العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ

المعارضة العراقية وآفاق المستقبل

من المتوقع ان تتوجه القيادات العراقية المعارضة في الخارج هذه الأيام الى العراق على جناح السرعة، حتى ولو سيرا على الأقدام، لاثبات وجودها على الساحة وبين الجماهير، وفي محاولة للقول بأنها تملك تأثيرا على الشارع الشعبي، بعد ان شاهدت عددا من منافسيها يدخل العراق ويجول ويصول بين القوات المتحالفة او بين مراكز القرار الديني والشعبي ويمهد الأرضية لنفسه للعب دور في مستقبل العراق السياسي.

غير ان هذه الرغبة الجامحة تصطدم لدى بعض هذه القيادات بحاجز الحظر الذي فرضته القيادة الاميركية عليها وعدم السماح لها بدخول العراق في المرحلة الحالية، ما يؤشر الى ان هذه القيادة ماتزال ترى فيها جانبا من خطر قد يؤثر سلبا على سير عملية تثبيت مواقعها على الارض أو يفرض تعديلا لبعض خططها المستقبلية، أو انها - أي القيادة الاميركية - ترى أن هذه الرموز المعارضة قد تشكل مدخلا لقوى اقليمية على علاقة بالوضع العراقي للتأثير على مجريات الأمور.

إذا ما كانت قوات التحالف الاميركي البريطاني قد تحملت عبء المعركة العسكرية الهادفة الى القضاء على النظام العراقي وازاحة صدام حسين عن موقعه الذي استمر فيه لأكثر من خمسة وثلاثين سنة، وقد استبعدت في هذا الاطار مشاركة القوى العراقية المعارضة التي تملك جناحا عسكريا في هذه العمليات، اما عن طريق الضغط ، واما عن طريق التهديد المباشر والتحذير الصريح، كما حدث مع المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي تلقى تحذيرا مباشرا يمنعه من تدخل الجناح العسكري التابع لـه (فيلق بدر) في أي تحرك ميداني يؤثر على سير العمليات للقوات المهاجمة، واستثنت من هذه العملية القوات العسكرية للفصيلين الكرديين لضرورات فرضتها الأزمة التي ظهرت على خط العلاقة بين واشنطن وانقرة.

فإن المرحلة الحالية، التي تشهد حديثا على المستوى الدولي عن تقاسم الغنائم، وأيضا تراجعا من قوى ودول كانت تعارض الحرب في البداية بهدف منع استبعادها عن المشاركة في العراق ما بعد الحرب (خصوصا المثلث الفرنسي الألماني الروسي) ، فمن الطبيعي ان تبدأ القوى العراقية المعارضة بجميع اطيافها ببحث موضوع مشاركتها وحصتها في أية تشكيلة او تركيبة قد يقدمها المتغلب - الأميركي - للعراق المأمول، خصوصا لدى المجلس الأعلى الذي بدأ يشعر ان الامور على الارض بدأت تخرج من بين يديه في ظل تحركات لبعض القوى ذات التمثيل السياسي والديني، وتحظى بقبول لدى الشارع العراقي الشعبي، وخصوصا الشيعي ودخولها الى العراق، او استعدادها للدخول اليه خلال الأيام المقبلة، كزيارة السيد عبدالمجيد الخوئي للنجف، واستعداد السيد محمد بحر العلوم لزيارة النجف خلال اليومين المقبلين.

وترى مصادر قريبة من المجلس الاعلى ان الكلام الذي يدور عن تولي وزير الخارجية الاسبق في العهد الملكي «عدنان الباجاجي» لرئاسة الادارة الانتقالية او أي اسم حملته، لـه ابعاد واقعية وقد يكون ممكنا، خصوصا ان الباجاجي يمثل خطا معتدلا وليبراليا قد يتوافق مع التوقعات الاميركية في العراق، مع التشديد على انه وهو الآتي من الطائفة السنية، يتمتع بقبول وصدقية لدى الدول الخليجية وتربطه علاقة وطيدة بدولة الامارات، ويشكل مصدر اطمئنان لهذه الدول التي تتخوف من اقامة حكم او نظام شيعي او على الأقل بغالبية شيعية على خاصرتهم، وبالتالي يشكل مصدر قلق للإدارة الاميركية التي لم تسمح حتى الآن لايران بالتدخل في أي من تفاصيل الوضع العراقي اما بإلهائها ببعض الاتهامات او باجبارها على معاجلة ذيول مخاوف ان يصل الدور لها لاحقا، وهو ما يقطع الطريق امام احتمالات تدخل ايران في المستقبل .

وترى المصادر ايضا ان المجلس لابد ان يصر على تنفيذ ما تم التوافق عليه في مؤتمر لندن، وتم تأكيده في مؤتمر صلاح الدين، بحضور ممثل الرئيس الاميركي زلماي خليل زاده في الملف العراقي، وهو التوافق الذي وزعت الحصص فيه على أساس التمثيل الشعبي الى حد ما، أو التمثيل الطائفي والقومي، والذي اعطى الشيعة نسبة 55 في المئة من التركيبة القادمة فيها 33 في المئة للمجلس الأعلى، بينما حصل السنة على نسبة 23 في المئة، والاكراد على نسبة 15 في المئة، والتركمان على 6 في المئة، وباقي الاقليات من آشوريين وكلدان وغيرهم على نسبة 1 في المئة، مع الوعد بان تكون الحكومة القادمة حكومة فيدرالية بين العرب والاكراد.

وتؤكد هذه المصادر ان الاسماء المرشحة من قبل المجلس والتي سيحارب المجلس لدخولها في أية تركيبة قادمة إلى الحكم، وقد تشارك باسمه ستتمحور في البداية حول اسمين، الاول هو شقيق رئيس المجلس «السيد عبدالعزيز الحكيم» الذي تولى دفة التفاوض مع الادارة الاميركية وتمثيل المجلس في مؤتمري لندن واربيل، الى جانب ممثل المجلس في العاصمة البريطانية «حامد البياتي» المرابط بالقرب من 10 داوننغ ستريت في لندن، وعلى تواصل مع مراكز القرار هناك.

وتضيف هذه المصادر ان عبدالعزيز الحكيم هو الأقدر على مواجهة أية ضغوط قد تمارسها الإدارة الاميركية على الاطراف العراقية، وخصوصا على المجلس الأعلى، لكنه من غير المعلوم ان يستطيع الصمود كثيرا بوجهها اذا ما حدثت، واذا ما كان في نية الادارة الاميركية اعادة خلط الاوراق من جديد بعدما تبينت لها المبالغات التي مارستها هذه القوى عن قوة تمثيلها وقدرتها بين الشعب وعلى الأرض، وهو ما جعل هذه الإدارة تعيد التفكير بجميع الوعود التي قطعتها لهم في السابق.

وتستدرك هذه المصادر القول إن التحرك الذي قام به عدنان الباجاجي، والمؤتمر الذي عقده أخيرا للقوى العراقية المستقلة واللبيرالية في العاصمة البريطانية، يأتي بعد افتضاح صورة تمثيل قوى المعارضة على الارض، وهو ليس ببعيد عن عين ورؤية الادارة في واشنطن، مع اصرارها على الاعتقاد بعدم لجوء واشنطن الى ضرب او تعديل التوزيع الذي توصل لـه المؤتمر الاول للمعارضة في لندن.

وترى هذه المصادر ان امكان تطبيق هذه التوافقات قائم، خصوصا اذا ما تم احترامها من قبل واشنطن، اما اذا ما حدث أي تغيير في ذلك فإن حصة المجلس الأعلى ستتأثر سلبيا وبشكل واضح في التركيبة القادمة، وهو أمر لم تستبعد هذه المصادر حصوله، لكنها أكدت ان قيادة المجلس مطمئنة الى ان الأوضاع لاحقا ستتغير لصالحها اذا ما أتيح للشعب ان يقول كلمته. واذا ما سمحت للمجلس بان يكون لاعبا حرا بعيدا عن التأثيرات الاقليمية والصديقة على حد سواء، لان هناك مخاوف من ان تكون قرارات وآراء قيادته خاضعة لتأثيرات اقليمية صديقة فضل عدم الخوض في أسمائها ودورها في هذه المرحلة

العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً