هناك مسألة مهمة يجب أن ينتبه إليها كل مسئول سواء كان في القطاع العام أو القطاع الخاص، وهي انعكاس بعض القرارات أو الإجراءات الإدارية أو القانونية على نفسية الشارع؛ فالقضية لا تكمن في فرض هذا القانون أو الدخول في هذا المشروع، وإنما في مدى التأثير السلبي المحبِّط الذي يتركه على نفسية المواطن وخصوصا أصحاب الطبقة الدنيا. فإن عدم وضع هذه الطبقة ضمن قراءة التوازن لأي حدث أو مشروع قد يؤثر سلبا ويؤدي إلى احتقانات مجتمعية معيشية قد تتحول إلى ألغام مستقبلية.
فكل هذه الإجراءات تزيد من شيوع الإحباط في نفوس المواطنين وخصوصا أنها تأتي سراعا وفي سرعة ضوئية متتالية، وعادة ما تكون على حساب هؤلاء المواطنين من الطبقة المسحوقة في المجتمع، ونضرب أمثلة على ذلك:
- ظاهرة الخصخصة... عادة ما يدفع فاتورتها الناس العاديون والفقراء أو المثقلون بأعباء الديون والقروض.
- خصخصة البريد، خصخصة النظافة، خصخصة النقل العام.
- شحن السوق بشركات أخرى لـ «سيارات الأجرة» وهو على حساب «سائقي الأجرة البحرينيين» أيضا وهم المتضررون من فتح مزيد من التنافس بين الشركات؛ فالمسألة تعني هدم بيوت وانقطاع أرزاق.
- تغييب قانون النوخذة... المتضررون هم الصيادون الفقراء الذين راحوا ضحية استغلال بعض المتنفذين المسكونين بعقدة «التكويش»، فبعض المتنفذين يعمل ويجمع من القطاعين الخاص والعام ويزاحم الناس الفقراء حتى في اللقمة الصغيرة.
- عمليات التسريح في الشركات الكبرى، من هم ضحيتها؟ المواطنون «الغلابة». ويتساءل هؤلاء: لماذا لا يتم تسريح ولو 3 في المئة من الأجانب، على رغم أن كلفتهم تزيد أضعافا؟
- في ظل فتح المجمعات التجارية الكبرى تذهب الأسواق القديمة ضحية ذلك، فهي واقعة في كساد والضحية هم المواطنون أيضا، على رغم إمكان تطوير هذه السوق.
- أصبحت الشركات في الدول الأخرى تنافس شركاتنا الوطنية في كثير من البضائع. والمصانع المحلية لا تحظى بذلك الدعم... وكل ذلك يصبح على حساب الناس أيضا.
الزراعة في انتهاء، البحر في تقلص، الشركات تعاني من التسريح والعمال في القطاع العام يُمنعون من إقامة نقابات عمالية. والصحافيون مهددون بالسجن، والصحافة مهددة بالتوقيف، ورؤساؤها بالسجن إن تكلموا... والبطالة مازالت «محلك سر»، ودكاترة عاطلون عن العمل... و80 في المئة من الشعب محكوم بقروض مصرفية، وغلاء في المعيشة يفوق حتى الدول الخليجية التي عرفت بمجانية خدماتها على مستوى الكهرباء والماء والهاتف كما هو في قطر أو برخص بضائعها الاستهلاكية كما هو في الإمارات والسعودية والكويت... كل ذلك يضغط على ضمير المواطن وعلى تفكيره... وكل ذلك يسبب إحباطات كبرى واحتقانات.
ويبقى السؤال: أما آن الأوان لقطاعنا الخاص أن يتخلى ولو جزئيا عن جشعه؟... ومتى تقوم السلطة التنفيذية بالنظر إلى هؤلاء قبل النظر إلى الربحية وسياسة الضرائب المتفاقمة؟
إن المجتمع يزداد فقرا، ومؤشراته في ازدياد، والاحتقانات تبدد الاستقرار. وقديما قيل «الفاقة أم الجرائم»
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 216 - الأربعاء 09 أبريل 2003م الموافق 06 صفر 1424هـ