العدد 187 - الثلثاء 11 مارس 2003م الموافق 07 محرم 1424هـ

ذكرى انتفاضة مارس 1965

غازي المرباطي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في حياة الشعوب والأمم أيام خالدة تعتز بها إذ ترى في هذه الأيام فخرها وعزتها. وشهر مارس/ آذار 1965 شهر خالد ستبقى ذكراه عطرة حتى قيام الساعة.

في شهر مارس 1965 قامت انتفاضة شعبية شاملة ضد وجود الاستعمار البغيض الجاثم على صدر هذا الشعب العظيم، عندما أقول انتفاضة شاملة أعني شاملة بجميع طوائفها المذهبية والسياسية والمهنية.

شملت السني والشيعي، عامل المصنع والفلاح والبحار وبائع السمك وبائع الخضراوات والتاجر ورجل الدين، جميع فئات الشعب. نساء ورجال، شابات وشباب، شملت جميع المدن والقرى. اختلطت دماء أبناء مدينة المحرق ومدينة الحد ومدينة المنامة وقرية النويدرات وغيرها، في المستشفيات وُجِدَ الحدي والنويدري، والمحرقي والمنامي. في المعتقلات وُجِدَ العامل والفلاح والبحّار وعالم الدين، حتى الكفيف وُجِدَ في المعتقل، وهنا لم أقل الأعمى، لأن الأعمى أعمى البصيرة وليس البصر.

رصاص مرتزقة المستعمر خرقت أجسام أبناء المدن والقرى من دون تمييز. واختلط دماء الشعب الواحد لتكتب «يسقط الاستعمار، اخرجوا من بلدنا، لا نخاف رصاصكم ولا معتقلاتكم، كلنا شعب واحد يطالب بالاستقلال والحرية والسلام». في مقدمة هذه الانتفاضة المباركة الباسلة، هناك قيادة وطنية حكيمة ساهمت بكل اقتدار في ضرب مصالح الاستعمار، ومازالت في الساحة نشطة حتى الآن، والدليل على ذلك بروزها في المجلس الوطني العام 1973 وبروزها في مجلس النواب العام 2002. نادت هذه القيادة بالإضراب، فلبى الشعب هذا النداء وعمّ الإضراب جميع المناطق بكل فئات الشعب يطالب بخروج الاستعمار.

في ليلة الرابع عشر من شهر مارس العظيم اجتمع بعض شباب قرية النويدرات الباسلة بعد أن علموا أن هناك تسللا لبعض العمال من القرية والقرى المجاورة وبعض المناطق الأخرى، وكان قليلا جدا ولكنه مخالف لإرادة هذا الشعب، قرر هؤلاء الشباب توقف التسلل.

في صباح يوم 14 مارس 1965 تجمع الشباب في منطقة تسمى (الشريعة) دوار نويدرات حاليا. وفعلا تم إيقاف المتسللين وإعادة السيارات من حيث جاءت ولم يتمكنوا من الذهاب إلى مصنع التكرير ومرفأ وخزانات النفط في منطقة سترة التابع لشركة بابكو. وبعد ذلك رجع الشباب إلى القرية.

غير أن سلطة المستعمر قامت بمداهمة القرية بقوات شرطة مرتزقة وأطلقت الرصاص العشوائي على أهل القرية وسقط عدد من الجرحى. وفجعت القرية بأعز أبنائها وهما الشهيدان عبدالنبي محمد سرحان وعبدالله مرهون سرحان. ولكن أهل هذه القرية الصامدة شيّعوا الشهيدين وهم مرفوعو الرأس وزاروا جرحاهم، على رغم الأوضاع الأمنية، زاروهما في المستشفيات كما زاروا جميع جرحى أبناء الشعب.

رحم الله شهداء الشعب الأبرار، كل شهداء هذا الوطن في كل مكان وزمان، الذين سطروا بدمائهم ثمن الحرية والاستقلال الذي نعيشه الآن، وألف تحية إكبار وإجلال لهذا الشعب العظيم الذي أعطى المستعمر دروسا لم ولن ينساها أبدا.

عاش الوطن وقيادته الحكيمة بقيادة صاحب الجلالة الملك المفدى وشعبه الوفي البطل. وهنا أحب أن أقدم اقتراحا إلى المجلس البلدي، المحافظة الوسطى، وأطالب رئيس المجلس وأعضاءه بأن يعملوا جاهدين على أن يكون دوار النويدرات والذي يحمل مع الأسف اسم دوار مصنع التكرير وأيضا شارع نويدرات الرئيسي، أن يكونا باسم الشهيدين عبدالنبي محمد سرحان وعبدالله مرهون سرحان تكريما لما قاما به من تضحية في سبيل هذا الوطن العزيز. وأنا على ثقة بأن المجلس البلدي الموقر سيقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة. وأرجو من شعب البحرين أن يقرأ سورة الفاتحة ويهديها إلى أرواح شهداء البحرين.

وفي الختام أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لنا قائد هذه المسيرة المباركة، حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، ويحفظ هذا البلد وشعبه آمنا مستقرا... وستبقى انتفاضة 1965 المجيدة خالدة في أذهاننا إلى الأبد

العدد 187 - الثلثاء 11 مارس 2003م الموافق 07 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً