كثير من الوزراء يخافون الصحافة الحرة... لانها تقود إلى الفضيحة، وكثير من الذين كشفت فضائحهم عبر الصحافة سواء في الفضائح المصرفية أو في الفساد الاداري او المالي راحوا يتذمرون، يريدون ان يضعوا حلا لما أسموه «نشر الغسيل» الذي يجب ان يبقى نظيفا ولامعا ودائما «رشيدا» حتى للمتضررين... تلك حقيقة واقعية ان الصحافة البحرينية قفزت قفزة - ولو بنسبية - في نشر الفضائح حتى بات بعض المتنفذين من بعض الوزراء يلاحقها هنا وهناك حتى يجعلها هي الاخرى «ماركة مسجلة» كبقية «الماركات المسجلة» في عالم الثراء السريع الذي يزداد فيه فقر الصحافة عندما «تشخصن» فلا تتعدى ان تكون دكانا لبيع السندويتش وعلب السردين والطماطم المجمدة والافكار المجمدة ايضا... الصحافة عندما تصبح في جيب هذا المسئول الاعلامي او ذاك الاعلامي يجب ان تقرأ عليها الفاتحة وسورة «يس». الصحافة ليست اعلانات ولا قوائم لاسماء الموتى أو «برنامج فلانة تسلم على فلان» «واحمد يهدي أغنيته إلى سعاد». الصحافة يجب ان تفضح الفساد وترسخ مفاهيم حقوق المواطن وتسعى باعتبارها سلطة رابعة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.
الناس الفقراء يدفعون مالا ويسجلون اشتراكا في الصحف من اجل ان يفتحوا اعينهم كل صباح على قضية او مقال او تحقيق يترافع من خلال كل ذلك عن مشكلاتهم وهمومهم.
الصحافة... تظاهرة ثقافية، توسع مدارك القارئ، ترفع أفقه، تتحاور معه يوميا فتقدم له المعلومات من دون تزييف او تبخير، وإلا تحولت الى استوديو تعرض من خلاله الصور الشخصية والطبيعة والازياء... وكل ما فرضته قيم اليوم من قيم استهلاكية، فلا نريد صحافة التسطيح والترف الفكري.
ليس من حق أي وزير ان يفرض على الصحافة املاءاته الشخصية، ويجب على نقابة الصحافيين (تحت التأسيس) الترافع عن هذه المهنة التي لا فرق بينها وبين التدجين إلا شعرة واحدة... وألا يسمح لاحد ان يتعامل مع الصحافة وكأنها ادارة موظفين ضمن وزارة، عليهم ان يكشوا اذا اريد لهم الكش أو ان يهشوا اذا اريد لهم الهش. ويجب ألا يسلب المواطن البحريني حقه في المعارضة السلمية الوطنية. وما عاد في العالم شيء يخفى، ففي ظل العولمة ألغيت الحدود، والاقمار الاصطناعية لم تجعل لاية نزعة شمولية عند اي وزير ان تتمرد على ارادات الناس... الا اذا اردنا ان نحول الصحافة إلى صحافة مسطحة ككتب الطبخ
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ