عندما يتحدث قادة الهرم في الإدارة الأميركية، سواء بإلقاء خطاب أو في مقابلة أو بعقد مؤتمر صحافي، أصبح المشاهد أو المستمع يعرف بدرجة معينة نبرة ذلك الخطاب أيا كان غرضه. فنبرة العجرفة أصبحت سمة ملازمة لهذا الخطاب، أصبحت نبرة الآمر المتعالي الذي «يعتقد أنه يحكم العالم» هي الأسلوب الذي يستخدمونه في توجيه رسائلهم إلى الأمم والشعوب. صحيح ان هذا النوع من الخطاب يحقق - وللأسف - في كثير من الأحيان الأهداف التي تسعى إليها أميركا، غير أنه يبقى سؤال يستحق الإجابة: هل ان نبرة الخطاب تحمل دلالة على قوة هؤلاء الساسة؟ هل بوش وتشيني ورامسفيلد وباول ورايس فعلا أقوياء، ولذلك يخاطبون العالم بهذه النبرة؟ لا أعتقد ذلك...
أنا أرى ان كل واحد من هؤلاء - وهم يسيرون على خطى من سبقهم من القادة الأميركان - عبارة عن كتل من العقد النفسية. السياسي الضعيف وحده هو الذي لا يجيد سوى نبرة التهديد والكذب السياسي، ليخفي ضعفه أمام جميع من يراه أو يستمع إليه من دون أن يعرف حقيقته. ومن الحقائق المعروفة أيضا كصفة ملازمة لمنتسبي الحزب الجمهوري هي الرغبة الدائمة في إثارة الأزمات والحروب. وهذه هي الحقيقة التي سعوا ووصلوا إليها في شن الحرب على العراق الشقيق. بحجة نزع أسلحة الدمار الشامل، شنوا حربا شعارها «تحرير العراق»، راح ضحيتها الآلاف وذاق طعم عذابها الملايين. وخلال هذه الحرب المستمرة منذ 17 يوما استمرت النبرة المتعجرفة نفسها واستمر الكذب السياسي وأصبح تجار النفط يهددون أيضا الدول المجاورة للعراق- سورية وإيران- بالحرب في حال مساعدة العراق بصورة يراها الأميركان «إرهابية». والحقيقة أن جميع المحاولات لمساعدة العراق بالصورة التي لا يرتضيها تجار النفط سوف لن تقبل، وهذا ما يعلنونه لجميع الدول حتى حلفاء أميركا. ولقد ضاق بعض حلفائها ذرعا - في بعض المراحل - بتصريحات «هؤلاء السياسيين» إلى درجة أنهم طلبوا من جورج بوش الابن تكميم أفواههم لكثرة ما نطقوا بكلام (غير موزون). ينبغي، وكما يفعل من تحرروا من «عفريت» أميركا والخوف من جبروتها، ان تقال الحقيقة وبجميع اللغات حتى يسمعها الجميع وفي كل مكان... العجرفة الأميركية خواء من الداخل
إقرأ أيضا لـ "خليل الأسود"العدد 212 - السبت 05 أبريل 2003م الموافق 02 صفر 1424هـ