العدد 216 - الأربعاء 09 أبريل 2003م الموافق 06 صفر 1424هـ

الحروب على البلدان العربية والإسلامية ومصير شعوبها

أحمد عباس أحمد comments [at] alwasatnews.com

.

يتساءل المرء ما مصير شعب العراق بعد الحرب البريطانية - الاميركية عليه؟ الجواب حتما سيكون مبهما كدوافع غزو العراق. لو رجعنا عدة سنوات قليلة لتذكرنا كيف استطاعت البلدان الغربية وبالذات الولايات المتحدة الأميركية من تدمير اقتصاديات البلدان الاسلامية الناهضة من دول جنوب شرق آسيا، لمجرد الاشتباه بأنها ستدمر اقتصادياتها إذا تابعت النهضة التنموية وتحقيق معدل نمو يفوق 13 في المئة. فجأة شعرت اميركا بتعاظم خطر نهوض اقتصاديات نمور آسيا على اقتصادها القومي الذي يعاني من الركود والازمات المتتالية والفضائح المالية. وكانت ماليزيا واندونيسيا اهم رموز آسيا، وهي من طليعة البلدان الاسلامية عددا وعدة. الامر نفسه ينطبق على البلدان العربية والإسلامية الواقعة على ضفاف الخليج، فقد شعرت اميركا بان هذه البلدان تزداد قوة ورخاء اقتصادي وتنموي وارتفاع ملحوظ في دخل الفرد على حساب ازدهار ورخاء اقتصاديات البلدان الصناعية المشترية للنفط العربي والاسلامي، اميركا وسائر حلفائها الغربيين يعتقدون ان النفط حق دولي يجب ان تتحكم في اسعاره وتكنولوجيا استخراجه البلدان الصناعية، لذلك فانهم يعتبرون انفسهم شركاء اساسيين في ملكية هذا النفط، ووفقا لهذا المنطق الغربي فان سلوك حكام بلدان النفط يجب ان يضبط، واذا لم يساير اولئك الحكام المصالح الاميركية والغربية سيعتبرون هم وبلدانهم مارقين وخارجين عن القانون الدولي بحسب تفسير تلك الدول للقانون الدولي، وتستطيع هذه الدول ايجاد المبررات لمعاقبة الدول التي تطلق عليها المارقة. وكتحصيل حاصل، على اولئك الحكام عدم تجاوز الخطوط الحمراء المرسومة لهم بشراء اكثر مما هو مسموح من السلاح المتطور والاخلال بالمعادلة الشرق اوسطية. يجب الاخذ بالاعتبار ان القوة العسكرية محدوة بالسقف الدفاعي، من بين امور اخرى يجب ألا يتجاوز التسلح ميزان القوى في المنطقة، وهذا يعني ان ميزان القوة يجب ان يكون لصالح «اسرائيل» اهم عميل وحليف غربي في المنطقة.

من الطبيعي ان تؤمن الشعوب العربية والاسلامية بنظرية المؤامرة، وانها ضحية التجاذب السياسي بين السلطويين في البلدان العربية والاسلامية والدول الكبرى التي لا تخفي مطامعها في ثروات وخيرات البلدان الاسلامية، كتفرد اميركا بالسيطرة على النفط العربي عصب اقتصاد البلدان الصناعية. هذا الوضع المزري من عدم الاستقرار السياسي في اكثر البلدان العربية والاسلامية، سبب رئيسي في تراجع معدلات النمو الاقتصادي والرقي الحضاري والاجتماعي. الضحية دائما الشعوب العربية والاسلامية، وفي كل مرة تشن حربا في منطقة الشرق الاوسط تطول هذه الحرب الآف الارواح وربما ملايين الارواح من شعوب المنطقة التي لا ناقة لها ولا جمل، ولم تكن سببا في اندلاع تلك الحروب. وما يحصل في العراق الآن اكبر دليل على تسويق حجتنا. تصور مصير ومستقبل الشعب العراقي الذي وقع بين نارين، نار المتصارعين على السلطة في العراق ونار المعتدين الطامعين في ثرواته. قد يكون النظام العراقي مسئولا عن قتل الآلاف من معارضيه، ولكن ما ذ نب الشعب العراقي الذي يتعرض للقصف ليل نهار بالاف الاطنان من القنابل، والآلاف من الصواريخ العابرة للقارات والموجهة عن بعد ذات القوة التدميرية الهائلة، والالاف من الدبابات والمدافع والاسلحة الالكترونية المتطورة التي تحصد الالاف من الارواح في دقائق، حقا لقد بلغ السيل الزبا! نحن نتساءل إلى متى تتحمل الشعوب اخطاء الحكام من المعتدين والمعتدى عليهم؟

من شدة هول هذه الحرب فان كبار السن في البحرين الذين تربطهم علاقات عائلية وتاريخية واجتماعية في العراق انهار بعضهم، وفارق البعض الآخر الحياة، وبعضهم يعاني من اكتئاب من الصدمة وعدم قوة التحمل، او مشاهدة القتل والدمار في العراق على شاشات التلفزيون. الشعوب العربية والاسلامية لا تعرف ما هو مصيرها في ظل التهديد بالحرب الالكترونية من دون اي اعتبار لارواح المدنيين، لقد فقد الاميركان والبريطانيون وحلفاؤهم الاحساس بمعاناة الشعوب الاخرى، واصبحوا يسمعون فقط اصوات مصالحهم. السؤال المطروح الآن اين مصالح الشعوب العربية والاسلامية؟ هل يعرف مثلا حكام العراق وحكام العرب اين يقع مصير الشعب العراقي في الخريطة السياسية؟ لابد من وجود اجندة خفية للاميركان في المنطقة العربية. الغريب في الامر انه لم يقف اي حاكم عربي مع الشعب العراقي حتى ولو من باب مواساته على محنته، كما فعل تشرشل عندما انهارت تماما بريطانيا في الحرب العالمية الثانية وقال كلمته المشهورة لم يبق لنا غير الالم والمدوع. الحقيقة ان جميع حكام العرب يتابعون فصول مسرحية الرعب في العراق على التلفزيون كأية مسرحية هزلية اخرى، ومن كثر ما ان المسرحية مبهمة ولا يمكن الجزم بكيفية نهاية فصلها الاخير. مرة اخرى نجد ان الشعب العراقي والشعب العربي الذي يسانده بكل جوارحه هو الضحية، ويستعد لحرب استعمارية اخرى تشن عليه اما في سورية او ايران ويبقى مصير الشعوب العربية والاسلامية مجهولا، وتبقى خطط التنمية في البلدان الاسلامية والعربية مهددة باستمرارية الحروب في هذه المنطقة. نحن ندعو الحكام العرب إلى الوقوف بجانب شعوبهم ومصارحتهم بالاخطار التي تحوم حولهم قبل فوات الاوان

العدد 216 - الأربعاء 09 أبريل 2003م الموافق 06 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً