوا».
وكركوك هي مدينة مبنية على احتياطي من الذهب الأسود إذ يضخ حوالي ثلث النفط العراقي.
صدام يعد بالنصر
من جانبه قال الرئيس العراقي صدام حسين في خطابه الثاني أمس «اضربوا الآن وفق ما أمركم ربكم، لقد تورط العدو مع شعب العراق وجيشه الذي خبرته سوح الوغى فاضربوه أيها المجاهدون، اضربوه بقوة وبدقة روح الجهاد وأتعبوه إلى الحد الذي يغدو فيه عاجزا عن الاستمرار وارتكاب الجرائم ضدكم وضد الإنسانية وعندها تحصدون العز والاستقرار».
وخاطب صدام مواطنيه في جنوب العراق إذ يدور القتال مع القوات الأميركية والبريطانية «وأقول إلى أحبائنا في البصرة الحبيبة صبرا أيها الأخوة فإن النصر قريب وأقول لكم ولأهل بغداد والموصل والمثنى صبرا».
وتوقع الرئيس العراقي أن تشدد القوات الأميركية والبريطانية من هجماتها الجوية والصاروخية على بلاده كلما شددت الأخيرة من مقاومتها على الأرض وقال: «إن الأعداء كلما هزموا أمام قواتكم البرية فسيزيد من قصفه عليكم فتحملوا فإن موقعكم ومكانكم عند الله قريب».
وشدد على انه يسعى لإطالة أمد الحرب لإلحاق مزيد من الخسائر في القوات الأميركية والبريطانية التي قال إنها تورطت في هذه الحرب وقال: «إن المجاهدين جميعا يلحقون بالعدو خسائر جدية ومع امتداد الزمن الذي يعمل العدو على جعله قصيرا ليملص من ورطته، نعمل على أن نجعله طويلا ليختنق وينهزم ملعونا مذعورا مدحورا أمام إرادة الرحمن». وأشار صدام إلى ان بلاده حاولت تجنب الحرب بشتى الطرق والاستجابة لكل ما هو غير شرعي وعادل من أجل أن يرفع الحصار عنها لكن إصرار أميركا وبريطانيا على شنها لم يترك خيارا إلا الدفاع عن العراق ومقاومة القوات الأميركية والبريطانية.
وقال: «كنا دائما نستجيب لكل ما هو غير شرعي وغير عادل بأمل أن يستجيب العالم أو يرفع الحصار ونتجنب شرور الحرب، ولكن عندما يأتون بسلاح التدمير لابد أن نقف وقفة جهاد ترضي الله وها انتم تقفونها اليوم أيها العراقيون وقفة تسر الصديق والمؤمنين وتغيض الأعداء الكافرين».
وحيا الرئيس صدام حسين في خطابه الذي استغرق حوالي النصف ساعة قواته التي شاركت في الدفاع جنوب البلاد وخص منهم بالذكر قوات الفيلق الثالث والفرقة الحادية عشرة واللواء الخامس والأربعين بأفواجه الثلاثة والقطعات المتجحفلة معه. من جهة أخرى ظهر قائد الفرقة 51 العراقية اللواء خالد الهاشمي على قناة الجزيرة لينفي تقارير أميركية وبريطانية تحدثت عن استسلامه وفرقته.
ذلك إن قوات التحالف تواجه في مدينة أم قصر «جنوب العراق» مقاومة عراقية عنيفة، وأكدت قناة «الجزيرة» أن قصفا مدفعيا وحركة طيران حربي، ووميض نيران متصاعدة تشهدها شبه جزيرة الفاو، ما يؤكد وجود مقاومة عراقية عنيفة وان شبه الجزيرة لم تسقط بعد بأيدي قوات التحالف.
ودار قتال عنيف في شوارع المدينة «حرب شوارع» بين القوات الغربية وبين القوات العراقية في مدينة الفاو، التي استعانت بالطائرات في محاولة للقضاء على ما تسميه جيوب المقاومة في الفاو ومع ذلك فإن العراقيين صمدوا في المقاومة الى الساعات المتأخر.
وتتقدم القوات الأميركية والبريطانية في حذر شديد في شوارع مدينة الفاو التي تجري فيها الحوادث في ظل تضارب التصريحات بشأن مصيرها. ولفتت (الجزيزة) إلى ان قيادة القوات الأميركية زعمت ان المدينة سقطت في اليوم الثاني من بداية الهجوم على العراق غير ان اللاحق من الوقائع اثبت ان العراقيين سيقاتلون حتى الموت. وأوضحت القناة ان ما يجري في مدينة الفاو يبدو انه حرب شوارع، مؤكدة ان القوات الأميركية والبريطانية تبدو حتى الآن عاجزة عن كسر شوكة العراق التي فاجأت الجميع. وهز ما لا يقل عن ستة انفجارات عنيفة وسط بغداد ولم تسمع صفارات الإنذار ولا طلقات الدفاعات الجوية.
وجاءت هذه الانفجارات بعيد إلقاء الرئيس العراقي صدام حسين خطابا أكد فيه المقاومة واعدا شعبه «بالنصر القريب». وقد تعرضت العراق لقصف عشوائي في مدنها الموصل، وكركوك، وسماوة، جمجمال.
من جانبها أعلنت وزارة الدفاع الأميركية ان اثنين من قوات مشاة البحرية الأميركية قتلا خلال حادثين منفصلين في العراق ليرتفع بذلك عدد القتلى في الصفوف الأميركية إلى 11 جنديا.
هون يقر بالمقاومة العراقية
كما اعترف وزير الدفاع البريطاني جيفري هون بوجود مقاومة من قبل القوات العراقية. وقال هون: «يجب ألا نقلل من أهمية مقاومة القوات العراقية ولا يجب التقليل من شأن صعوبة الرد على هذه المقاومة».
وكان مسئولون بالجيش البريطاني أعلنوا في وقت سابق فقدان جنديين بريطانيين بعد ان تعرضا لهجوم في جنوب العراق.
كما أعلن ان شمال العراق «يخضع حاليا لسيطرة قوات التحالف إذ تجري الآن حملات مركزة»، وأكد ان القوات الأميركية «تتقدم بثبات في تلك المناطق باتجاه مواقع أخرى». وقال: «إن سرعة تقدم قــــوات التحالف على الأراضي العراقية محكومة بالمتطلبات اللوجستية على صعيد المؤن العسكرية والأغذية»، مشيرا إلى وجود ما اسماها «جيوب مقاومة على رغم حالات الاستسلام الكثيرة من القوات النظامية العراقية».
دعوة لاحترام اتفاق جنيف
في هذه الأثناء أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر انه على كل الأطراف في حرب العراق الالتزام بالقانون الدولي فيما يخص عدم إذاعة صور أسرى الحرب.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن الصور التي أذاعتها شبكات التلفزيون ونشرتها الصحف لأسرى عراقيين يستسلمون للقوات التي تقودها الولايات المتحدة ولجنود أميركيين أسرهم العراقيون هي على السواء تشكل انتهاكا لمعاهدة جنيف كما دعت منظمة العفو الدولية أمس الأول وسائل الإعلام إلى «التأكد، خلال بثها للصور، من أنها تحترم كرامة أسرى الحرب سواء كانوا عراقيين أم أميركيين أو غير ذلك». ودعت المنظمة في بيان السلطات العراقية إلى «معاملة أسرى الحرب الأميركيين طبقا لاتفاق جنيف الثالثة وذلك بعد بث التلفزيون العراقي صورا لأسرى اميركيين». وجاء في البيان «يجب ألا يتعرضوا لأي نوع من التعذيب أو سوء المعاملة ويجب ان يتوفر لهم فورا اتصال باللجنة الدولية للصليب الأحمر».
المنامة - الوسط
اعلنت السفارة العراقية امس في المنامة انها تقدر مساندة الشعب البحريني لأشقائهم في العراق غير انها اشارت الى ان الشعب العراقي لا يحتاج الى جمع التبرعات «الصدقات» على حد تعبير البيان الذي حصلت «الوسط» على نسخة منه.
واضاف «اخوانكم في العراق لا يحتاجون «الصدقات» المادية والعينية ولكنهم بحاجة الى مواقف رسمية عربية صريحة واضحة تدين العدوان الاميركي - البريطاني الخارج على الشرعية الدولية ليعطيهم دفعا معنويا في مواجهة الغزو».
يذكر ان البحرين تعتبر البلد الخليجي الوحيد الذي تخرج فيه مسيرات مناهضة للحرب بصورة يومية منذ بدء هجمات قوات التحالف على العراق الى جانب ان الجهات المعنية في البلاد شكلت لجنة وطنية عليا لمساندة الشعب العراقي
العدد 200 - الإثنين 24 مارس 2003م الموافق 20 محرم 1424هـ