في 9 مارس/آذار 2003 وافقت الجمعية العمومية غير العادية لبنك انفستكورب على اقتراح مجلس الإدارة دمج كل 1000 سهم قديم بقيمة اسمية 0,25 دولار في سهم واحد جديد بقيمة اسمية 250 دولارا وجعل الحد الأدنى لملكية الأسهم هي 100 سهم جديد، أي ما يعادل 100000 سهم قديم. وقد وضع انفستكورب صغار المستثمرين الذين يملكون أقل من 100 سهم جديد والمساهمين الآخرين الذين يملكون أسهم كسور نتيجة عملية الدمج (وسميت هذه الأسهم بالأسهم «غير المطابقة») أمام أحد خيارين: إما شراء عدد من الأسهم القديمة بسعر 1,40 دولار للسهم الواحد يمكنهم من استكمال الحد الأدنى المطلوب وهو 100 سهم جديد أو مضاعفاته، أو بيع هذه الأسهم إلى بنك انفستكورب نفسه بسعر 1,55 دولار للسهم الواحد.
هذا المقال يحاول الإجابة عن الأسئلة الآتية:
1) ما تبريرات انفستكورب لهذا العمل وهل هي مقنعة؟
2) ما خيارات صغار المستثمرين؟
3) هل يحق شراء أسهم بسعر وأسهم أخرى من الفئة نفسها بسعر آخر؟
4) هل عرض انفستكورب سعرا عادلا لشراء أسهم صغار المساهمين والأسهم غير المطابقة؟
5) ما تأثيرات دمج الأسهم على سيولة السهم في السوق؟
6) هل يحق لانفستكورب إخراج صغار المساهمين ومالكي الأسهم غير المطابقة بالطريقة التي تم إقرارها في الجمعية العمومية غير العادية؟
تبريرات انفستكورب
برر بنك انفستكورب خطة الدمج هذه ـ كما جاء في مذكرة المعلومات المعلنة في الصحافة المحلية في 15 مارس 2003 ـ بأنها ستمكنه من «تأسيس علاقة أوثق بمساهميه والعمل معهم في شراكة تهدف إلى تعزيز مركز انفستكورب في توفير الاستثمارات البديلة (أي الاستثمارات في شراء وبيع الشركات وصناديق تغطية المخاطر)... ومن الاستفادة من الفرص التي يوفرها تعافي الأسواق من الهبوط الحالي... وأن يعمل يدا بيد مع قاعدة مساهمين متكاتفين معه وملتزمين تجاهه... كمجموعة يتوافر لديها التقدير والاهتمام لما يعرضه انفستكورب من منتوجات... ما يؤدي إلى نمو مداخيله». وقد يكون من المفيد لانفستكورب حصوله على مساهمين استراتيجيين من النوع الذي تتحدث عنه مذكرة المعلومات لتعزيز موقعه في سوق الاستثمارات البديلة، ولكن من غير المفهوم كيف وصل انفستكورب إلى النتيجة القائلة إن «مصالح مساهميه تتم خدمتها بشكل أفضل من خلال إبقاء عدد أقل من المساهمين» كما تقول مذكرة المعلومات السابقة. ولا أدري مصالح مَنْ ستخدم من إخراج صغار المساهمين بشكل قسري. وقد يكون أحد أسباب هذا الدمج راجع إلى رغبة انفستكورب في تغيير الطريقة التي يتم فيها اعلان النتائج ربع السنوية إذ تعتقد الإدارة بأن عمل المؤسسات الاستثمارية القائم بشكل كبير على عمليات محدودة تحدث في وقت معين كل عام تشوه النتائج ربع السنوية وتجعلها غير ذات فائدة. وعلى رغم صحة هذه المقولة فإن خطر عدم الإفصاح الدوري عن المعلومات (التي تطلع عليها الدائرة القريبة من مجلس الإدارة والمسئولين التنفيذيين بينما لا تعرفها غالبية المساهمين) أكبر بكثير من سوء الفهم الذي تحدثه معلومات يساء تفسيرها.
خيار وحيد لصغار المستثمرين
الحقيقة هي أن هناك خيارا وحيدا لصغار المستثمرين وهو خيار بيع أسهمهم لانفستكورب إذ لا يستطيع المستثمر البسيط توفير المبلغ الكبير المطلوب لإكمال تملكه 100 سهم جديد تعادل قيمتها 140000 دولار. لذلك ليس من المستغرب أن يعتقد انفستكورب بأن بإمكانه تقليص عدد مساهميه من 7000 مساهم إلى حوالي 200 أو 300 مساهم من خلال عملية الدمج هذه، وهذا ما دفع بعض المساهمين إلى الاعتقاد بأن انفستكورب تقوم بطردهم قسرا باعتبارهم مساهمين.
الشك في قانونية وجود سعرين للسهم نفسه
قدم انفستكورب عرضه لإعادة شراء الأسهم غير المطابقة لفئتين: فئة الأسهم الصادرة حديثا في ديسمبر/ كانون الأول 2002 ضمن عرض الحقوق لـ 400 مليون سهم وعرض 1,75 دولار لشرائها وهو سعر إصدارها، وتلك الأسهم الصادرة قبل ذلك التاريخ وعرض لشرائها 1,55 دولار. ويبدو أن ما قام به البنك منطقي وعادل في الوقت نفسه، إلا أن هناك شكا في قانونية هذا الإجراء. فأسهم الحقوق العادية الصادرة في ديسمبر هي من فئة الأسهم العادية نفسها الصادرة قبلها أي أن لهما حقوقا متساوية في الأرباح والتصويت وغيرهما (في المذكرة الخاصة بمعلومات الإصدار المؤرخة في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 قال البنك إن «أسهم الحقوق ستكون متطابقة في جميع النواحي مع الأسهم الموجودة حاليا»)، لذلك فقد لا يكون من الممكن قانونا التمييز بينهما فيما يتعلق بسعر إعادة الشراء، وقد يكون من حق أي مساهم المطالبة بالمعاملة بالمثل والحصول على 1,75 دولار للسهم الواحد.
سعر عادل لإعادة الشراء
قام انفستكورب بعرض سعر أكثر من عادل فيما يتعلق بإعادة شراء الأسهم، إذ عرض مبلغ 1,55 دولار للسهم القديم في حين أن سعر السوق الحالي هو 1,40 دولار (وربما يكون في الواقع أقل من ذلك إذ حصل البنك على 1,12 دولار كمعدل للسهم الواحد في إصداره الأخير). وقد احتج بعض المساهمين على هذا العرض مبررين ذلك بأنهم اشتروا الأسهم في السنوات القليلة الماضية عندما كان سعره يتراوح بين دولارين وأربعة، ما يعرضهم لخسارة نتيجة بيعهم هذه الأسهم بالسعر المعروض. غير أن خسارتهم «الدفترية» هي خسارة حقيقية فالأسواق هي التي تحدد قيمة الأشياء ـ وليس سعر شرائها ـ وعرض انفستكورب الحالي لشرائها لن يزيدها سوءا بل هو أكثر مما تستحقه هذه الأسهم حاليا.
تأثر سيولة السهم
إن أحد أهم الاعتراضات بنظري هو أن دمج الأسهم سيؤدي إلى فقد سيولة السهم في السوق. فعندما ينخفض عدد المساهمين من 7000 مساهم إلى 200 أو 300 مساهم ويصبح الحد الأدنى للاستثمار هو 140000 دولار ويكون الهدف من تقليص العدد هو بقاء المساهمين الاستراتيجيين الذين يستثمرون في منتوجات البنك الاستثمارية فإن النتيجة الحتمية لذلك هو انخفاض شديد في بيع وشراء الأسهم بحيث يتعذر الحصول على سعر عادل في أي وقت ويطول انتظار البائع قبل الحصول على مشتر يقبل الشراء بسعر عادل والعكس صحيح. وهذا الأمر يضر بالمساهمين الذين يملكون أكثر من 100000 سهم قديم وبالتالي لا يشملهم عرض انفستكورب إلا جزئيا فيما يتعلق بكسور المئة سهم الجديدة. وبخطوته هذه يتحول انفستكورب إلى شيء هجين بين الشركة المساهمة العامة والشركة الخاصة وهي سابقة في السوق المحلية.
ماذا عن المساهمين الذين اشتروا أسهما في نهاية العام الماضي بسعر 1,75 دولار ويملكون أكثر من 100000 سهم؟ وهل من العدل أن تتغير قواعد اللعبة على هؤلاء خلال 3 أشهر؟ بحسب الخيار الذي سمح به البنك فإن مثل هؤلاء لا يحق لهم بيع غير الكسور، لذلك فإذا اشتروا أسهما بسعر 1,75 دولار فإن في غير استطاعتهم استرداد استثمارهم إلا ذلك الجزء المتعلق بالأسهم غير المطابقة. وكان من العدل أن يقوم انفستكورب بشراء كامل أسهمهم إذا اختاروا ذلك إلا أن ذلك سيوقعه في الإشكال القانوني نفسه في التمييز بين المساهمين من فئة الأسهم العادية نفسها.
ولكن كيف منحت وزارة التجارة وسوق البحرين للأوراق المالية ومؤسسة نقد البحرين موافقاتها على دمج الأسهم؟ وهل تمت مراعاة مصالح جميع الفئات المتضررة قبل إعطاء الضوء الأخضر لانفستكورب ليتحول إلى شركة مساهمة لا يقبل فيها إلا أعضاء نادي الأغنياء؟ أتمنى أن تكون لدى هذه الأطراف إجابات مقنعة للأسئلة المطروحة من قبل المستثمرين أو أن تكون أكثر حوطا في المستقبل لتجنب ما أعتقده إخفاقا في تقديرهم لجميع جوانب موضوع دمج الأسهم
العدد 213 - الأحد 06 أبريل 2003م الموافق 03 صفر 1424هـ