العدد 213 - الأحد 06 أبريل 2003م الموافق 03 صفر 1424هـ

الموال يناجي المقام... ويتسامى الشهداء

هل غادر (الشهداء) من متردم؟!... هو مارس/آذار نفسه... آذار الفلسطيني الذي منح الأرض فضاء جديدا قبل 27 عاما، أعطاها صندوق أسراره، ووصاياه... وأقام فيها الى ما شاء الله. في الثلاثين من آذار من العام 1976، تفجرت الأرض الفلسطينية العربية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحيفا والناصرة وعكا، تحت أقدام المحتلين اليهود، على اثر استشهاد ستة فلسطينيين في مناطق الجليل والمثلث، إذ ما لبث أن تحول هذا الحادث إلى مواجهات شرسة قدم فيها الفلسطينيون مثالا مشرفا في الذود عن تراب الوطن الغالي، ليصبح ذلك اليوم رمزا لوحدة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لمؤامرات التجزئة على مدى أكثر من قرن مضى. تعود علينا ذكرى يوم الأرض في الوقت الراهن بنكهة ليست فلسطينية، وحسب، وإنما يأبى آذار إلا أن يحمل إلينا دائما صور البطولة العربية المتجددة، التي راهن الكثيرون على اندثارها، فها هو الشعب العراقي يدافع عن تراب وطنه ضد القوى الإمبريالية الغازية، التي لا تنظر إلى الأرض العربية إلا بصفتها فوهات ضخمة لآبار نفطية، غير أن الصمود المشرف للعراقيين، أكد لهم أن البلاد العربية، يمكن أن تكون كذلك فوهة للنار، تفتح عليهم أبواب جهنم. يأتي آذار متجددا هذا العام، بقوافل جديدة من الشهداء، يختلط فيها الموال الفلسطيني، بالمقام العراقي، ليعزفا معا أنشودة للصمود الذي يسطر لوحة فنية مشتملة على جميع معاني الصمود والإباء ورفض الركوع والهيمنة لقوى الاستعمار الجديد. البوصلة لم تعد برأس واحدة، وإنما هناك إبرتان تؤشران إلى فلسطين والعراق، مثالين للإباء العربي في زمن تتراجع فيه الخيارات، وتطغى فيه مصالح الشركات الكبرى، والقوى الامبريالية الجديدة على المشهد العالمي. ولكن تبقى ذكرى يوم الأرض ماثلة في الأذهان، بصفتها ذكرى فداء رسم ألقها الشعب الفلسطيني مع مطلع كل فجر، رافضا جميع الحلول الوسطى، وغير قابل إلا بالحل النهائي العادل لمأساة إنسانية اكتسبت صفة التبجيل، على مدار عقود طويلة. أما (آذار) العراقي، فهو تجدد الدم وطرح الفاسد منه بعيدا عن الجسد العربي، انه آذار أم قصر، والبصرة، والناصرية، وكربلاء، والنجف إذ العمليات الاستشهادية التي يتعانق فيها الكبرياء الفلسطيني مع الشموخ العراقي. فهل يعرف الغازون الجغرافيا العربية بتاريخها، أم أنهم راسبون في امتحان التاريخ؟! اعتقد أن بوادر رسوبهم باتت واضحة، وجلية للعيان.

يقول «الدرويش»:

في شهر آذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال/ وتأتي العصافير غامضة كاعتراف النبات/ وواضحة كالحقول/ إن الشعوب ستدخل هذا الكتاب وتأفل شمس أريحا/ بدون طقوس/ فيا وطن الأنبياء... تكامل!/ ويا وطن الزارعين... تكامل/ ويا وطن الشهداء... تكامل/ ويا وطن الضائعين... تكامل/ فكل شعاب الجبال امتداد لهذا النشيد/ يا أيها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها/ احرثوا جسدي!/ أيها الذاهبون إلى جبل النار/ مروا على جسدي/ أيها الذاهبون إلى صخرة القدس/ مروا على جسدي/ أيها العابرون على جسدي/ لن تمروا/ أنا الأرض في جسد/ لن تمروا/ أنا الأرض في صحوها/ لن تمروا/ أنا الأرض، يا أيها العابرون على الأرض في/ صحوها/ لن تمروا/ لن تمروا/ لن تمروا





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً