العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ

التعريف بدور الجامعة في المجتمع

تمثل الجامعة محور قضية مهمة لأي بلد. باعتبارها صرحا أكاديميا وموقعا اساسيا لأي مجتمع أو أية دولة، فإذا صلحت الجامعة صلح مستقبل المجتمع بأسره، وإذا فسدت كانت الخسارة الكبرى لذلك المجتمع.

ولن نجد ساحة من حيث الإمكانات والطاقات الكامنة والأرضية الخصبة للاستقطاب والعطاء والتغيير كالساحة الجامعية. فقد شبهها أحد الباحثين في عوالم الجامعة وخباياها بالساقية، فيقول إن الجامعة تشبه الساقية التي يمكن أن تكون مندفعة في قلب الصحراء والبوادي الجرداء، فلا يتنفع منها أحد، وقد تسيل على أرض مزروعة فتخربها، ولكنها اذا اتصلت بمشروع للإصلاح، فإنها تصبح نهرا عظيما يحيي أرضا مواتا بأكملها.

ولهذا ينبغي أن تكون وظيفة الجامعة الاساسية هي الخدمة العامة للمجتمع، ولكنها لن تستطع القيام بهذه الوظيفة وحدها من دون حشد الطاقات والإمكانات كافة المادية منها والبشرية والفنية المتاحة.

فالجامعة وفقا لما يقوله الكاتب اللبناني نور الدين (1999) ليست مجرد مبان وعمارات أو إدارة تشبه الادارات الرسمية الأخرى، بل هي تاريخ ومناهج وخبرات وسياسات انتقلت إلينا مباشرة بعد عشرات السنين من التشكل داخل رحم الثقافة الغربية. فهي أفضل مولود يفتخر به الغرب على العالم كله.

ويقول: إذا أردنا أن نقتصر على المشكلات والهموم والنقائض التي تعاني منها الساحة الجامعية، فإن المسألة الأول، التي تبرز على هذا الصعيد هي أن العمل الجامعي ما زال يعيش الكثير من التردد، ويعاني من انحسارات شبه دائمة تشبه المد والجزر على مستوى الحركة والإنجازات. على رغم أن فضاء الجامعة يضم خيرة الشباب من حيث الإيمان والتضحية والاندفاع الإيجابي والولاء الوطني.

وخلاصة القول: إن ما نحتاج إليه بالنسبة إلى العمل الجامعي في نظر الباحث أمور أساسية هي:

1- أن ندرك عمق دور الجامعة المصيري.

2- أن ندرك طبيعة المشكلات التي تعاني منها الساحة الجامعية.

3- أن نبحث عن المشروع الكلي لحل هذه المشكلات.

ويرى محمد جواد رضا (1984م) أن على الجامعة مسئولية قيادة المجتمع نحو حياة أفضل، ويعني هذا ألا تكون الجامعة تابعة، وإنما يجب عليها أن تتبوأ مركز القيادة. وهذا لن يتأتى في نظره إلا بعد أن يكون للجامعة استقلاليتها التامة، أي أن توفر للجامعة حرية البحث العلمي والحرية الأكاديمية وأن تبتعد عملية التعليم العالي عن أوجه الفساد.

ويتساءل الباحث «لماذا تقتل الجامعة أحلام طلابها في الرشد واستقلالية الفكر والبحث عن الحقيقة وتحقيق الذات؟» ثم يجيب قائلا: «إن الطلبة عندما يأتون إلى الجامعة يأتونها ورؤوسهم مملوءة بأنواع الأحلام عن حرية الفكر وحق الإنسان في المعرفة. هذا ما يفعله الطلبة الجامعيون في كل بلاد الأرض... ومسئولية الجامعة هي أن تكون عند حسن ظنهم فتمدهم بأسباب النضج وتعجل بخطاهم إلى الوعي العلمي وتعزز إدراكهم لذواتهم، وتدعم هذا الوعي باحترام أفكارهم، حتى عندما تبدو هذه الأفكار بسيطة في معيار الأستاذ قاصرة عن بلوغ المعيار المنشود.

ومن الأمور الجديرة بالبحث في الساحة الجامعية هي حركة الاصلاح الجامعي التي كانت أكثر القضايا جدلية في العقد السابع من القرن الماضي. فقد اكدت الدراسات التي أجريت على حركة الاصلاح الجامعي خلال السبعينات (مثل دراسة Martin Trow, A. H. Halsey) حقيقة مقلقة - وفقا للباحث رضا - وهي أن الجامعات بطيئة في تغيير مناهجها الدراسية وبناها الإدارية. فالتقاليد الجامعية عموما منحدرة من العصور الوسطى، والأكاديميون يأخذون هذه التقاليد على أنها مسلمات لا تقبل التغيير ولا تحتمل الجدل.

وهكذا نرى أن البحث في قضايا الجامعة ومشكلاتها وهمومها ومحاولات ايجاد حلول لهذه المشكلات من الموضوعات الحساسة التي تحتاج إلى رؤية ثاقبة وجهد اصيل يعنى به كل من يهتم بشئون الجامعة وقضاياها

العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً