العدد 215 - الثلثاء 08 أبريل 2003م الموافق 05 صفر 1424هـ

التاجر البحريني صورته ليست سيئة في الصحافة المحلية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الندوة التي نظمتها «جمعية سيدات الأعمال» مساء الاثنين 7 ابريل/نيسان في غرفة تجارة وصناعة البحرين، وشاركت فيها نخبة من سيدات ورجال الأعمال وعدد من الصحافيين، كانت مهمة لاتسامها بالمصارحة بشأن هموم التاجر وهموم الصحافي وطبيعة العلاقة بينهما.

فلقد طرحت رئيسة جمعية سيدات الأعمال أفنان الزياني ورئيس غرفة التجارة خالد محمد كانو آراء وانطباعات عن الصورة التي يعرضها الصحافي عن التاجر، وان هذه الصورة سلبية، لأن الصحافة «تركز على نشر الأخبار والمقالات التي لا تعطي صورة موضوعية عن التاجر والقطاع الخاص، وتُظهر التاجر وكأنه شخص بشع وجشع لا تهمه سوى مصالحه الخاصة».

وأشار عدد من المتحدثين من سيدات ورجال الأعمال إلى أن الصحافة تنشر تحقيقات بعناوين مثيرة عن بعض المخالفات لهذا التاجر أو ذاك، ما يعطي انطباعا أن جميع التجار يخالفون القوانين، وهذا تجنٍّ وظلم يقع على التجار، كما ان الصحافة تنشر الأخبار التي توحي للقارئ بأن التاجر ضد البحرنة، بل ان أحد الكتاب وصف التجار بـ «غير الوطنيين» على حد تعبير أحد المتحدثين.

وعلى رغم ان عددا من الملاحظات التي أثيرت تحمل شيئا من الصحة، إلا أن الوضع اختلف خلال الفترة الأخيرة. ففي عهد ما قبل الإصلاحات كانت الصحافة ممنوعة من التعبير عن رأيها، وكان التاجر هو «الحائط المنخفض»، ونظرا إلى خشية التاجر من الحساسية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأخبار المنشورة عنه، فإنه يتصور أن أي حديث هو بالضرورة ضده أو أنه عدوان مباغت.

أما في فترة ما بعد الإصلاحات ـ التي نمر بها حاليا ونأمل استمرارها وعدم قمعها بواسطة قانون الصحافة والنشر المخالف للميثاق والدستور والمواثيق الدولية ـ فإن الصحافة المحلية انفتحت رويدا رويدا على مشكلات المجتمع، وفتحت النقاش عن مواضيع كثيرة، وعن وزارات ودوائر وقضايا كانت مجرد الإشارة إليها تؤدي بالمواطن إلى السجن. أما اليوم فإن هناك وزراء ومديرين وتجارا ومؤسسات وغيرهم يواجهون تحديات جديدة بسبب الانفتاح السياسي. والانفتاح السياسي يحمل في طياته بعض الازعاج، وهو أمر متوقع وموجود في كل المجتمعات المنفتحة، ولا يوجد حل لإلغاء هذا المصدر الازعاجي إلا عبر قتل الناس أو تطبيق قانون أمن الدولة. وفي كلتا الحالين فإن الطبيب يقتل المريض لتخليصه من الألم من دون معالجة المرض.

بصورة أولية، فإن علينا جميعا الإقرار بعدة حقائق، ربما تكون مزعجة للبعض. الصحافة طبيعتها البحث عن الخبر غير الاعتيادي والذي يجذب القارئ للصحيفة، وهناك صحافة إثارة وهناك صحافة جادة، وصحف الإثارة تستقطب أعدادا أكبر من القراء. وهذه المعادلة الصعبة تفرضها طبيعة العمل الصحافي، والمجتمعات بكل ألوانها تتحمل الصحافة، لأن الحياة من دون صحافة يعني فتح السجون وتوسيع المقابر لإسكات الناس، وهذه الضريبة التي ندفعها ليست كبيرة؛ لأن الوعي العام للناس يساعد على حماية طرف يتضرر من عمل صحافي غير متوازن أو يتضرر من ظلم واضطهاد وقمع للحريات. ومن جانب آخر فإن التغطيات الصحافية للأعمال التجارية والمشروعات الاقتصادية بحاجة لوفرة معلومات. هذه الوفرة غير موجودة في البحرين، لأن الجهات الرسمية لا توفر معلومات كافية والتاجر يتحفظ على أسرار المهنة، ولذلك فإن الخبر الذي تلتقطه الصحافة هو ذلك الذي يؤثر على الناس عموما. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الملف السياسي في البحرين طغى في الفترة الماضية على أي ملف آخر بسبب ما مرت به البلاد من ظروف، فإننا نتفهم انحياز الصحافة إلى الخبر السياسي أكثر من الخبر الاقتصادي.

غير أن الوضع بدأ فعلا بالتغير أخيرا، والصحافة بدأت تمارس دورا مختلفا عن ذي قبل، ولا تنشر أي شيء وكل شيء، خصوصا وان هناك اعتبارات كثيرة وجوانب عديدة لكل مشكلة اقتصادية. فتسريح الموظفين من شركة الاتصالات (بتلكو) تطرق إلى الجانب الإنساني للمتضررين من التسريح، ولكن تمت أيضا تغطية الجوانب الواقعية التي تحدثت عن ضرورة التغيير لكي تستطيع بتلكو المنافسة. وفي الوقت الذي غطت «الوسط» - على سبيل المثال ـ موضوع الموظفين، بادرت إلى الاتصال بالرئيس التنفيذي للشركة ونشرت جميع أقواله بالطريقة التي طرحها من دون إضافة أو نقصان.

وكذلك الحال مع شركة طيران الخليج، إذ قدرت «الوسط» الدور الذي تلعبه الإدارة الجديدة لحماية وظائف مئات العوائل البحرينية، ولم تنشر كل ما يصلها من قضايا ربما تكون جانبية، مثل ادعاء البعض بأن الإدارة الجديدة استجلبت معها نساء ورجالا من خارج البحرين للقيام بأعمال يستطيع البحريني القيام بها. لم نعطِ هذا الموضوع أهمية ولم نركز عليه لاعتقادنا بأن الإدارة الجديدة قامت بعمل مهم للحفاظ على طيران الخليج من الزوال.

كما أننا نطرح ما تقوله وزارة العمل عن ضرورة البحرنة، ولكننا أيضا نطرح آراء رجال وسيدات الأعمال الذين أوضحوا عقم أساليب الوزارة التي تبحث عن حل لشعارات سياسية، ولا تضع برامج عملية تنفع البحرين على المدى البعيد. وفي الوقت الذي استعرضنا خلال الفترة الماضية بعض التجاوزات من عدد قليل من رجال الأعمال شرعنا في طرح وجهة رجال الأعمال قدر الإمكان. بل اننا طلبنا من عدد منهم الكتابة في صفحات الرأي لشرح وجهات نظرهم بصورة مستمرة. ولكن المشكلة أن كثيرا من رجال الأعمال لا يحبذون ذلك ويودون من الصحافي القيام بذلك الدور عنهم، وهذا يتعارض مع الأسس الصحيحة للمهنة الصحافية. فالصحافي يلزمه أن ينشر الخبر بصدق وإخلاص حتى لو تعرض للتهديد من بعض المؤسسات والمصارف والدوائر والأشخاص بقطع الإعلانات عنه. يجب أن يكون لدينا ميثاق شرف بين جميع الصحافيين، لأن الصحافي إذا رضخ لتهديد هذه الشركة، وذلك الفندق وتلك المؤسسة خوفا من خسارته الإعلانات فإنه يتحول إلى موظف علاقات عامة لبعض الفئات. ولذلك فإننا في الوقت الذي سعينا ونسعى إلى تعزيز التغطية الخبرية والتحليلات الاقتصادية، فإننا نطرح ميثاق شرف يحفظ لرجال الأعمال مجالاتهم المهمة في حياتنا، ويحفظ لنا مجال عملنا الذي يخدم الوطن والمصلحة العامة ويخدم رجال الأعمال والمواطنين جميعا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 215 - الثلثاء 08 أبريل 2003م الموافق 05 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً