العدد 213 - الأحد 06 أبريل 2003م الموافق 03 صفر 1424هـ

مخاوف أوروبية

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

هناك مخاوف كثيرة بدأت تُقلق دول الغرب وتحديدا الاتحاد الاوروبي من نمو نزعة «العسكرة» في الولايات المتحدة، واستقواء الجناح المتطرف (أشرار البنتاغون) بنجاحاته في حروبه الخاصة ضد افغانستان والآن ضد العراق... وربما غدا ضد ايران وسورية وكوريا الشمالية.

بعض دول الاتحاد الاوروبي يرى ان استمرار نمو قطاع الصناعات العسكرية في اميركا على حساب القطاعات الاخرى سيؤدي إلى تعزيز طموح السيطرة والافراط في استخدام القوة أسلوبا وحيدا في حل المشكلات السياسية او الازمات المتعددة في العالم.

وفي حال اعتُمدت هذه الوسيلة استراتيجية عامة باسم «الضربة الاستباقية» فإن المخاطر المحتملة لن تقتصر على دول «العالم الثالث»، بل يرجح ان تنتقل تلك العقلية الاستبدادية (المغلفة بأيديولوجية مسيحية متطرفة) إلى نوع من الاستعلاء العنصري ضد دول متقدمة في أوروبا كما سبق وأعلن وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد حين وصف المانيا وفرنسا بـ «اوروبا القديمة».

ويذكر أن موازنة الولايات المتحدة الدفاعية وحدها تساوي مجموع موازنات أول 15 دولة في العالم اقتصاديا، وهناك من يؤكد أن الرئيس الأميركي يحاول دفع الموازنة الدفاعية من 372 مليارا في السنة إلى 416 مليارا، الأمر الذي يضع الولايات المتحدة، الدولة الأكثر انفاقا على التسلّح من مجموع دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والهند، كأكبر موازنة. أي ما يساوي مليارا و200 مليون تقريبا في اليوم، وهي أكبر موازنة في التاريخ البشري المكتوب.

والمشكلة كما يرى بعض قادة دول الاتحاد الاوروبي ان هذا النوع من التفكير الذي يقوده رامسفيلد في البيت الابيض سيثير المزيد من الازمات في وجه اوروبا التي تتميز بقوة اقتصادية منافسة للولايات المتحدة، ولكنها لا تملك القدرات العسكرية للدفاع عن نفسها وحماية مصالحها من هجمات يفتعلها البنتاغون بقصد اذلال اوروبا واشعارها بانها «قوة اقتصادية» لا تستطيع الاستغناء عن المظلة الاميركية.

ويرى هؤلاء ان التحدي الاميركي الجديد لم يعد كما كان في الخمسينات والستينات يقتصر على الاقتصاد والتكنولوجيا والتنافس على الصناعات المدنية. التحدي الآن انتقل من مجال القطاعات الاستهلاكية إلى تكنولوجيا «الموت» وابتكار أحدث الاختراعات لتقوية نزعة الحرب كإطار لفتح الاسواق وتشغيل مختلف القطاعات الاقتصادية باشراف الجناح العسكري وقيادته.

أوروبا إذا امام مفاجأة استراتيجية وهي مضطرة الآن إلى ان تختار بين امرين: إما الخضوع وقبول الحماية الاميركية وتمويل آلتها مقابل هذه الخدمة، وإما الدخول في سباق مع الولايات المتحدة على التسلح كما كان الأمر ايام الحرب الباردة والاتحاد السوفياتي.

وفي الامرين مرارة. فالأول سيئ وهو يعني الانحناء امام «الجبروت» الأميركي. والثاني مخيف لانه يعني تغيير نمط حياة الشعوب الاوروبية باقتطاع أجزاء من رفاهيتها لاعادة توظيفها في الصناعات العسكرية لمنافسة الولايات المتحدة على اسواق العالم

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 213 - الأحد 06 أبريل 2003م الموافق 03 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً