العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ

الحرب مستمرة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

الحرب مستمرة. هذا ما يمكن ملاحظته من قراءة دقيقة لتصريحات ومؤتمرات الكثير من المسئولين الأميركيين وتحديدا كتلة الشر الحاكمة في البيت الأبيض والمسيطرة على البنتاغون.

الحرب لاتزال في بدايتها كما قال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. فهناك ثمانية أهداف حددتها الإدارة الأميركية حققت الأول منها، كما قال رامسفيلد، وبقي منها سبعة أهداف. إسقاط تمثال صدام حسين في ميدان رئيسي في بغداد ليس انتصارا. الانتصار هو استكمال الحرب لتحقيق الأهداف الأخرى وهي كما يقول رامسفيلد ملاحقة الرئيس العراقي وأسرته والطاقم الحاكم، احتلال العراق كله والسيطرة على كل مناطقه وأراضيه، العثور على أسلحة الدمار الشامل، ملاحقة شبكات الإرهاب وتنظيماته الدولية والإقليمية، ضبط الأمن وحماية آبار النفط وتشغيلها، والعمل على تشكيل إدارة جديدة لا تشكل خطرا على الجيران، وغيرها من أهداف مثل تأمين المساعدات والعمل على وصولها إلى الناس.

إذن الحرب في بدايتها وستبقى مستمرة إلى أن تتحقق الأهداف، وستبقى القوات الأميركية منتشرة وموجودة طالما بقيت هناك حاجة إليها. فالفترة مفتوحة وغير محددة بزمن. حاجة العراق تحددها واشنطن، وواشنطن تحدد متى تنتهي الحاجة.

إنها لعبة كبيرة تقوم على قواعد متحركة الأهداف. فالكلام عن الحاجة يمكن أن يعطي سلسلة مبررات لبقاء القوات الأميركية إلى أمد غير منظور لأن البقاء ارتبط بسلسلة ملفات منها مثلا: العثور على أسلحة الدمار الشامل، وإذا لم يعثر عليها سيبقى التفتيش عنها مسألة مستمرة قد تمتد إلى خارج الأراضي العراقية بذريعة تهريبها إلى سورية وربما إلى إيران.

مثال آخر عن شبكات الإرهاب وملاحقة قواعدها. وهذا يعني أن العمليات العسكرية مستمرة في العراق وداخل حدوده وربما خارج الحدود بذريعة ملاحقة عناصر فارة إلى هذه الدولة أو تلك.

كلام رامسفيلد يحتوي على الكثير من العبارات الدالة على وجود حقول ألغام قابلة للانفجار في اللحظة التي تجد فيها الإدارة الأميركية أنها تمكنت من بسط سيطرتها على العراق وضمنت ولاء إداراته وحكومته وباتت قادرة على التفرغ لمهماتها الأخرى، وهي مهمات إضافية يمكن استنباطها من أهداف البنتاغون في العراق وما يفيض عن حدوده إلى الجيران ودول الجوار.

هذا الكلام لمح إليه قبل الحرب وأصبح أكثر وضوحا في مجرى تطور العدوان. وقبل دخول بغداد صرح رامسفيلد مرارا متهما سورية وإيران بدعم العراق عسكريا وسياسيا. وقام وزير الخارجية كولن باول بإلقاء كلمات غامضة، وأشارت تعليقاته إلى أن تصريحات رامسفيلد ليست تهديدات ولا إعلان حرب على سورية وإيران... لكنه أوضح الغامض منها بقوله إنها قد تتحول إلى ذلك إذا لم تفهم دمشق وطهران الرسالة وإذا لم تتعاون سياسيا على ضبط الوضع وحصره في دائرة العراق.

الحرب إذن لم تتوقف واحتمال انتشارها وانتقالها إلى خارج حدود العراق الجغرافية والدولية وارد... ليس الآن وإنما غدا. وغدا تعني الكثير فهي قد تكون بعد أشهر، وربما سنوات. ويرجح أن تكون حين تنتفي حاجة العراق إلى القوات الأميركية.

انتهت الحرب بالنسبة إلى المعارضة العراقية التي لم تطلق طلقة واحدة، بينما الحرب بالنسبة إلى البنتاغون مستمرة فهي بدأت ضمن خطة وستواصل مسارها بعيدا عن المعارضة، وعن العراق أيضا.

ما يعزز فكرة أن الحرب لم تنته، هو استمرار وصول القوات الأميركية إلى العراق، واستمرار تدفق أسلحة نوعية خطيرة بعضها تقليدي وبعضها يصل إلى حدود فاعلية «قنبلة نووية» صغيرة وتكتيكية.

تدفق القوات والأسلحة النوعية يؤكد أن العدوان على العراق لم يحقق أهدافه. فالرئيس الأميركي لم يعلن «الانتصار» حتى الآن ولم يطلق الاحتفالات بفوز كان يتوقعه العالم بأسره.

متى يعلن بوش «الانتصار»؟ هل ينتظر موت صدام وأسرته، أم يتوقع حصول حادث أقوى يشبه تلك الصور الدراماتيكية التي نشاهدها عادة في أفلام هوليوود؟

ربما ينتظر بوش تلك الصورة لإعلان نهاية الحرب على العراق. ويرجح أن رامسفيلد يحضر له مسرح المشهد (مشهد الموت الجماعي) في تكريت وضواحيها من خلال الضغط على مختلف القطاعات العسكرية في الجبهات القتالية. القوات الأميركية تضغط فاتحة الطريق أمام مختلف القطاعات العسكرية للتراجع والتجمع في تكريت قادمة من بغداد وكركوك والموصل.

الحرب مستمرة. وستتوقف مرحليا في العراق حين تتجمع القوات هناك في تكريت. عندها تسقط على بلدة صدام ومسقط رأسه (أم القنابل) ليعلن بوش نهاية الحرب في مشهد يذكِّر العالم بتلك المدينة التي كانت تدعى: هيروشيما

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً