العدد 212 - السبت 05 أبريل 2003م الموافق 02 صفر 1424هـ

ديوان الخدمة المدنية والسرب المفقود

رياض ضيف comments [at] alwasatnews.com

-

الديمقراطية نظام حكم ومذهب سياسي يتمتع بالرأفة والتيسير وبتخفيف وطأة السلطة ويتم في النظام الديمقراطي تدبير امور المجتمع بطريقة توافقية تحفظ كرامة الانسان وحرية الرأي والمشاركة في العمل السياسي والمشاركة في صنع القرار من دون الانزلاق في متاهات الفوضى والانفلات والاستهتار.

ولتطبيق الديمقراطية يتوجب وجود النية الصادقة والمخلصة لدى الجميع حاكما ومحكومين في السعي لتطبيقها. ولتطبيق الديمقراطية يجب تحديد المنهج والآليات لترسيخ قواعد النظام الديمقراطي وذلك ايضا يستوجب اجراءات تتميز بالقدرة على تحقيق التلاؤم والتوافق تمهيدا لتطبيق النظام الديمقراطي نظام حكم يشمل جميع نواحي الحياة.

وعلى ما يبدو، أن هذا المفهوم المبسط للديمقراطية كأنه كائن غريب يعيش بمنأى عن القائمين على ديوان الخدمة المدنية، ويبدو انهم استيقظوا متأخرين وبعد سبات طويل دام ثلاث سنوات ظهروا بتصريح لا يقبل وغير قابل للصرف في هذه المرحلة، وهذا يذكرني بشباب أهل الكهف وذلك عندما استيقظوا من نومهم الطويل، ارسلوا احدهم ليشتري لهم طعاما وقد فوجئ البائع بالعملة المعدنية التي قدمها له ذلك الشاب فهي غير قابلة للصرف بل ايضا من دواعي المستحيل تصديق وجودها وتداولها في هذا الزمن، وهكذا وكأن هذا الديوان يقول إن الشمس يجب ان تشرق من مكاتبنا وهي مخالفة صريحة لتصريح الملك بشرعية تشكيل العمال للنقابات العمالية. وهكذا عندما اراد ان يغرد تغريدا نشازا بمنع تشكيل النقابات العمالية في الوزارات والدوائر الحكومية.

ان فهم مواد الدستور كيفما يريد هذا الديوان لا يعطيه الحق في تفسير بما يتوافق مع العقلية التي يعمل او يريد ان يعمل بها والاهم من ذلك انها ليست الجهة التي يدخل من ضمن صلاحيتها واختصاصها تفسير مواد الدستور وإنما ذلك هو من عمل المحكمة الدستورية، وهنا ايضا تجاوز وتهميش لسلطة اخرى.

ويبدو ان ديوان الخدمة المدنية اراد بهذا التعميم ايضا اللعب من تحت الطاولة وان يمرر الذرائع تمريراِ غير نزيه للقطاع الخاص لمنع أو إعاقة اي تشكيل عمالي قد يقوم بهذا القطاع، وان تم تشكيل نقابة في احدى مؤسسات هذا القطاع فإنه لا يعترف بوجودها ويهمشها ويعرقل عملها كما حدث في شركة الخليج حين اتخذت إدارة تلك الشركة بعض الاجراءات والتي قد تعصف بتلك النقابة ومنها تغيير طبيعة وظائف قيادات النقابة وابعادهم إلى وظائف تحجم من حركتهم وسط العمال وكذلك محاولة الضغط النفسي عليهم من خلال تعميمات تحظر عليهم حضور اجتماعات النقابة المختلفة داخل دائرة العمل وخارجها في اوقات العمل واعتبار العمل القابي هو مجرد عمل تطوعي على القيادات النقابية ان تمارسه بعد الدوام الرسمي وايضا التلميح إلى نقل القيادات النقابية البارزة إلى العمل خارج البحرين.

في الدول الديمقراطية والمتحضرة تعتبر الكيانات الشعبية والهيئات الحقوقية والمهنية والنقابات العمالية دعامات اساسية في البناء الديمقراطي والتنموي يتم من خلالها المشاركة في صنع القرار والعمل السياسي وطرح القضايا العامة للشعب للمشاركة في معالجتها ولا يقتصر ذلك على فترة الانتخابات فقط.

لانجاح ما يحمله المشروع الاصلاحي من طموحات تخدم المجتمع وتحويلها إلى واقع ملموس يجب ان نعتمد الانتقائية النوعية بدءا من اصحاب القرار في الوزارات والدوائر الحكومية والتي لا تستطيع لافتقارها الأسس العلمية الصحيحة والكفاءة الفكرية الخلاقة لمواكبة ذلك المشروع وإحلال دماء شابة جديدة مكانها تحمل افكارا تتميز بالقدرة على احداث تغيير جذري لما هو سائد وتتميز بقدراتها على تطبيق ما يحمله المشروع على الواقع العملي وليس المطلوب هو حياكة المؤتمرات وابتكار العراقيل وسياسة الضد للمشروع الاصلاحي وللمجتمع

العدد 212 - السبت 05 أبريل 2003م الموافق 02 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً