العدد 213 - الأحد 06 أبريل 2003م الموافق 03 صفر 1424هـ

ابني المتعصب.... حوارية ناقصة وعرض أقرب إلى الورشة

العدلية - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

يبدو أن الولع الشرقي بات ملازما للفنان عبدالله السعداوي في أعماله، فبعد تقديمه لمسرحية «الطفل البريء» قبل سنوات، وهي مأخوذة عن رواية هندية، يعود في آخر عروضه المسرحية «ابني المتعصب» مرة أخرى إلى الأجواء الشرقية، ولكن برهان مختلف هذه المرة. فالعمل الأخير مأخوذ عن قصة قصيرة لأحد الكتّاب الباكستانيي الأصل «حنيف قريشي» وهو كاتب وأديب مشهور في الغرب وله الكثير من الأعمال على مستوى الرواية والمسرح والقصة القصيرة والكتابة للسينما.

ومسرحية «ابني المتعصب» فاتحة هذا الموسم المسرحي الذي تأخرت عروضه إلى الشهر الرابع، فكانت المسرحية بمثابة إلقاء حجر في هذا الركود المقيت، عن طريق اختبار بعض الأدوات الفنية بجهود ووجوه مازالت في مقتبل التجربة... كما أن هذا العرض استند إلى اقتصاد كبير نراه للمرة الأولى، إذ كانت الثيمة الأساسية ترتكز على تشييد حوارية بين عدة أطراف مختلفة... حوارية تمحورت حولها قصة قريشي، وزاد عليها السعداوي من نصوص أخرى لتخرج موضوع الاختلاف الحضاري بين أبناء المهاجرين أو ثنائية (الأب/ الابن)، إلى خلاف حضاري أكبر وأكثر تعقيدا، يمس اللحظة الراهنة بكل ما تحمله من التباسات.

في «ابني المتعصب» تم إلغاء كل شيء تقريبا، فالسواد القاتم، والاكتفاء ببقعة ضوء بسيطة بالكاد تبرز ملامح الوجوه... كان الشكل العام للعرض... لقد كانت المشاهدة غير الواضحة والمقصودة من وجهة نظر المتفرج اقتراحا آخر ينحاز لإعطاء الأولوية للحس السمعي على حساب البصري، ربما بقصد إتاحة المجال بشكل أكبر لإعمال الخيال... وإشراك المتفرج في اللعبة المستندة إلى إنارة خفيفة للغاية.

يبدأ العرض المسرحي بموسيقى الكوالي الشهيرة بصوت نصرت علي فتح، تتبعها مباشرة أغنية أجنبية تتردد فيها كلمة «أميريكا... أميركا»... أميركا التي أراد السعداوي أن يهجوها من خلال الاختلاف بين قطبي المسرحية: برويز (الأب) منذر غريب، وعلي (الابن) حسين العريبي، إذ بدت على الأخير أمارات التديّن، وهو ما يستنكره الأب على ابنه، ويدخل معه في سردية طويلة، تتخللها تدخلات من الرواة، أو عبر اقتحام شخصيات أخرى للمشهد إذ نالت شيئا من الضوء الطفيف، وحضرت بصوتها، وبشيء من ملامحها، أو استعاض عنها بقناع كما هي الحال مع صديقة برويز.

إن الحوارية التي أرادها السعداوي في عرضه، كنوع من الأفعال المرئية والمسموعة، هي طريقة تأويل قد تكون مقبولة لما يحتويه النص من معان، وإشارات خفية تقودنا إلى ذلك الكم المركب من التفاصيل والسلوكيات... والقريب مما تخيلناه من صور كامنة فيما وراء النص.

وكعادة السعداوي فحضور قريشي لا يتجاوز أكثر من كونه محركا، باعثا للأفكار ومحفزا للاكتشاف، بل جاءت المسرحية، مبتعدة كلية عن التعقيد من حيث الحركة وهي محدودة جدا، وكذلك الحوارات المقررة، أو وسائل اللعب المختلفة كالاستعانة بالرواة، أو توظيف الموسيقى، إذ أبلى حسين العلوي بلاء حسنا طوال العرض بعزفه على الجيتار.

والعرض عموما تتجاذبه أطراف محدودة، ما يخلق إحساسا بأن الاقتصاد يخدم في شد الانتباه إلى المنطوق الذي يتلفظ به الممثلون. ولا شك في أن العرض لا يمضي على هذه الشاكلة، بل يستثمر السعداوي مقولات القصة الأساسية، ويوظفها بشكل حوار مباشر.

لقد راهن المخرج هذه المرة على تحويل العرض إلى منطقة أخرى تحاول التحاور مع العقل، وإعطاء هذه الفكرة الأولوية، ما أفضى إلى إقصاء ممكنات كثيرة مغرية بطبيعة الحال، ومع الإقرار بجدة الفكرة... ومحاولة توجيه الخطاب برمته إلى هذه الحوارية، التي تتجه نحو وجهة واحدة، وهي إدانة الغرب الملحد العلماني القاتل للأبرياء، إلا أن سمو الهدف، أو جدة الفكرة وهي السردية التي تحيلنا على أنماط معينة من القص الشعبي البائد، قد أثر فيها الإرباك الواضح الذي بدا على بعض ممثلي العرض - الرواة - الذين حاولوا لكنهم لم يبلغوا الهدف باستمرار، وتحوّل العرض في كثير من الأحيان إلى نفس خطابي وعظي، وحتى الإضاءة الكاشفة وسط السواد القاتم عن بعض تقاطيع الوجه، وعلاماته، وإن ظهرت لافتة أحيانا إلا أن ما تكشفه أو تحاول التسليط عليه ينطوي تحت لواء العادية.

لقد بدا «ابني المتعصب» أقرب إلى الورشة التدريبية أكثر من كونه عرضا مسرحيا، فيمكننا الإلماح إلى نقاط تميز، لكنها تظل منعزلة منفصلة، وليست خادمة للعرض ككل.


مسرح الصواري يعرض بورتريه

الوسط - المحرر الثقافي

يواصل مسرح الصواري تقديم عرضه المسرحي «بورتريه»، الذي انطلقت أول عروضه يوم السبت الماضي. و«بورتريه» مسرحية معدة عن قصة قصيرة للأديبة السورية غالية قباني، وهي من إخراج عبدالله السعداوي، وتمثيل كل من خالد الرويعي، وباسل حسين. ويشارك فيها فريق عمل فني مؤلف من: خالد الرويعي، وحسين العريبي، وباسل حسين، وعبداللطيف الصحاف للسينوغرافيا، وإسحق عبدالله للمتابعات العامة.

يقام العرض في الثامنة والنصف مساء، بمقر الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بالعدلية، ويستمر حتى الأربعاء المقبل 9 أبريل / نيسان الجاري. يذكر أن العرض يأتي في سياق احتفالات الصواري بيوم المسرح العالمي، إذ سبق وأن قدم المسرح الأسبوع الماضي مسرحية «ابني المتعصب» من إخراج السعداوي، وسيعرض لاحقا مسرحية بعنوان «الحياة ليست جادة» للسعداوي أيضا، والتمثيل لرانيا غازي.

«ابني المتعصب». تأليف حنيف قريشي. إعداد وإخراج عبدالله السعداوي. تمثيل: منذر غريب، وحسين العريبي، ونجيب باقر، وحسين عبدعلي، وعصام ناصر. السينوغرافيا محمود الصفار. الصوت نجيب باقر، ومحمود الصفار. تنفيذ الصوت باسل حسين. موسيقى حسين العلوي. مكان العرض مقر مسرح الصواري بالعدلية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً