العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ

السينما والحرب(1-2)

حسن حداد comments [at] alwasatnews.com

.

الحرب، موضوع له الكثير من التداعيات في السينما العالمية. فأفلام هوليوود الضخمة مثلا، والتي أنتجت عن الحرب كثيرة، ومتعددة في مستوياتها واتجاهاتها. من هذا المنطلق، كانت السينما دوما عنصرا مهما وسلاحا فعالا للحروب كافة. خذ على سبيل المثال، ذلك الاهتمام المنقطع النظير الذي أولاه كل من هتلر وموسيليني للسينما، إبان الحرب العالمية الثانية. وأي راصد للأفلام التي عرضت بعد أي حرب وفي أي بلد، سيجد أنها سجلت الكثير من الحقائق والمجاهيل، التي كانت خافية عن هذه الحروب. أفلام الحرب في هوليوود، كانت تتغنى في الغالب ببطولات وأمجاد الجيش الأميركي. إذ كان فيلم الحرب سلاحا أيديولوجيا في مكنة الدعاية، التي صورت بطولات الجندي الأميركي وتضحياته دفاعا عن العالم الحر وقيم الديمقراطية. وفيلم (أطول يوم في التاريخ) مثلا، للأميركي داريل زانوك، يعتبر أحد أبرز الأفلام التي كرست لبطولات الجندي الأميركي الذي لا يقهر في الحرب العالمية الثانية.

لم تقدم هوليوود عبر أفلام الحرب، قراءة موضوعية للوقائع التاريخية، بل قدمت أفلاما استفادت من تلك الوقائع والحوادث لكي تسرد حكايات عن المعارك الحربية، وتتوصل من خلال عنصري الميلودراما والاستعراض إلى فبركة بضاعة هوليوودية يمكن ترويجها بسهولة في أنحاء العالم. ولم تقدم تلك الأفلام تجربة الحرب والرعب الحقيقي الذي يكتنفها، بل قدمت ديكورا من صنع هوليوود، ولم يكن الدم الذي يجري في أفلامها سوى صبغة حمراء استبدلت بها هوليوود لون الموت الفظيع، ودمار الحرب ودوي الألم الطويل في خنادق القتال وجرح الحرب الذي يدمي في تاريخ الإنسانية.

في تجارب نادرة للسينما الأميركية المضادة، يقف ذلك الفيلم الخالد (القيامة الآن)، الذي قدمه العملاق كوبولا وصرف عليه كل ما يملك، متناولا فيه حرب فيتنام، من وجهة نظر مختلفة، ورؤية متشائمة عن ماهية الحرب وتأثيراتها النفسية على الجندي الأميركي، كما تناول ذلك الدمار الذي تخلفه الحرب في أي مكان... هذا الفيلم أصبح أسطورة من أساطير أفلام الحرب الأميركية.

هوليوود هي السباقة دوما في صنع المستحيل، فكل الحروب التي خاضتها أميركا، كانت لها أفلامها الخاصة... كانت هناك أفلام حربية لكل مرحلة... منذ الحرب العالمية الثانية، إلى حرب الخليج الثانية. وهي في الأول والأخير، أفلام تؤكد تميز الجندي الأميركي محملا بعتاده المتطور تكنولوجيا، في دحر العدو. حتى الحرب التي تخوضها أميركا وحلفاؤها الآن ضد العراق، والتي سميت بـ (حرب الحرية)، ستكون لها أفلامها الخاصة أيضا، أفلام لن تخلو طبعا من سرد المعجزات البطولية الخيالية للجندي الأميركي

العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً